مقدمة
حديث الجمعة بصباحات القدس الزاخرة بالمناسبات والذكريات ، في يوم انتفاضة فلسطين ويوم لرحيل جمال عبد الناصر ويوم لحرب تشرين وصباحات للزيارات تؤرخ للخيارات يوم في موسكو لاستدعاء اردوغان ويوم في بيروت لزيارة عبد اللهيان وتستمر الصباحات وتشرق شمس القدس كل يوم ، وفي الحديث باب الأصدقاء والمشاركات تزين الحديث بالألوان كما الورد في بستان
عيسى مخلوف في ضفافه الأُخرى: سيرة الذات والآخر
من يقرأ "ضفاف أخرى" يلمسُ سرّ عُمق المَدارك وابتعاد الكاتب عن المألوفِ من مبالغاتِ لغتنا والانبهار بالسائد. الشاعر والكاتب عيسى مخلوف يطلّ علينا بكتابه الجديد، مجيباً على أسئلة الشاعر العراقي علي محمود خضيّر، كمن يجمع حصادَ أيامٍ ويواصل الزرع.
الكتاب يتجاوز السيرة الذاتيّة ليصبح سيرة الآخر والعالم معاً، وليقدّم فصولاً من سيرة حياتنا والواقع الذي نعيش فيه. لذلك لا تأتي هذه السيرة لتستخلص مساراً وتجربة وإنما لتصبّ في خضمّ نتاج متواصل: مقالات ودراسات ومداخلات وكتب وترجمات وقراءات. نبعٌ معرفيٌ متنوّع ومتعدّد. وهو في ذلك ينحاز إلى الموضوعيّة والحسّ النقدي بلغة نلمس أناقتها وشفافيتها، وبحِرَفيّة العارف، بعيداً عن أيّ ادّعاء.
يكتمل النص بين سطور المراحل المنسابة زمنياً منذ الطفولة. أمّا المراهقة فحفلت بتجربة إنتاج مجلة ثقافية وتنظيم ندوات أدبية وترجمة قصائد منها قصيدة لبابلو نيرودا. كان بإمكان مخلوف ألاّ يعتمد على التسلسل الزمني في هذا النتاج طالما أنّ كلّ فصل من فصوله يؤلّف كتلة قائمة بذاتها تكشف عن غنى التجارب وموسوعيّتها وبعدِها الثقافي ذيّ الطابع الفكري والفلسفي.
يؤكّد هذا الكتاب على خصوصيةِ الكاتب من خلال إجاباته على أسئلة محفّزة جاءت مطوّلة في بعض مقاطعها. إجابات تزاوج، في مواضع كثيرة، بين النثر والشعر، مع التركيز على تحديات الواقع والمكاشفة التي تنطلق من الشكّ وإعادة النظر في المسلّمات والأفكار المسبقة. يقول: "حتى الآن لا تزال القوة هي التي تتحكّم في المصير، ولا نزال نشهد على عنف يأتي من عصور سحيقة على الرّغم من التقدّم الذي أحرزته البشريّة عبر الزّمن. كأن الحياة، لكي تبقى، لا بدّ من تآكل مستمرّ بين عناصرها ومكوّناتها. كأنها تأمرنا كلّ لحظة: ''فليأكل بعضُكم بعضاً''. ويضيف: "إنّ إستغلال الإنسان للإنسان واستغلاله للطبيعة لا حدود لهما".
في الفصل الأول يصف علاقته الأولى بالطبيعة: "المنحوتة الأولى التي رأيتها في حياتي ذلك الجبل في بلدة إهدن. لم يكن جداراً مغلقاً أمام عينَي الطّفل الذي كنتُ. كان مرآة ضخمة تعكس ألوان الشّروق والغروب. تتلوّن من الصباح الى المساء، ومن أول الليل حتى طلوع الفجر، بألوان فائقة الدّقّة في تدرّجاتها. يرتفع الجبل كموجة زرقاء عالية تحجب موجة أخرى زُرقتها أكثر تماهياً مع السّماء". ثمّ يتوقّف الكاتب عند لحظة مهمّة تركت أثرها في حياته تمثّلت في موت شقيقه وانعكاس هذا الموت على والدته التي تتفقد أنفاس أبنائها ليلاً لتتاكّد ممّا إذا كانوا لا يزالون أحياء، وكانت بذلك تخرّب، بدون دراية منها، نوم ابنها الذي كان لا يزال يومها في التاسعة من العمر.
