دولة الرئيس ميقاتي ...سورية ليست أي دولة !
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- ككل اللبنانيين الذين ليست لديهم مصالح وتطلعات تتجاوز مصلحة بلدهم ، ساندنا ولا نزال المهمة التي تصدى لها دولة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ، واستبشرنا ولا زلنا بالإنجاز المتمثل بإنهاء الفراغ الحكومي وسد الطريق أمام خطر الفوضى ، الذي حققه الرئيس ميقاتي عبر نجاحه بالتفاهم مع رئيس الجمهورية وتأمين ولادة الحكومة العتيدة ، ولذلك نكمل من ذات المنطلقات ، وكما يعلم الرئيس ميقاتي ، بمعزل عن تقييم المواقف المختلفة خلال الحرب التي شنت على سورية ، أن اللحظة الدولية والإقليمية ، في المنطقة عنوانها سورية ، وأن اللحظة الدولية والإقليمية للبنان عنوانها سورية ، والدلالة على الأولى بائنة ولا تغيب عن كل من يقرأ إشارات السياسات الدولية والإقليمية ، وتحملها الدعوة التي وجهها الأردن لوزير الدفاع السوري ، وما تضمنته الزيارة من عناوين للتعاون في ضبط الحدود والتنسيق الأمني والعسكري في أعقاب المعارك التي شهدتها منطقة جنوب سورية ، وكان الأردن فيها للمرة الأولى على ضفة التنسيق مع الدولة السورية ، والأردن هو دولة تمثل نقطة التقاطع الدولي والإقليمي في العواصم التي كانت في مراحل متفاوتة عنوان الحرب على سورية ، والتقاطع يبدأ بواشنطن ولندن ويمر بالرياض والقاهرة ، أما الدلالة على الثانية فقدمتها الإشارة الأميركية المباشرة برفع الحظر عن إستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية ، رغم قانون قيصر للعقوبات الذي كان لبنان مستهدفا أول فيه .
- في التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة تعقيبا على كل سؤال حول سورية ، قبل جلسة الثقة و خلالها ، حديث عن الإستعداد للإنفتاح على اي دولة ماعدا "إسرائيل" من اجل المصلحة اللبنانية ، في تجنب ملفت لذكر إسم سورية ، وتفادي الإعلان الصريح بإيلاء العلاقة اللبنانية السورية أهمية محورية في توجهات الحكومة ، ولأن الحديث عن سورية فهي سورية التي كانت تربط الرئيس ميقاتي بها علاقة لا تسمح بالظن بصعوبة نطقه لإسمها ، ومعرفته عميقة بأن سورية ليست اي دولة ما عدا إسرائيل ، فهي سورية التي قال الشيخ بيار الجميل مؤسس حزب الكتائب عنها ، أنها الجار والممر البري الوحيد للبنان ، مضيفا ، ان لا قيمة لأي مكسب يحققه لبنان اذا خسر علاقته الطيبة بسورية ، ورغم كل ما تعرضت له سورية من عدد وازن من السياسيين اللبنانيين ، فهي لم تقدم على أي خطوة تعقد مسار العلاقات بين الدولتين ، ولا زالت المبادرة منتظرة من جانب الدولة اللبنانية ، والأمر لا يتصل بالموقف الشخصي للرئيس ميقاتي كي يشعر بالإرتباك في كيفية الإنتقال من موقف الى موقف ، وهو الذي كان رئيسا للحكومة التي بدأت معها أزمة النزوح ، والنأي بالنفس ، والرهانات الخاطئة على سقوط سورية ومعها السعي للإستثمار في مشروع إسقاط سورية ، فالأمر متصل بالموقع الدستوري لرئاسة الحكومة الذي يشغله الرئيس ميقاتي اليوم ، والأمر كذلك من جانب سورية ، لا يتصل بشخص نجيب ميقاتي بل بموقع رئاسة الحكومة وما يتوقع منها ، وما يتوجب عليها ، كما تقول كل السيرة السياسية لتعامل السوري مع لبنان.
- اذا أراد الرئيس ميقاتي النجاح لحكومته ، وتحقيق مصلحة اللبنانيين ، ولا نشك بأنه يريد ، فان عليه التساؤءل عما اذا كان ذلك ممكنا دون استعادة الحيوية للعلاقات اللبنانية السورية ، وامام الرئيس ميقاتي كرئيس للحكومة خارطة المصالح اللبنانية ، انطلاقا من انجاح مشروع استجرار الغاز والكهرباء ، ومن وجود فرصة لتفعيل خط نقل النفط العراقي الى طرابلس ومصفاتها عبر سورية ، ووجود مناخ دولي مساعد ، والخط يتكفل بتأمين حاجات لبنان من المحروقات وتوفير منصة لبيع النفط العراقي على البحر المتوسط ، وتجينب لبنان اكلاف طائلة بالعملات الصعبة لإستيراد المحروقات ، والمشروع ينعش منطقة طرابلس ، ومثله أمام الرئيس ميقاتي خط الترانزيت بين مرفأ بيروت وبغداد ، والممر الإلزامي من سورية ، والفرصة المنتظرة من الشركات اللبنانية ومصارف لبنان المأزومة للانتعاش بقوة المشاركة في عملية اعادة اعمار سورية التي تدق الباب ، وأمامه قضية النازحين ، وعنوانها التفاهم مع الدولة السورية والتعاون معها ضمن شراكة تخاطب المؤسسات المانحة التي تبدي قبولا وتفهما لتمويل العودة اذا تلقت طلبا لبنانيا سوريا مشتركا حول خطة موحدة متفق عليها ، وأمام الرئيس ميقاتي فرصة تخفيض أكلاف الحياة الصعبة على اللبنانيين بفتح الأسواق السورية أمامهم ، والإستفادة من انخفاض الأسعار في هذه الأسواق ، واعتماد تعرفة سعر صرف اسبوعية لعملتي البلدين تغني عن المرور بالدولار ، تعيد لثلاثة ارباع اللبنانيين فرصة تأمين حاجاتهم الشهرية من غذاء ودواء ومواد استهلاكية ب أقل من مئة دولار ، فهل يمكن اختصار سورية بمفردة " أي دولة ما عدا اسرائيل" ؟ وهل توجد دولة أخرى تختزن هذا الكم من المصلحة الوطنية اللبنانية غير سورية ؟
- بين لبنان وسورية معاهدة تعاون وتنسيق واتفاقيات متفرعة عنها ، تمثل جميعا اطارا دستوريا للعلاقة بين البلدين ، وجاء توقف انتظامها من الجانب اللبناني ، ولا يلزم لتفعيلها بدءا من المجلس الأعلى اللبناني السوري الا طلب لبناني ، وتلك علامة حسن النية التي تضمن انطلاقة موفقة لمسار العلاقات بين البلدين ، وعبر المجلس الأعلى يمكن طرح كل القضايا ومناقشة كل سبل التعاون ، وهذا ليس طلب سورية التي كما يعلن مسؤولوها منفتحة على الشكل الذي يريح لبنان من تواصل وزاري ومؤسساتي ، هذه دعوة لبنانية لرئيس حكومة لبنان .
2021-09-23 | عدد القراءات 1643