حزب الله من تساكن نموذجين للسيادة الى تساكن نموذجين اقتصاديين نقاط على الحروف ناصر قنديل

حزب الله من تساكن نموذجين للسيادة الى تساكن نموذجين اقتصاديين 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- لم يصغ الأميركيون لجدية وصدقية تحذيرات حزب الله من خطورة اللعب بشروط حياة اللبنانيين ، ولا إنتبه جماعتهم في المنطقة ولبنان إلى أنهم يلعبون بالنار ، عندما قرروا جميعا تجاوز الخط الأحمر الذي تصالح معه حزب الله ، والمتمثل بفرض العقوبات على الحزب ومؤسساته وصولا الى البيئة الأقرب اليه ، وتجاوب النظام المصرفي اللبناني مع الطلبات الأميركية بخلاف القوانين اللبنانية ، بل تطرف بعضهم أكثر من حدود هذه الطلبات الأميركية ، وكانت معادلة الحزب يومها انه لن يتسبب بأزمة ويعرض لبنان لأزمة طالما أن الإستهداف محصور به وبمن يدور في فلكه ، وربما يكون هذا التهاون النابع من الحرص قد فهم ضعفا كما حدث مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة التي اتخذت قرار تفكيك شبكة اتصالات المقاومة ، بناء على الرهان على أن المقاومة لن تستخدم سلاحها في الداخل ، حتى ظهرت معادلة السلاح يحمي السلاح وفاجأتهم ، وهذه المرة ربما يكون أصحاب العقوبات قد اعتقدوا ان الإنتقال منها الى الحصار الهادف لإسقاط لبنان ، سيضع حزب الله في منطقة حرجة لا مكان فيها لمعادلة السلاح ، ما سيجعل باب العبور للخروج من الإنهيار واحدا ، وهو إستجابة حزب الله لراي عام لبناني جامع سيتبلور انطلاقا من بيئته المباشرة ، تحت ضغط الإنهيار ، يطالبه بالتفاوض على دوره وسلاحه ، لقاء فك الحصار عن لبنان .

- بدأ الأميركيون ينتبهون لحجم الخطأ في الحساب الذي ارتكبوه ، وما كتبته النيويورك تايمز ليس الا بعض المكتوب والمتداول في مراكز الدراسات حول الإخفاق الكبير ، لأن القضية التي يريد البعض في لبنان اختزالها ببعض صهاريج المازوت ، ويتندرون على سداد الرسوم عنها ، ينظر اليها الأميركيون بالفشل الكبير ، وقد فرضت عليهم خلال ساعات استدارة كاملة من مشروع الذهاب إلى الإنهيار الكبير بلبنان وفقا لخطة مايك بومبيو ، الى حمل الراية بالنيابة عن حزب الله للقول للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة أن الأولوية هي لتسريع ولادة الحكومة  وضمان ولادتها قبل وصول الصهاريج الناقلة لحمولة السفن الى لبنان خلال 48 ساعة ، ولو اقتضى الأمر تمرير نسبي لمفهوم الثلث المعطل ، من جهة ، ومن جهة موازية الإعلان الفوري عن رفع الحظر على التعاون مع سورية خلافا لقانون قيصر ونظام العقوبات وفك الحصار عن استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري عبر سورية ، بعدما كان حزب الله يدعو مرارا لإعتبار الكسر البري للحصار بديلا مقبولا لصرف النظر عن مبادرته لفرض كسر الحصار بحرا ، ولم يأخذ الأميركيون إشاراته على محمل الجد .