من لبنان إلى فنزويلا، كانت الهجرة الأولى بسبب الحرب الأهلية، ومن كراكاس إلى باريس لمتابعة التحصيل العلمي. تجربة نلحظ أثرها في عمل مسرحيّ بعنوان "قدام باب السفارة"، وهو ينظر إلى الهجرة كونها "ملحمة يختلط فيها الواقع بالمتخيل، المأساة بالنزعة العبثية، وهي تعمّق السؤال حول قدرة الإنسان على مواجهة مصيره".
قراءة "ضفاف أخرى" رحلة في الزمان والمكان وفي الثقافات المختلفة. تجرّنا بشغف الى مراحل ثقافية متعدّدة المشارب، إلى شخصيات وقامات أدبية تابعنا نتاجها، ومنها الشاعر أنسي الحاج الذي فقد والدته وهو طفل ما ترك عميق الأثر في نفسه، وحتى في علاقته بالمرأة والحبّ. في أحد الملاحق الثلاثة المثبتة في نهاية الكتاب، نسمع أنسي الحاج يقول: "أحياناً يخيّل إليّ أنّ الحب الذّي أكرّر وأعيد الكلام عليه هو غير الحبّ. هو ناتج سؤ تفاهم، بحث غامض في خضمّ أوقيانوس لا يعبأ. أي حب هذا الذي لا يتفق اثنان على تعريفه؟ هذا الذي يؤلم حتى الموت إذا تبودل ويؤلم حتى الموت إن لم يُتبادل؟". ومن لقاءات مخلوف في باريس، يستوقفنا لقاؤه مع محمود درويش الذي راح يقرأ في منزله قصيدته "الكمنجات"، ثمّ قصيدة "في الرحيل الأخير أحبك أكثر والكمنجات". تستوقفنا أيضاً العلاقة السجاليّة مع أدونيس، وحضور أسماء عدّة عربيّة وأجنبيّة من بينها محمّد أركون وعبد الرحمن الباشا وعبد اللطيف اللعبي وجورج شحادة وصلاح ستيتيّة وأسادور وبسّام حجّار وأمجد ناصر ونبيل الأظن، وأخيراً الشاعرة والفنانة التشكيلية إيتل عدنان: "المولودة في العام ١٩٢٥، المتربّعة على السنوات، لا تحصي الوقت، ولا تتذمّر من الأيام التي تمضي لأنها مأخوذة بشيء آخر: البحث عن جوهر الأشياء وعن سرّ الذات والكون. لكن هذا البحث الفلسفيّ والبحث الشّعريّ معاً لا يلهيانها، ولم يلهياها يوماً، عن أحوال العالم الراهن وقضاياه، وفي مقدّمها القضية الفلسطينية ووضع المرأة في العالم أجمع، وفي العالم العربي خصوصاً. مشغولة هذه النحلة برحيق الأزهار...".
بهذه العين الشفافة يمرّ عيسى مخلوف على صداقات ربطته بمبدعين. يستوقفنا أيضاً صقل الألوان بصمت وسط الصخب. يقول عن الفنان التشكيلي اسادور: "يعلو الصخب في مقهى''الفْلُور'' في حي ''سان جرمان''. تتردد أصداء الضحك في فضائه الدّافىء. رنين الكؤوس الحمر. دنوّها من شفاه النّساء المبتهجات أوّل السهرة، الشّفاه المنفرجة عن أسنان تزيدها الإضاءة لمعاناً. النُّدل، في وَزراتهم البِيضِ الطويلة، يروحون ويجيئون. في أيديهم الصواني المليئة والفارغة تتحرّك فوق الرّؤوس. رؤوس المقيمين في المدينة والغرباء الوافدين اليها بحثاً عن ذكريات، أو عن الطاولة التي جلس اليها، يوماً، إرنست همنغواي. أسادور القابع، كعادته، في إحدى الزوايا، لا دخل له بما يحصل حوله، بل إنه يبدو منزاحاً عن مكانه الذي لا وجود له خارج خطوط لوحته وألوانها. يأخذ قلماً من جيب سترته ويرسم خطّاً أوّل، يليه خطّ ثانٍ، على فوطة ورق أمامه على الطاولة. يرفع نظره عنها قليلاً، وسرعان ما يعود إليها كأنه يستنطقها. فهو لا يحتمل العيش بعيداً عن الأشكال التي ترتسم أمام عينيه، كالعنكبوت الذي لا بيت له خارج لُعابه. أسادور من قلّة من البشر الذين يمكننا، أثناء الالتقاء بهم، أن نتكلّم ونتحاور أو أن نبقى صامتين كأننا مع أنفسنا".
