حمد حسن وزير بحجم حكومة
كتب ناصر قنديل
- القضية لا تتصل فقط بالمداهمات الأخيرة التي تشكل بوجهتها وشجاعتها وندرتها وساما على صدر الوزير حمد حسن ، حيث ندر ان يقدم وزير محسوب على جهة سياسية وطائفية بفتح دفاتر الفساد والإحتكار لمحسوبين على بيئته والمحيطين بها ، مقدما مثالا لمفهوم المسؤولية الوطنية والضمير والأخلاق والإنسانية ، فليس للمحتكر دين ولا طائفة ولا منطقة ولا حزب ، والمحتكرون طائفة واحدة وحزب واحد ، يتحملون مسؤولية زهق أرواح وبكاء ونزيف .
- القضية ان الوزير حمد حسن قدم خلال فترة عمل الحكومة قبل استقاتها منذ سنة نموذجا للحيوية والنشاط وروح المسؤولية ووضوح الرؤية وامتلاك الخطة واتقان الملفات ومقاربتها ، مشفوعا بالتواضع والتواصل مع الناس بلا ضوابط اتيكيت وبروتوكول ، بمفهوم انا خادمكم ولست سيدكم ، وكانت التجربة المشرفة في مواجهة أخطر التحديات التي تعاملت معها الحكومة والتي تمثلت عام 2020 بتفشي وباء كورونا ، وكان النجاح الوحيد الذي يحسب للحكومة داخليا وخارجيا هو في الوزارة التي يتولاها الدكتور حمد حسن بينما كانت هذه الوزارة نفسها مصدر اخفاق الحكومات في اغلب بلدان العالم .
- بالرغم من هوامش ضيقة تركتها القوانين لحركة الوزارة في مواجهة هيمنة التجار على سوق الإستشفاء والدواء منذ ايام معركة التجار مع الوزير إميل بيطار في السبعينيات والتشريعات التي نجحوا بتمريرها لحماية هيمنتهم على القطاع ، وبالرغم من فساد الكثير من الأجهزة الحكومية الرقابية ووجود رموز فيها على لوائح المحظيين لدى المحتكرين ، خاض الوزير حمد حسن مواجهة مفتوحة مع هؤلاء ، وفرض إيقاعه على الاجهزة المتكاسلة والمتخاذلة ونجح بجرها وراءه في الكثير من المرات ، رغم تعرضه لحملات ممولة ومبرمجة من كارتلات الدواء .
- عندما استقالت الحكومة وجد اغلب الوزراء فرصة لتبرير كسلهم وتخاذلهم اللذين كانا عنوان تعاملهم مع المسؤولية ما قبل الإستقالة ، فتحول تصريف الأعمال عندهم الى عطلة مفتوحة وتغيبوا عن مكاتبهم واطفأوا هواتفهم وتخلوا عن كل مسؤولية ، لكن الوزير حمد حسن بقي يعمل بهمة ونشاط كأنه عين بالأمس في هذه المسؤولية ، والأهم انه بقي مستعدا لتعريض نفسه لمواجهة جماعات تملك نفوذا في السياسة والإعلام قادرة على خوض حرب تشويه وتشهير تلحق بمستقبله ما بعد الوزارة ، لكنه لم يضع امامه سوى ضميره ومسؤوليته الأخلاقية والوطنية والإنسانية .
- فقأ الوزير حمد حسن حصرمة في عيون من يتقنون اللعبة السياسية والطائفية فمبادرته للمداهمات لمستودعات وصيدليات بمعزل عن هوية أصحابها وبيئاتهم ومزاعم إنتماءاتهم ، وتخصيص البيئة التي ينتمي اليها بالحصة الأولى ، يقدم درسا بليغا لمعنى تحمل المسؤولية ، لكنه يكشف حجم القرار المتخذ من قادة هذه البيئة برفع الغطاء عن أي مرتكب او محتكر ، يتمنى اللبنانيون ان يشمل الجميع بمثل ما يتمنون ان تنتقل عدوى الهمة وروح المسؤولية من وزير الصحة الى سائر الوزرارات ، في حكومة تصريف الأعمال وأي حكومة قادمة .
- اللبنانيون يريدون حكومة تشبه حمد حسن ويرونه وزيرا بحجم حكومة ، وان قيض لهم أن يختاروا وزير وحيدا من الحكومة الحالية يعاد توزيره لكان اسم حمد حسن وحده .
- في لبنان كفاءات واصحاب قيم واخلاق وروح مسؤولية ، من كل الطوائف وفي كل المناطق ، والبيئات السياسية ، مؤهلون لتولي الأدوار القيادية ، يشبهون حمد حسن ، لكن الأمر وقف على أن تقوم المرجعيات التي تتحمل مسؤولية تسمية الوزراء والمدراء بالإتيان بهم الى مواقع المسؤولية .
2021-08-26 | عدد القراءات 1600