- المعادلة الإستراتيجية الجديدة التي أنشاتها مبادرة حزب الله ، نشأت عن ركنين ، ركن يتصل بحسابات القرار بإستقدام السفن ومعانيه وأبعاده ، وركن يتصل بحسابات الإستقدام البري لحمولة السفن عبر سورية ، ومعلوم سلفا ان كل ما ينتزع من بين أنياب المعادلة الدولية تسقط مبررات وقدرات تعطيله لبنانيا ، ويصير أمرا واقعا ، ولحزب الله تجربة طويلة ومعقدة في مجال حفظ سلاح المقاومة وتطويره مع هذه القاعدة وما حملته من خبرات ، فقد شهدت مرحلة ما بعد صدور القرار 1701 تجاذبا داخليا وخارجيا انتهى لصالح الإقرار الأميركي بإستحالة وضع السلاح على طاولة التفاوض ، تحت تأثير الإقرار بالعجز عن خوض الحرب بوجهه لإعتبارات الإرتباك الشامل في المشروع الأميركي والخطر الذي سيصيب كيان الإحتلال العاجز عن تحمل تبعات أي حرب يخوضها او يتشارك مع الأميركي بخوضها ،  فإنتهى الأمر داخليا بالتسليم بتساكن نموجين للسيادة ، واحد يمثله الجيش والاخر تمثله المقاومة ، وفي المجال الإقتصادي إستهان الأميركي وجماعته العربية واللبنانية بحجم قدرة حزب الله على الخوض فيه ، والقول بأنه عاجز عن نقل خبرته في مجال المقاومة الى هذا الميدان المعقد والغريب على عقل الحزب وخبرته ، فجائت معادلة السفن تقوم على تصاعد متدرج في موقف الحزب بالتناسب مع تصاعد أزمة المحروقات وضغطها على اللبنانيين بلا إستثناء ، وصولا لإعلان صاخب بلغة التحدي ينقل معادلة الردع الى عالم البحار الممتدة من مضيق هرمز وبحر عمان الى مضيق باب المندب وصولا البحر الأحمر وقناة السويس و نهاية بالبحر المتوسط ، واضعا الأميركي والإسرائيلي أمام تسييل معادلة السلاح في الإقتصاد ، وتقديم السلاح المطعون بخدمته للبنانيين وتصويره مصدر أزماتهم ، بصفته حامي سفن الإنقاذ ، ليكتشف الأميركي أنه لم يحسب كفاية ويتوقع كفاية ما يخطط له حزب الله ، ويضطر للإختيار بين مواجهة خاسرة سياسيا وعسكريا ، في  توقيت حرج إستثمر على نتائج الإنسحاب الأميركي من افغانستان بذكاء التوقيت الإستراتيجي ، أو الإنكفاء والتسليم بإنتصار حزب الله ، فإبتكر خيارا ثالثا ، يبدو ان حزب الله كان مستعدا له ومرجحا لحدوثه ، هو الإندفاع سريعا للتسليم بمعادلة الردع في البر أملا بتقلصها تدريجا من البحر ، سواء عبر الحكومة المولودة بسرعة بشروط تحاكي طلبات حزب الله ، أو بإعتبار الحدود البرية مع سورية جزءا من معادلة الردع على البر ، والخيار بالنسبة للأميركيين وجماعتهم بين شرعنة العبور البري ، وما يعينه من تسليم بشرعنة سقوط الحصار واعلان نهاية زمن العقوبات ، وهذه هزيمة معنوية كبيرة ، أو غض النظر والتجاهل ، بمثل معاملة السلاح .

- ما ينشأ تدريجيا هو شريان اقتصادي في قطاع الطاقة الحيوي ، يعيد تشكيل السوق والتكتلات الإقتصادية ، والعلاقات الإجتماعية بين الطوائف والمناطق ، بعنصر تبريد للتوترات ، واطلاق عنصر استقطاب تفاعلي جديد مبني على مصلحة حيوية ، يتم صياغة التعامل معها بلغة وطنية جامعة تكسر جدران الفصل السميكة التي أنشأت لمحاصرة الحزب في شرنقة الطائفة ، أملا بتفجيرها حوله ، ونتيجة هذه المعادلة المستندة الى تساكن أميركي مع معادلة الردع في البر وشريان التدفق عبر سورية ، كمستجد يدخل الى المعادلة ، سيكون نشوء نموذج أقتصادي اجتماعي جديد ، يحمي الأكلاف المنخفضة للصناعة والزراعة ، من بوابة تخفيض فاتورة الطاقة ، ويقدم الرعاية الإجتماعية لقطاعات الصحة والخدمة الكهربائية للمولدات ، بفاتورة مخفضة ، ومحطات ضخ وتكرير المياه ، والهيئات الراعية للأيتام والعجزة بتحمل أعباء فاتورة توليد الطاقة عنها ، ليدخل لبنان عهدا جديدا عنوانه  ، كما التساكن بين نموذجين للسيادة تساكن مواز بين نموذجين إقتصاديين ، وكما فتح التساكن الأول باب التحرير والحماية ، يفتح الثاني بابا جديدا جدير بالبحث والإستقراء .

2021-09-18 | عدد القراءات 1652