في موضع آخر من الملاحق، يعنون رسالته إلى صديقه عبّاس بيضون متحدّثاً عن الشعر، "الأكثر قوّة والأكثر هشاشة بين الكائنات". وممّا ورد في الرسالة: "كلّما إلتقينا كان بسّام (الشاعر الراحل بسام حجار) حاضراً بيننا". ويتابع مخلوف مستعيداً حادثتين جمعتهما، هو وبيضون، في مناسبتين مختلفتين: "نظرتَ الى الجموع نظرتك المعهودة حين تبدأ الكلام كأنك تقرأ على لوح أسود. تتكلّم وتستطرد. تتدافع الكلمات أمامك كأمواج متلاحقة، تذوب الواحدة منها في الأخرى. كان نظركَ يذهب أحياناً أبعد من الحاضرين، نحو حديقة "لوكسمبور" الماثلة وراء مربّعات الزجاج. وكنت كأنك تروي للشجر والبشر على السواء ما حلَّ بالشِّعر". وعن بسّام حجّار يقول مخلوف: "إنه الغريب الذي تراءى له الشَّجَن في كل شيء حوله: الغيمة والشجرة، الأواني المنزلية والستائر، الشرفات التي لا تفضي الى شيء، وضؤ النهار، تلك العتمة الأخرى".
أما عن لقائه بالكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس: "خرجتُ من الغرفة، وفي عينيّ عيناه المفتوحتان وتلك النظرة التي تذهب إلى الأمكنة التي لا تطاولها الأعين. ترافقني وأنا أسير في محاذاة "معهد الفنون" في اتجاه مقهى "بونابرت" تساؤلاته وعباراته التي لطالما ردّدها، قولاً وكتابة: "ماذا يمكن أن يحدث لنا أفضل من الزّوال والنسيان؟ ما همّني ما سيصير اليه إسمي طالما أنّ كتاباً في مستوى''ألف ليلة وليلة'' لا يُعرف من يكون كاتبه".
لا يتوقّف الكتاب فقط عند أوجه الثقافات المختلفة، بل يتناول أيضاً واقع العالم الراهن وتحدياته وما آلت إليه البيئة والهندسة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وأثر كلّ ذلك على الإنسان وعلى الإبداع. وهكذا يلازمنا الشعور بأنّ كل فصل من فصول الكتاب يصلح لأن يكون كتاباً.
لا يمكن لمن عَرفَ عيسى مخلوف الإنسان أن يفصلَ نتاجَه عن تلك الصورة المنحوتة بمعيار النقد الذاتي والتجرّوء على المحظورات. بعد متابعة عن بُعد لمقالاته الصحافية وبرنامجه الإذاعي الثقافي، وبعض نتاجه، التقيته في بيروت أثناء صدور الطبعة الثانية من كتابه "عين السراب" وأهداني نسخة منه، وتحسّرت على الزمن الذي فاتني قبل التواصل مع نتاج هذا الموسوعي الملهم ومساره الأدبي والإنساني الذي يقفز فوق الخلافات والأحقاد ليصوغ حياة تلامس زهد الفلاسفة وتغور في أسئلة التجربة المجدِّدة بلا قيود.
دلال قنديل ياغي
المطر
في مثلِ هذا الوقتِ
من الطّبيعيّ أنْ ينهمرَ المطرُ في بلادي
و في الحقيقةِ
طريقةُ انهمارهِ كما عهدناها
فلا جديدَ
و موسيقا قطراتهِ كما حفظناها
و رائحةُ الأرضِ كما توارثناها
لكنْ
ثمّةَ أمرٌ واحدٌ حدثَ و لم أعهدهُ من قبل :
ترقرق أدمعي و أنا أرنو من نافذتي إلى المطرِ !
ريم رباط
أين كنتَ ؟
عندما كنتُ .. هناك ؟
منذ زمن.. ما لامس .. حبك شغاف قلبي ..و ما أصاب وابل عطاءك .. أو طل منه .. أرض احتياجاتي ..
منذ زمن.. ما لملمت يداك بقايا الشعر عن عيني ..و ما داعبت .. أطراف أناملك .. شفاهي..
منذ زمن.. ما نادى شوقك .. صدى الوله .. في جنباتي ..
وما أعلن الوداد عن الرغبة في عناقي ..حتى باتت أيامي .. حبلى بأشواق لقاءك ..وساعاتي .. ثكلى .. بفقدك ..وأنت جواري ..
