جريمة حسان دياب نقاط على الحروف ناصر قنديل

جريمة حسان دياب 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- يعرف الذين ينادون بمثول الرئيس حسان دياب أمام المحقق العدلي طارق البيطار ، أن الأمر ليس مثولا ، بل قبول الإستدعاء كمتهم ، وهو ما يعني التعرض لتجربة شبيهة بتجربة الضباط الأربعة في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ، وهو ما تكشفه مذكرة الإحضار والتلويح بمذكرة توقيف ، فعلى هؤلاء عدم التذاكي والقول علنا انهم يطالبون بتوقيف الرئيس دياب كمتهم بجريمة تفجير المرفأ دون مواربة ، ودون حديث عن أن الجميع تحت سقف القانون ، لأن الحقيقة هي ان الجميع ليسوا تحت سقف القانون بدليل السؤال لماذا حصر الإدعاء بالرئيس دياب دون سائر رؤساء الحكومات ، والنترات التي تفجرت في المرفأ بقيت ست سنوات في عهود ثلاثة رؤساء حكومة سواه ، ولا يشفع لهؤلاء ما لم يقدموا رواية مقنعة لإنتقاء إتهام دياب ، بأن يثقلوا آذاننا بالمقولة السمجة للثقة بالقضاء ورفع الحصانات ، للتهرب من النقاش الجدي في جريمة حسان دياب .

- جريمة حسان دياب ليست أنه رئيس حكومة وأن الموقع يمثل طائفة ، كما ذهب كلام بيان رؤساء الحكومات السابقين ، وكلام مفتي الجمهورية ، والا لماذا حصر به دون سواه من رؤساء الحكومات المتعاقبين على ملف النترات ، أمر الإتهام والملاحقة ، وليست جريمة حسان دياب التي تستوجب الملاحقة هي التهاون الوظيفي أو التقصير الإداري ، كما تقول مطالعة القاضي بيطار ، وإلا لإرتضى المحقق العدلي المعادلة التي ينص عليها الدستور وتدعو لمحاكمته أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ، لأنه لايتطلع في حالة التقصير الإداري لما هو أكثر مما يخشى أن يفعله هذا المجلس ، فلماذا يخوض معركة الصلاحيات ضد النص الدستوري غير آبه بالتبعات ، هل هي الشجاعة في ملاحقة المجرم ، طالما انه  لن يستطيع فعل المثل مع الوزراء النواب المحميين بالحصانة النيابية التي لن يجرؤ المحقق العدلي على كسرها ، لأن كل اجتهاداته لن تنفع في تخطيها ، وهو يسلم بذلك بدليل طلبه رفع الحصانة عن الوزراء النواب تمهيدا للسير بملاحقتهم ، وهكذا يصبح المجرم الذي يجب إذلاله وتوقيفه  هو حسان دياب حصرا ، وهذا هو التفسير الوحيد لإصرار المحقق العدلي على رفع سقف الملاحقة والسير بها منفردة أمام الإستحالة التي تواجهه في سواها ، اي في حالة النواب والمدراء العامين الذين فشل في نيل الإذن بملاحقتهم .

- حسان دياب مجرم الجمهورية ، ليست قضية لإرواء عطش الغضب لدى أهالي شهداء التفجير من باب الشعبوية ، بل العكس هو الصحيح ، يتم الإستقواء بآلام هؤلاء الموجوعين للإحتماء بهم لمواصلة الملاحقة ، والقضية ليست كما قال بيان رئاسة الجمهورية ، بأن الخلاف مع ملاحقات المحقق العدلي وإنتقادها ، هو مشاركة بتهميش القضاء ، وأن مجرد أن تتم الملاحقة من المرجع القضائي المختص بحق الموقع الدستوري ، فذلك لا ينتقض من هذا الموقع ، فنحن يا فخامة الرئيس أمام حملة ديماغوجية للنيل من حسان دياب والإحتماء بالعنوان القضائي ، ولا نريدك أن تتورط في توفير الغطاء لها ، فالرئيس دياب الذي تختلف معه على الكثير من الآداء خصوصا عدم دعوته للحكومة الإجتماع لا يستحق هذا العقاب ، ونحن مثلك لنا الكثير من الإنتقادات على الرئيس دياب ، لكننا نعذره ، ونحملكم كحلفاء له جميعا دون استثناء مسؤولية الكثير مما ننتقده عليه ،  بسبب تحمله منفردا مسؤولية ضخمة في ظرف شديد القسوة ، وفي وقت تخلى عنه جميع الحلفاء ، وإعتبارهم لوجوده على رأس الحكومة مجرد ملأ لوقت ضائع ، بعضهم لوهم المجيئ بالرئيس سعد  الحريري ، وبعضهم لوهم المجيئ بمرشح يعتقدون انه الأصلح لبرامجهم ، لكن هل تعلمون جميعا لماذا يلاحق الرئيس دياب وما هي جريمته ؟ لو علمتم لقلتم كوطنيين لبنانيين رفضوا الإنصياع للمشيئة الأميركية ، أكلنا جميعا يوم أكل الثور الأبيض !

- هناك دبلوماسي أميركي شهير خرج عام 2005 وفي ذروة التحضير لإقتحام قصر بعبدا بتجيير مسيرات 14 آذار نحو القصر ، وقال أمام زواره على العشاء وكانوا بالعشرات ،  اليوم سيدفع الرئيس اميل لحود ثمن تجاهله لوزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية  مادلين اولبرايت عام 2000 ، ونقول اليوم يراد أن يدفع الرئيس حسان دياب ثمن تجاهله لتعلميات السفيرة الأميركية ، يوم قال لها ردا على تدخلها في تعيينات مصرف لبنان ، أجد نفسي مضطرا  لتذكيرك  بأننا نتحدث عن مصرف لبنان المركزي وليس عن المصرف الفدرالي الأميركي !

- المطلوب صورة لحسان دياب مكبل الأيدي ، وراء القضبان ، ليس للقول بأن القضاء أعلى من الجميع ، ولا للقول لقد كشفنا المجرم الذي فجر المرفأ وها هو يلقى العقاب ، بل للقول هذا هو مصير من يفكر ان يتجرأ على المشيئة الأميركية ، فليكن عبرة لمن يفكر بالتجرؤ ، وواشنطن تثأر ولو متأخرة ، قد لا يكون القاضي بيطار على علم ذلك ، لكن هناك من يعلم ورسم هذا السياق وجعله سقفا لمعيار نجاح المحقق العدلي في المهمة ، وليس مهما ان يزعج هذا الكلام الرئيس دياب ، فهذا الكلام ليس  لنيل رضاه ، لكن قول الحق واجب ولايجب ان نخشى فيه لوم لائم .

2021-08-28 | عدد القراءات 1933