مآخذ على الحكومة ام مصادر قوة لها ؟
كتب ناصر قنديل
- بمعزل عن الحملات التي تستهدف الحكومة بمفردات طرائف تستند الى هفوات شخصية لوزرائها ، أو لتحميل مواقفهم ما لا تحمل ، يركز الذين يسوقون فكرة اللاثقة بالحكومة شعبيا وسياسيا وإعلامية الى نظريتين ، الأولى انها حصيلة مداخلات دولية وإقليمية وليست صناعة لبنانية ، فيطلق عليها الكثير من هؤلاء طعنا بوطنيتها تسمية حكومة ماكرون رئيسي ، في الإشارة الى الإتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي بالرئيس الإيراني طلبا للتعاون في تسريع تشكيل الحكومة اللبنانية قبل ولادتها بأسبوع ، أما الثانية فهي إعتبار الحكومة إمتدادا للحكومات السابقة من زاوية انها ليست حكومة إختصاصيين مستقلين ، بل حكومة إختصاصيين إختارتهم قوى سياسية تشكل مرجعياتهم ، للطعن بقدرة الحكومة على الإنفصال عن المشهد السياسي السائد .
- من الواجب أن نتفهم هذه الإنتقادات ، سواء ما يصدر منها عن إحباط بعض الذين راهنوا على الطريق المسدود الذي يواجهه المسار الحكومي ، مستندين الى قوة القرار الخارجي قبل ان تكسره مسيرة سفن المقاومة ، وامل هؤلاء ببلوغ الفراغ والفوضى ، او ما يصدر عن أصحاب نوايا تغيير صادقة أحبطهم فشل المسار الذي ولد قبل سنتين بالرهان على فرضية سقوط التشكيلة السياسية السائدة لصالح نماذج المجتمع المدني ، بدعم خارجي ، وهم يجدون اليوم أن ام يجري هو تعويم للحال التي كانت قبل الأزمة ، ليتساءلوا عما اذا كانت الحلول قابلة للولادة على يد من ولدت الأزمة في عهدتهم وعهودهم ؟
- للذين يريدون التغيير الجذري نقول ان منع الفراغ والفوضى وانقسام البلاد جغرافيا وطائفيا الى كانتونات يجب اتن يشكل ممرا أجباريا يحرص على حمايته كل دعاة التغيير ، والإنتخابات النيابية على الأبواب وهي فرصة التغييريين لإثبات تميزهم وحضورهم المستقل والنوعي ، وليس الرهان على الخراب للقول انظروا ماذا فعلت ما يسمونها بالطبقة السياسية او المنظومة ، خصوصا ان أحد أسباب انكفاء الناس عن التحركات احتجاجا على ولادة الحكومة بعدما ملأت مثلها الشوارع قبل أقل من عامين ، عائد اىل فشل النماذج التي قدمت الى اللبنانيين كبديل في نيل ثقتهم ، والدليل هو الحاصل اليوم من تمنيات لبنانية شعبية كاسحة بأن تنجح الحكومة الجديدة بالحد من تفاقم الأزمات ، ومنع الإنهيار ، بعدما تقلصت احلام اللبنانيين الى قبول الحد الأدنى من كرامة العيش بالحد الأدنى من المقومات .
- المناخ الدولي التوافقي الناجم عن تبدل في اللوقف الأميركي والغربي في التعامل مع لبنان من سقف أعلى يراهن على سقوط لبنان على رأس المقاومة ، الى قبول كسر الحصار تفاديا لما يسميه افسرائيليون سقوط لبنان في حضن حزب الله ، هو نتاج وطني لبناني ، يجعل الحكومة المولودة برعاية خارجية ثمرة لهذا البعد الوطني اللبناني .
- يبقى الأهم واقعيا ، هو أن النجاح في منع الإنهيار وتخفيف حدة المعاناة ومنع الفراغ والفوضى ، مهمة تحتاج تعاون الفاعلين في الخارج والداخل ، فهل يمكن النظر لهذا التعاون ان يوصف بالمأخذ ام بنقطة القوة ، وقد سبق الكثير من الكلام عن ان صعوبة بلوغ هذا التعاون هو أحد عناصر الأزمة ، لتصل المطالبة بوضع المقاومة تحت عنوان التسبب بذلك ، فعندما زال الحظر صار مذمة ؟
- هل يمكن للحكومة ان تحقق المكلوب لمنع الفراغ والفوضى وبالتالي الخروج من نفق الإنهيار دون دعم القوى السياسية الأسياسية الفاعلة ، سواء بحماية خطواتها بعيدا عن السجالات وامناكفات ، أو بإقرار ما يلزم من تشريعات وقوانين ، وصولا لخلق البيئة المناسبة شعبيا لحماية الخطوات المطلوبة .
- يبقى للذين يحملون احلاما مشروعة ومطلوبة بالتغيير ان هذا شوط أول يعيد العربة الى السكة ، ليكملوا مسيرتهم نحو التغيير عبر خطاب لا طائفي تغييري وطني بعيد عن تأثير السفارات وبرامجها ، وصناديق الإقتراع هي المكان الطبيعي لإختبار النجاح والفشل .
2021-09-16 | عدد القراءات 1349