الإحتكار الأكبر والقضاء الغائب كتب ناصر قنديل

الإحتكار الأكبر والقضاء الغائب 

كتب ناصر قنديل

- ينشغل اللبنانيون بملاحقات الجيش اللبناني ووزير الصحة لمستودعات المحروقات والدواء ، وهي جهود تستحق التنويه ، ونقطة الضعف فيها عدم ملاحقة المرتكبين وانزال اشد العقوبات بهم ، وهي خارج نطاق مسؤوليات الجيش والوزير ، بل هي من مسؤولية القضاء الذي لا يخفف من مسؤوليته ضعف النصوص القانونية في جرم الإحتكار ، لأن ثمة جرائم متعددة تختزنها جرائم المحتكرين وبيد القضاء تحريك الملاحقة على أساسها ، من جريمة القتل العمد الإحتمالي ، التي يلاحق المحقق العدلي بإسمها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ، والقضاء يحقق مضمون بيت الشعر الشهير للشاعر الكبير أبي الطيب المتنبي :

"ووضعُ الندى في موضعِ السيفِ بالعلا      مُضِرٌّ كوضعِ السيف في موضع الندى"

- الإحتكار الأكبر خارج نطاق مسؤولية الجيش والوزراء ، لكنه من صلب مسؤولية القضاء ، وهو احتكار الشركات الكبرى سواء في سوق الدواء او سوق المحروقات ، وهي الشركات المستوردة ، التي تشكل المستفيد الأول من الدعم ، والمصدر الأول لحرمان الناس من عائداته ، فهل يعرف القضاء أو يستاءل ليعرف ، عن الوجهة الحقيقية للإعتمادات التي يفتحها مصرف لبنان وصدقية الكميات المستوردة ، وتوزيعها ، ويطابق بين اللوائح الخاصة بكليهما ، وهل ينتبه القضاء الى ان هناك مال عام يتم توظيفه لتغطية رأس مال الإستيراد لحساب الشركات يعادل عشرة اضعاف ما توظفه هذه الشركات ما يجعل المواد المستوردة عهدة عامة يتوجب التحقق من كيفية التصرف بها ، والقضاء وحده يملك هذه الصلاحية .

- تترهل وتتراجع صورة القضاء في عيون اللبنانيين ، ولم تنفع حملة الترويج للمحقق العدلي وتحرك جمعيات ومؤسسات إعلامية لمنحه صورة البطل ، فالناس تشعر بغياب القضاء عن حيث يجب حضوره ، وتشعر بحضور مفتعل حيث يحضر ، فالناس رغم أن الغضب يدفعها لطلب رؤية رؤوس كبيرة تتدحرج حتى لو خارج نطاق مفهوم العدالة ، لا تصدق ان حصر الملاحقة برئيس حكومة تصريف الأعمال من بين رؤساء الحكومات الذين توالوا على المسؤولية والنترات تصحو تنام في مرفأ بيروت ، يمثل تجسيدا للعدالة وترجمة للسعي للحقيقة .

- قبل الحديث عن رفع الحصانات تنتظر الناس رواية يقدمها المحقق العدلي لكيفية حدوث الإنفجار ، وسياق منطقي لتبرير توزيعه للمسؤوليات وفقا لهذه الرواية ، والإصرار على المضي بالملاحقات على قاعدة طلب الثقة العمياء تستهلك ما تبقى من هذه الثقة وهو قليل وقليل جدا .

2021-08-27 | عدد القراءات 1507