ميقاتي يعلن حكومة "العزم والأمل " ...وعون : افضل الممكن ...وبري : حيا على خير العمل
24 وزيرا بتوازن دقيق لمعادلة الثلث المعطل ومنح الثقة ...بتوقيت فرنسي عشية فيينا
سفينة حزب الله أسقطت الفيتو الأميركي على ولادة الحكومة وحولته حماسا لإستعجالها
كتب المحرر السياسي
ولدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثالثة وحكومة عهد الرئيس ميشال عون الرابعة ، وربح لبنان فرصة الخروج من نفق الإنهيار ، بعد حرب ضروس استثمر خلالها الفساد والإحتكار مليارات الودائع المحجوزة في التهريب والسوق السوداء والتحويل اللاشرعي للأموال تحت ستار الدعم الفوضوي المبرمج لتبديد الأموال وإشهار الإفلاس ، فالإفلاس كان مطلب صاحب الحرب التي خاضها على ثلاثة جبهات ، إقتصادية مالية لتسريع السقوط الى القاع وتعميم الفوضى والجوع ، وسياسية لمنع ولادة حكومة جامعة ودفع المقاومة لتحمل مسؤولية الإنهيار ، وبالتوازي حرب إعلامية منظمة عبر الإمساك ماليا بأضخم مؤسسات الإعلام تحت عناوين الثورة ومكافحة الفساد ، وتنشيط منظمات بديلة للإمساك بالشارع تحت عنوان تحميل المقاومة وسلاحها مسؤولية الأزمة وتفاقهمها ، وتحويل كل المساعدات الخارجية من فساد مؤسسات الدولة الى فساد منظمات المجتمع المدني ، بأمل قطاف النتائج في الإنتخابات النيابية .
الحصار المالي بوقف كل التدفقات بالعملة الصعبة عن لبنان ، من تحويلات الإغتراب التي لاحقتها العقوبات بتهمة تمويل حزب الله وشبهات التبييض والمخدرات المفتعلة ، الى السياحة التي كان الخليج موردها الأول قبل المنع السياسي ، وصولا لقطع شريان التجارة والترانزيت عبر العقوبات على سورية ، واستنزاف ما تبقى من مقدرات عبر تعطيل كل حل لعودة النازحين السوريين رغم جهوزية الدولة السورية لتسهيل العودة ، والحصار السياسي الذي بدأ بإستقالة الرئيس سعد الحريري قبل سنتين تلاه حرم التعامل الداخلي والخارجي مع حكومة الرئيس حسان دياب وصولا لإسقاطها بالضربة القاضية ، وبعدها تعطيل فرص ولادة الحكومة مع تكليف كل من السفير مصطفى أديب وإعادة تكليف الرئيس سعد الحريري وصولا لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي ، الذي كاد يصطدم بذات عقبات التأليف ، لولا ان حدث ما لم يكن في الحسبان وتغير المشهد رأس على عقب .
التقطت المقاومة لحظة الإنسحاب الأميركي من أفغانستان ، والإنهزام الإسرائيلي أمام المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس ، وقررت تحويل تحدي الإنهيار الى فرصة ، ووضعت خطة فك الحصار من خلال تحويل سلاحها الى مصدر قوة تحمي الحل الذي يخفف المعاناة عن اللبنانيين الذين وحدتهم طوابير الذل وأوجاع الأزمات التي التهمت مداخليهم ، واضاعت ودائعهم ، وكان إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن انطلاق سفينة أولى تحمل المازوت من إيران وفقا لمعادلة تحذيرية واضحة ، السفينة قطعة أرض لبنانية ، واضعا الأميركيين والإسرائيليين بين خياري الإنكفاء وترك المقاومة تفتح مسارا يكسر الحصار ، ويفتح مسارا لمواجهة التحديات الإقتصادية ، والسلاح الذي أراد الأميركي تظهيره سببا لأزمات يتحول الى قوة تحمي الحلول ، أو دخول مواجهة يعرف الجميع ان نتائجها ستكون في غير صالح الأميركي والإسرائيلي في ظروف اقل ما يقال فيها انها غير مناسبة ، فيكون خيار واشنطن الثالث ، البدأ بالتحول من بوابة التراجع الأميركي الى ما قبل ساعة بدء الحرب على لبنان أملا بإسقاط مقاومته ، فاتحا ثغرة في العقوبات على سورية لتسهيل إستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن ، ويندفع لتسريع تشكيل حكومة ينادي بها حزب الله ويسعى اليها عساها تكون بديلا يوقف تداعي فرض معادلات الردع في البحار والعودة للإكتفاء بها في اليابسة .
لم يكن التبدل في النبرة الفرنسية دليلا كافيا على الموقف الأميركي الجديد ، فتحركت الدبلوماسية الأميركية مباشرة من واشنطن عبر مساعدة وزير الخارجية تتابع يوميا مسار التأليف ، وأعطي الضوء الأخضر لفرنسا بعدما حجب عنها سنة كاملة ، فإتصل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بالرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي داعيا للتعاون في تسريع تشكيل الحكومة ، فكانت الحكومة التي وصفها رئيسها بحكومة العزم والأمل ، وقال عنها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنها أفضل الممكن ، وعقب رئيس مجلس انلواب نبيه بري على ولادتها بالقول حيا على خير العمل .
عن توازنات الحكومة تقول المصادر المتابعة لمسار تأليفها انها طمأنت رئيس الجمهورية لمخاوفه من الفراغ الدستوري وتحول صلاحيات رئيس الجمهورية الى الحكومة ، ما كان يشكل سبب قلقه من عدم امتلاك الثلث المعطل ، بضمان اجراء الإنتخابات النيابية في موعدها ، وبتثبيت حقه باستقطاب الوزراء المسيحيين الى معسكره اذا وقع الفراغ الدستوري ، لضمان التوازن الوطني بين الطوائف في حكومة ترث صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يمثل المسيحيين في الدولة ، بينما ضمنت للرئيس ميقاتي غياب الثلث المعطل حتى نهاية ولاية مجلس النواب ، اي نهاية العمر الدستوري للحكومة ، وبالتالي اصطفاف الوزيرين المسيحيين المتفق على عدم تبعيتهما لأي معسكر سياسي خارج حصة رئيس الجمهورية حتى موعد الإنتخابات النيابية ، ليكون تزخيم هذه التسوية المرضية للفريقين بمنح التيار الوطني الحر الثقة للحكومة .
المصادر التي تؤكد ان الحكومة كانت جاهزة للإعلان منذ الإثنين ، وان كل التعديلات التي لحقتها منذ الإثنين كان يمكن ان تحدث بساعات اذا التقى الرئيسان ، لكن التوقيت الفرنسي للإعلان كان على صلة بالتواصل الفرنسي الإيراني المستجد ، والرغبة الفرنسية بتظهير ولادة الحكومة كثمرة لهذا التواصل في سياق تحضير باريس للعب دور في مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني ، والمتوقع عودتها الأسبوع المقبل في ضوء الإتصالات التي حملتها الساعات الأربعة والعشرين الماضية ، بعدما نجحت المداخلة الروسية بالتوصل الى معادلة العودة غير المشروطة لما كان عليه الوضع عشية الإنسحاب الأميركي من الإتفاق قبل ثلاثة أعوام ، سواء لجهة العقوبات الأميركية او الإلتزامات الإيرانية .
2021-09-11 | عدد القراءات 1537