مغدوشة وعنقون وتعكير المياه الصافية
كتب ناصر قنديل
- الأحداث المؤلمة التي شهدتها بلدتان تجمعهما علاقة تاريخية متينة هما مغدوشة وعنقون ، تكرر ما يشبهها وأكثر بين عكار العتيقة وفنيدق ، وبين عائلات وعشائر بقاعية ، لكن كل الأصوات التي تناولت هذه الحوادث المشابهة بقيت تركز على أهمية تولي مؤسسات الدولة القضائية والأمنية بسط الأمن وملاحقة المتورطين ، ولم نسمع كلمة قلق على السلم الأهلي من أحد ، رغم ان أحداث فنيدق وعكار العتيقة اتخذت منحى طائفي بين البلدتين واستعملت فيها اسلحة متوسطة وثقيلة .
- بعض الأصوات التي حاولت الدخول بذريعة الحرص على خط أحداث مغدوشة وعين قون ، ورأت فيها خطرا على السلم الأهلي وذهب بعضها الى تصويرها استهدافا للعيش الآمن لمكون لبناني طائفي في بيئة شراكة مع مكونات طائفية أخرى ، هي ذات الأصوات التي قادت منطقة شرق صيدا وحاولت توريطها ومنها مغدوشة في حروب طائفية ، والتي شكل انسحاب مسلحيها من هذه المنطقة مدخلا لإستعادة العيش المشترك فيها ، وحفظ وجود أهاليها من التهجير الذي حمله مسلحو هذه الأطراف لأبناء مناطق لبنانية عديدة تنقلوا بينها ، وشكلوا فيها المصدر الرئيسي لتهديد العيش المشترك ، والمفارقة في منطقة شرق صيدا كانت بحجم رفض أهالي وسكان المنطقة لتلبية نداء الحرب التي حملها معهم هؤلاء المسلحون ، انطلاقا من تمسكهم بالعيش المشترك ، ومن وجود قيادات سياسية وروحية في هذه البلدات لها كلمة مسموعة تؤمن فعلا بالعيش المشترك .
- بالتوازي كان على الضفة الطائفية المقابلة قيادات وقوى تؤمن بالعيش المشترك ، رفضت الإستجابة لإغراء لعبة الكانتونات والمناطق الطائفية الصافية ، وكانت حركة أمل والرئيس نبيه بري في طليعتها وشكلت في حروب الثمانينات بوليصة تأمين الحفاظ على الوحدة الوطنية في مناخ الفرز الطائفي المقيت .
- المطلوب اليوم أكثر من اي وقت مضى النظر لكل إشكال أمني مؤسف تنتجه الأزمات المعيشية القاسية وسوء ادارتها من مؤسسات الدولة كافة ، بإعتباره من ثمار مشروع الفوضى الذي يراد للبنان السقوط فيه ، والإبتعاد عن كل إستثمار طائفي أو فئوي لإستغلال هذه الحوادث بوهم إستخدامها بوجه المقاومة وبيئتها ، والمطلوب من القوى السياسية والفعاليات الشعبية والدينية في بيئة المقاومة التنبه لخظورة ما قد يستدرج اليه البعض بضغط اغراء الاستقواء في مناخ الأزمة لتأمين حلول فردية تؤذي العيش المشترك وسمعة قوى المقاومة وبيئتها وتمنح المتربصين فرصة للإصطياد في الماء الصافية بعد تعكيرها .
2021-08-30 | عدد القراءات 1600