أطير كفراشة حرة .. في أركان وجودك ..أتنقل بين قسمات ملامحك .. وأجزاء عباراتك ..قد أقف على أنفك .. أو أتسلل إلى كلماتك ..ثم أطير برقة تثير كل من حولي ..إلا أنت .. لا تراني ..لا تبصر طيفي .. وكأن حفيف أجنحتي .. لا يداعب مطارق مسامعك ..وكأن صخب ألواني .. لا يصرخ بقوة حضوري ..مبعثرا في أرجاء حضورك ..حتى الصغار .. ثاروا لرؤيتي ..وطاردوا .. ظلالي..لعبوا .. مع ألوان مرحي ..صنعوا ..برسمي .. جمال المكان ..وأنت هنا ..وهناك .. تقبع في زاويا أركاني ..تعدو بافكارك .. تطير بمخيلتك ..تسبح على شطآن أحلامك ..ولكن .. بعيداً عني ..
منذ زمن .. وأنا أسجل .. حضورك الغائب .. في دفاتر وجداني .. واحسم عليك .. لحظات الحنين إلى بقاءك ..
حتى بات الفتور ملازماً .. الرغبة في لقاءك .. والبرود .. لا ينفك عن مصادقة الشوق إليك ..
وأنا في أوج قمتي .. وانتشاري .. أعيش في رحاب عزتي ,.. أتربع على أرض كبريائي ..
والكل يرنو إليٌ .. يطلب وصالي ..حتى لم تعد أكبر اهتماماتي ولا بؤرة انتصاراتي ..
فأوقاتي مشحونة بقضايا شتى .. ودقائقي الكثيرة لم يبقى فيها المتسعُ .. للقليل من حبك ..
وبعد زمن .. غير بعيد ..تنتبه من غفوتك ..تستيقظ على صدى وجودي ..
تبحث عني .. تتحسس أطراف ثوبي .. تشم بقايا عطري .. تنهب الأرض جرياً خلف أثار أقدامي ..
تلهث .. وتلهث .. ورائي ..
ثم تجدني هناك .. في الأعلى .. متشحة ثوب القمة ..
أرنو بطرف بصري إليك .. أرمي إليك .. أطرافاً من خصلات شعري .. لتلمسها .. وتلمسها في إعجاب ..
وفجأة .. تهب رياح ناعمة باردة ..
تداعب وجهي وشعري .. وتطٌير خصلات شعري ..من بين يديك .. وأنت مازلت ..واقفاً فاغراً فاك ..
مشدوهاً إليٌ ..بإكبار ..تحلم بعودتي..بظلال رسمي ..على أرض واقعك ..
وأنا ..وسؤال .. وقف حائراً ..يتردد .. على منبر شفاهي ..
أين كنتَ ؟
عندما كنتُُ.. هناك ؟
ميساء الحافظ
1-10-2021
صباح القدس للردع على شكل رسائل ، والاستجابة تأتي برسم البدائل ، سواء بزيارة قام بها اردوغان ، أو بوفد اردني رفيع الى لبنان ، والرسالة واحدة ، ان سورية عائدة ، وأن العناد بلا فائدة ، فزمن أول تحول ، وبطيئ الفهم "أهبل" ، فمكابرة أردوغان في إدلب ستجعله الخاسر ، فلم لا يكون المتثعلب ، وهذه ميزته في الماضي والحاضر ، وقد اتقن التقلب وجاء دور إدلب ، وعندما وجد الموج عاليا تذكر ما جرى في حلب ، وخطورة ان يستفز بوتين لمزيد من الغضب ، وهو يعلم ان حراك الأردن نحو سورية يتم بإسم سائر العرب ، وان واشنطن تقول لكل جماعاتها ان الحرب انتهت ، وان على السفن ان تعود فالرياح لم تجر كما اشتهت ، وان المكابرة في ادلب ستعني المواجهة ، وانفضاح امره كسند للإرهاب وواجهة ، والنتيجة معلومة سلفا ، وقد رسم بوتين له سقفا ، وهو يرى ان شركاءه في حمل السلاح ، يتسابقون على الإنفتاح ، وان كل من نادى بسقوط الأسد سقط ، وبقي الأسد فقط ، ولا يحتاج الأمر الى مزيد من الذكاء لادراك الفشل ، والرهان على بارقة أمل ، فقد انتهت المقامرة ، وتخفيف الخسائر خير من المغامرة ، وكما استدار مع حصرم حلب ، ولم يأبه لما سمع من عتب ، عليه اليوم ان يواصل الاستدارة ، كي لا يواصل الخسارة ، فقرار الحسم محسوم ، ولو ان عليه تجرعه كالسموم ، فالحدود كلها يجب ان تكون بعهدة الدولة ، والمعابر والطرق الدولية عناوين هذه الجولة ، وكما فتح طريق الجنوب سيفتح في الشمال ، والذريعة الكردية لا تكفي لتبرير القتال ، فتفكيك الدويلة قرار صدر ، ولم تعد بيده ذريعة الشعور بالخطر ، والأميركي يتهيأ للإنسحاب ، وقد سقطت ذريعة حربه على الإرهاب ، وما جرى في الجنوب اكثر من رسالة ، حيث انهارت الجماعات المسلحة ، كقطعة لحم مملحة ، وأظهر الأردن ما يكفي من دلائل ، على نهاية الخط المائل ، قلم يبق الا الخط المستقيم ، وسيلة للتعويم ، ومن لا يقرأ معنى سفن كسر الحصار ، غبي او حمار ، فالاميركي ادار ظهره لمنطقة ، وحروبها المرهقة ، وقرر دفع ثمن التسويات المخفض ، كعرض أخير لا يتكرر ، وبعد الإنسحاب من افغانستان لا مجال للعب مع إيران ، ومن لا يقدر على اللعب مع لبنان ، يقول بالفم الملآن ، تدبروا اموركم ، فليس لدى واشنطن خطة اشتباك ، وستخرج من الباب قبل اخراجها من الشباك ، والسمكة المغرورة وحدها تقع في الشباك
4-10-2021
صباح القدس لوضوح الحقائق تصفع كل منافق ، فمن يستطيع انكار الشمس الطالعة ، والكذب على الناس القاشعة ، من يستطيع الزعم بأن معركة درعا لم تقع ، وان الجماعات المخربة لم تشعر بالوجع ، وان حساباتهم كانت مخالفة لما سارت عليه الأمور ، وانهم ظنوا انها مصادفة ، ان تتساقط أوراقهم وبنكشف المستور ، وأن المعركة انتهت قبل ان تبدأ ، وان الدولة السورية خبر ومبتدأ ، وانهم كانوا العوبة لخدمة مشروع سقط ، وان الفوز بالضربة القاضية لا بالنقط ، وانهم وحدهم يدفعون الثمن فقط ، وهذا هو مصير كل خائن ، يبيع وطنه والحق بائن ، ومن يستطيع الإدعاء بأن الأردن الذي شكل نقطة الإنطلاق ، قد أعلن مع الحرب الطلاق ، وأن ذلك ما كان ليصير ، لو لم يصدر الأميركي قرار التغيير ، ويسلم بالحاجة للمراجعة ، والإعتراف بأنها الواقعة ، وما ادراك ما الواقعة ، من افغانستان الى ايران الى سورية الى سفن فك الحصار ، حيث التصعيد يجلب الحرب الأصعب ، والتراجع قدر مركب ، وبعد كل تراجع تراجع جديد ، ومحور المقاومة يطلب المزيد ، ومن يتجرأ على القول ان قمة بوتين مع الأسد ، لم تكن لخروج الأجانب من البلد ، وانها مهدت لإفهام اردوغان ان يكتم الغضب ، كي لا يدفع الثمن مثل حلب ، وان يرتضي دور سمسار الهزائم ، بعدما ظن انه في مركب عائم ، واذ بالامواج تتحداه ، وتقول ان الريح لم تأت على مشتهاه ، ولأنها سورية مفصل المفاصل ، وعقدة العقد ، منها ابجدية الأوائل ، وفيها صنع العدد ، ولا زالت بقوة الجغرافيا تصنع التاريخ ، ومن لا يفهم الحرف يفهم الحرب بالصواريخ ، والمهم انها اوصلت الرسالة لكل واهم ، ان لامصلحة لاحد بمزيد من الخراب ان يساهم ، وان الباب مفتوح ، لمن يريد وضع حد لنزف الجروح ، ويأتي لطي صفحة الماضي ، فسورية جاهزة للتغاضي ، لكن لا تنازل عن الحقوق ، ولا عن المقاومة ، كالشمس في الشروق ، سورية قادمة ، فليس بين العرب حر سواها ، ولا صاحب استقلال القرار ، ولا هم ان كانوا صوتها او صداها ، فالمهم ان يسلموا بالخيار ، فهل من شام جديد بدون الشام ، وهل من خطوط تجارة ونفط وغاز ، دون عبورها ، ليس الأمر