حزن ميقاتي وأربعة أسئلة في القانون الدولي
مفاهيم تحدد مسألة السيادة في قوافل المازوت
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- طرح كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن توصيف عبور قوافل المازوت الإيراني الذي استورده حزب الله وجلبه عبر الحدود السورية دون الخضوع للإجراءات الحكومية ، بالإنتهاك للسيادة اللبنانية ، سؤالا عن مفهوم السيادة في قضية القوافل وعبورها ، من الزاوية القانونية ، وفقا لمعايير القانون الدولي ، لأنه ثمة ما هو معلوم من الزاوية السياسية بأن المقاومة لم تمتنع عن الإلتزام بالخضوع للإجراءات الحكومية عبر الحدود ، بل ان الحكومة هي التي فضلت عدم الإنخراط في اي صلة بالقوافل تلافيا لإثارة أي التباس يوحي بشراكتها تفاديا لتعرضها للعقوبات الأميركية ، كما هو معلوم ان كلام الرئيس ميقاتي عن انتهاك السيادة هو مقصد سياسي للقول ان الحكومة لم تكن على صلة ، طلبا لذات الهدف ، اي تفادي العقوبات الأميركية ، ما يستدعي فحص ومعاينة المصطلح والتحقق من مدى ملاءمته للحالة التي نتحدث عنها توصيفا واستنتاجا .
- السؤال الأول الذي يطرحه الموضوع هو طالما أننا لا نتحدث عن عقوبات دولية تحظر المتاجرة مع إيران او عبر سورية ، فما هو التوصيف القانوني للعقوبات الأميركية في حالة لبنان ، والجواب نجده في معاهدة لاهاي التي تتحدث عن مفهوم الإحتلال ، بصفته تعبيرا يتجاوز مجرد الوجود العسكري الأجنبي الذي لا يصبح إحتلالا إلا بمقدار ما يفرض مشيئته على الأرض التي توصف محتلة بذات نسبة سيطرة المشيئة الجنبية على إجراءاتها وتدخلها في تغيير وجهة ممارسة السيادة عليها ، فيصير السؤال هو ، لو لم تكن هناك عقوبات أميركية ، هل كان لدى الحكومة اللبنانية مشكلة في ان تتعامل بصورة سيادية مع القوافل ، وهل ان الذي استولى على الصلاحيات السيادية للدولة وحل مكانها هو الأميركي الذي استولى على سلطة السماح والمنع أم المقاومة التي كانت جاهزة للخضوع للإجراءات الحكومية ، وهل ان الحكومة لديها قرار سياسدي يحظر الإستيراد من إيران وعبر سورية خرقته المقاومة ، أم أن المقاومة خرقت قواعد الإتسيلاء الأميركي على هذا البعد من القرار السيادي للحكومة ؟
- عندما نوصف السيطرة الأميركية على القرار السيادي للدولة ، بالإحتلال لأنه يتولى ممارسة سلطة على أرض ليست أرضه ويفرض عليها تشريعات ليست نابعة من السلطات السيادية الشرعية ، يصير السؤال القانوني هل ان الحكومة بمؤسساتها السيادية قامت بما يلزم لردع هذا الإحتلال وتحرير بلادها منه ، أم أنها خضعت أو تغاضت أو استسلمت أو اعلنت عجزها ، وفي كل هذه الحالات التي لحظها القانون الدولي هل يصبح الإحتلال شرعيا ، ويصبح التسليم بمشيئة الإحتلال قانونيا ، والجواب قاطع بالنفي في كل المداولات والمناقشات الخاصة بحالة الإحتلال التي ينتهي البحث فيها بإعتبار المقاومة التي تنظمها الشعوب بوجه الإحتلال لإسقاط مشيئته هي الرد القانوني المشروع والسيادي .
- المقاومة المسلحة هي الجواب عندما يكون الإحتلال الذي يفرض المشيئة عسكريا ، وكسر المشيئة بذاتها بالتمرد على منردجاتها كدعوة الشعب لرفض دفع الضرائب لسلطات الإحتلال هو نوع من المقاومة المشروعة ، وفي حالة الإستيلاء الميركي على السلطة السيادية للدولة في تحديد شروط المتاجرة والعبور ، يكون كسر هذه المشيئة مقاومة مشروعة لا تقبل الإجتهاد ، يزيده مشروعية تلكؤ الحكومة او إستسلامها او تغاضيها او عجزها او خضوعها ، بما يجعل التخلي الحكومي عن ممارسة الحق السيادي وارتضاء استيلاء الجنبي عليه اطلاقا لحق المقاومة المشروع باسترداد هذا الحق وفرض ممارسته من الشعب الذي تمثله المقاومة ، كما في حال المقاومة العسكرية للإحتلال بالقوة العسكرية .
- وفقا للمفهوم القانوني للسيادة ، الذي ينتهك هو صاحب العقوبات الذي نصب نفسه صاحب المشيئة في فرض القوانين بدلا من السلطات الوطنية المحلية ، ليصير قوة إحتلال وفقا للتعريف القانوني ، وليست المقاومة التي تمردت على الإجراءات التي فرضها الإستيلاء على القرار السيادي للدولة وتلكؤ الدولة في مواجهة هذا الإستيلاء وخضوعها للمشيئة الأجنبية ، بل ان المقاومة تصبح قانونيا الممثل الشرعي للشعب في ممارسة السيادة في إسقاط الإحتلال بصفته مشيئة أجنبية تفرض تشريعاتها على الأرض الوطنية للدولة من خارج تشريعات والممارسات السيادية لمؤسسات الدولة وتشريعاتها .
2021-09-20 | عدد القراءات 1781