تحية للجزائر
كتب ناصر قنديل
- حاول الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في بداية ولايته الرئاسية الإيحاء بأنه سيمثل مشروعا لمصالحة تاريخية مع الضمير الفرنسي لجهة الإعتراف بالدور الإستعماري البشع لبلاده بحق الجزائر ، فيسترد لفرنسا بعضا من الصورة التي رسمتها ثورتها التاريخية في الوجدان الإنساني وكان إحتلال الجزائر وبشاعاته وصمة عار عليها .
- مع إقتراب الإستحقاق الإنتخابي الرئاسي كشف ماكرون وجهه الشنيع مستعيدا صورة المستعمر الأبيض الخبيث فتقدم بالإعتذار للعملاء الجزائريين الذين خدموا في صفوف جيش الإحتلال ، وباع ضميره للشيطان ، مظهرا عنصرية عميقة ومتأصلة في الكلمات التي إختارها ، وما فيها من إستخفاف بشعب الجزائر وثورته وهويته الوطنية والقومية ، وما ضمنه من روح إستعلاء وتعجرف تؤكد أن فرنسا لم تتعاف من جرثومة العنصرية الفتاكة ووباء الإستعمار ولا تزال تعيش الحنين لتلك المرحلة ، رغم كل اكاذيب الحديث عن المفهوم الحضاري للعلاقات الدولية ، ومزاعم الترويج لمفهوم الأخوة الذي يربط شعوب العالم .
- رد الفعل الجزائري كان سريعا ، وعبر عن شخصية وطنية لا تساوم على قيمها وهويتها ولاتقبل الإهانة ، بخلاف ما جرى عندما تلقت بلدان أخرى الإساءات التي استهدفتها عبر لغة التخاطب او الإساءة لرموزها التاريخية او الثقافية أو السياسية ، ومسحت بها جلدها تحت شعار التعالي على الجراح ، مقدمة نموذجا للخنوع والضعف الذي لا يليق بالشخصية الوطنية والكرامة والعنفوان لأي شعب يضع كرامته في المرتبة الأولى لعلاقاته بالخارج ، بعيدا عن لعبة البيع والشراء وحسابات الربح والخسارة .
- يقدم الموقف الجزائري وما فيه من نخوة وطنية وقومية مثالا يستحق التحية لكيفية التعامل مع الشخصية الإستعمارية العنصرية ، والإصرار على إعتبار الكرامة الوطنية فوق أي إعتبار سياسي وإقتصادي ، وتقديم التعامل الندي بين الدول شرطا لأي علاقات سياسية أو دبلوماسية ، فتؤكد الجزائر بذلك أنها لا تزال دولة تليق بصفتها حاملة إرث المليون شهيد ، وان المسؤولية عن حفظ التضحيات والدماء والذاكرة ليست مفردات سياسية قابلة للتغيير مع تغير أشكال الحكومات .
2021-10-05 | عدد القراءات 1606