حسابات الحلف المعادي للمقاومة والإنتخابات
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- اعتقد الكثيرون مع انطلاق مشروع الإنقلاب على المقاومة من بوابة الإنفجار المالي وتداعياته الإجتماعية ، أن الطريق نحو الإنتخابات النيابية المبكرة قد يكون تحديا جاذبا تعرف المقاومة أنها ستخرج منه بتجديد شرعيتها الشعبية ومعها حلفاء مهددين بتداعيات الأزمة بتعاظم الخسائر اذا طالت المدة الفاصلة عن الإنتخابات حتى موعدها الطبيعي ، وكانت المقاومة ترفض هذا الإغراء وما يتضمنه من إستفزاز تحت عنوان التشكيك بثقتها بتمثيلها الشعبي عبر رفضها لفكرة الإنتخابات النيابية المبكرة ، وخلال سنتين من إندلاع التحركات بدا أن توافقا دون إتفاق قد تم على إعتبار الإنتخابات في ربيع العام المقبل ، محطة الفصل بين المقاومة وخصومها ، لتظهير الحجم التمثلي لكل من الفريقين .
- بالتوازي رفضت المقاومة ضغوط وإغراءات حلفائها لتفضيل بعضهم على بعض تحت شعارات عديدة ، وتمسكت بحلفائها مجتمعين رغم تفرقهم ، وتصاعد الحملات بينهم ، كل يحاول أن يحمي وزنه التمثيلي بخطاب تصعيدي بوجه الاخر تحت عنوان الفساد في ضفة ، وعنوان التعصب الطائفي في ضفة مقابلة ، وظهر هنا ايضا وجود توافق دون إتفاق على الحفاظ على الجسر الذي يربط هذه الأطراف بصفة أحدها للآخر كحليف للحليف ، بإنتظار ما ستحمله مرحلة التحضير للإنتخابات من تقاطعات سيتولى هذا الحليف المشترك إدارتها ، وكان السؤال المحير للجميع ، ما هو سر الثبات الذي تبديه المقاومة لجهة التمسك بالإنتخابات في موعدها ، وبالتحالفات بنصابها الإجمالي ؟
- ما يجري على الصعيد الدولي والإقليمي من تطورات خلال الشهور الأخيرة كثمرة لمعادلات وتداعيات كانت تتفاعل تحت سطح الأحداث ، قال ان المقاومة كانت تستثمر على المواجهات الكبرى في المنطقة لترسم معادلة راجحة لمعسكرها الإقليمي ، وقد بدأت صورة المسار الذي سيخيم على توقيت إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها ، تتوضح تدريجيا ، لجهة الكفة الراجحة لمحور المقاومة في المنطقة ، فإذا بالإنسحاب الأميركي من أفغانستان يطلق موجة لا تزال تردداتها تتواصل ، لجهة الإرتباك والإهتزاز في كل المعسكر المناوئ للمقاومة والمرتبط بالمشروع الأميركي ، وتبدو هذه التداعيات المستمرة والمتصاعدة كفيلة بنقل الكثير من تاثيراتها على لبنان وحجم قوة ونفوذ المراهنين على هذا المشروع ، فالحلف المرتبك في رأسه لن يكون ثابتا في خاصرته الرخوة ، والحلف المتماسك والمتنامي قوة وحضورا في المنطقة لن تكون قيمته المضافة التي تمثلها المقاومة إلا في رأس قائمة الرابحين بين صفوفه .
- ما رسمته المواجهة بين خط الحصار الأميركي ومن خلفه الرهان على إسقاط لبنان على رأس المقاومة من جهة ، وخط المقاومة الهادف الى تحويل التحدي الى فرصة ، قال في أشد الإختبارات تعبيرا ، أن الكفة الراجحة سجلت للمقاومة مع بدء التراجع الأميركي عن الحصار ، وتسليمه للمقاومة بتفوقها ، من بوابة ملاقاته لإطلاق سفن كسر الحصار ، بالإنكفاء من المواجهة أولا ، وبالتراجع عن خطوات الحصار التي حملها قانون قيصر بالعقوبات على سورية عبر الإعلان الأميركي عن رفع الحظر عن استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان عبر سورية ، ثانيا ، وبتسريع استيلاد الحكومة التي سعت المقاومة لولادتها السريعة ثالثا ، وتدحرجت التداعيات بعد بدء توزيع وقود كسر الحصار في كل المناطق وبصورة عابرة للطوائف ، وفقا لمعادلات لا سياسة فيها ، وبدأت المقاومة تربح بالنقاط سياسيا في مناطق وشرائح كان يظن البعض أنها محكمة الإغلاق بوجه المقاومة .
- من الآن وحتى موعد الإنتخابات النيابية ستتواصل مفاعيل المشهد الإقليمي المرجح أن يشهد على الأقل حدثين كبيرين ، العودة الأميركية الى الإتفاق النووي مع غيران ورفع العقوبات عنها ، والإنسحاب الأميركي من سورية دون مكاسب تمس بوحدتها وسيادتها ، ودون أثمان تمس بموقع المقاومة وحضورها فيها ، وبالتوازي سيتواصل المسار التصاعدي لدخول المقاومة على خط المزيد من إجراءات تخفيف المعاناة ، وفق توصيفها ، وتتسع دوائر المستفيدين ، ويرتفع منسوب الإجماع حول فرادة الأداء ونزاهته وترفعه عن تفاهة الزواريب ومتاهات المحسوبية ، فيما بدأ الحديث من الآن عن تراجع سيصيب الحلف الذي كان موهوما بأن الإنتخابات النيابية ستشكل فرصته الذهبية لإحكام الحصار السياسي حول المقاومة ، وعن التسليم بأن المقاومة تتجه لربح كاسح مع حلفائها لإنتخابات عام 2022 ، أشد وضوحا من ربحها للإنتخابات عام 2018 ، والبعض يقول ان خيار المواجهة مع المقاومة ربما يكون قد صار من باب رفع العتب دوليا وإقليميا ، مع فقدان الأوراق المحلية لهذه المواجهة لوهجها وقيمة وجودها ، في قلب مشروع قد يكون صار مجرد وثائق تاريخية في الأرشيف عندما يحين موعد الإنتخابات .
- هذا هو الفارق بين اللاعب الإستراتيجي والمتلاعب بهم كأوراق تكتيكية ، وهذا هو المغزى الفعلي لمعادلة الصبر والبصيرة ، التي تختصر منهج المقاومة في التعامل مع المواجهات الكبرى .
2021-09-28 | عدد القراءات 1432