بالألغاز ، ولا ببيوت الشعر وشطورها ، وأين من قالوا برحيل الأسد ، وهو باق وهم يرحلون ، ومن قالوا بتقسيم سورية وجهزوا الخرائط ، وهم جمع مال وكثرة عدد ، تفرق شملهم وصاروا بدد ، يعرفون ويعترفون بالفشل ، ولو بقي بينهم شحاد ومشارط ، يقف على التل ، بمشروعه الفارط ، ومن ليست معه الأرض ولا الزمن ، يصير صفرا على الشمال ، يكثر الحديث عن خطر الإرهاب والفتن ، وكل همه تفادي القتال ، وعندما تنتصر سورية كلهم يعلمون ، أن المنطقة تنقلب ، وانهم بالأصل فجروا الحرب فيها وهم اليوم يرقبون ، ما سيحدث في إدلب ، وكما انتظروا من قبلها حلب ودير الزور ، ورأوا مسار الأمور ، فلا حاجة للانتظار ، لمعرفة لمن يكون الإنتصار ، ومهما كانت الأعداد والألقاب ، فلدى سورية لقب الانتصار على الارهاب ، والخروج من حربها بشارة النصر ، بينما حروبهم تغرق في المستنقع ، ربما تكون سورية وصفتهم لتستعيد مصر ، ما فاتها من موقع ، ففائض القوة والقيمة المضافة ، يجتمعان عند صاحب الحق دون مسايرة ، ويكفي العرب سخافة ، باللحاق بدولاب الطائرة ، فليتعظ من لم يتعظ من أفغانستان ، ولينظر الاعمى الى سفن كسر الحصار في لبنان ، فالشريف لا يشتري ولا يبيع ، ولا يسير في القطيع ، فكيف ان كانت الوجهة التطبيع ، وفي عجين عربي تحلل ، ستدخل الخميرة السورية وماء بقين ، وتجعله خبزا مدلل ، روحه فلسطين ، فلا تستعجلوا ، المهم الآن ان تترجلوا
5-10-2021
صباح القدس لمزيد من الوقائع تكشف المواجع في هذا العالم الوهمي الضائع ، فبعد طول انبهار بما سمي بالعالم الإفتراضي الجبار ، واسطورة تصل حد الخرافة لكل شيئ تحت السيطرة ، تظهر السخافة في وهم امتلاك المسطرة ، وتنفضح الهشاشة والنخبة الغشاشة ، فبعد ما فضحته كورونا من فشل ، وكيف يعشش في النظام الصحي الكسل ، وكيف ان الدول المصنفة متقدمة ، وقفت بين الفاشلين في المقدمة ، وظهرت أهمية الدولة المنظمة ، فتفوقت الصين في مكافحة الجائحة ، لأنها دولة حاضرة كدولة في كل سانحة ، وليست مجرد شرطي ينظم سير الشركات المهيمنة ، وها هي ازمة وسائل التواصل ، وكيف تاهت في ثناياها مليارات مؤمنة ، وتبخرت ثروات وضاعت شعوب مدمنة ، تفضح مرة أخرى نظرية دولة الشركات ، واكذوبة الإختباء بإسم فضاء الحرية ، فهو أولا فضاء حر لجمع المال ، والاحتيال ، والفوضى المقننة ، فالليبرالية التي تحكم العالم ادت وظيفتها وانتهت ، وعندما تحدث فلاسفتها عن نهاية التاريخ اصابوا الحقيقة ، بان ضوء الليبرالية قد بهت ، وبدأت عتمتها تظهر ازمتها العميقة ، فالإقتصاد الذي لا يقوم على الأصول الثابتة ، ويختزن الثروات على الشرائح والورق ، هو بنيان هش على أسس متهافتة ، وها هو بقشة كبريت يحترق ، كحلم جميل في الصعود ، وكابوس ثقيل عندما يحل الجمود ، ولمن لم يفهم إشارات التاريخ وكيف يكتب ، تكفي عملية جمع بسيطة لأجزاء المشهد المركب ، بين انهيار النظام الصحي امام الجائحة ، والإنسحاب من افغانستان ، وما حل بمنظومة التواصل لساعات ، لتذكر كيف انهار في الرهن العقاري نظام المرابحة ، وفقد الإقتصاد الأمان ، قبل سنوات ، والمعنى الذي تحمله الأزمات بالتكرار ، وخطها البياني المتفاقم ، حيث ما تبقى من النظام هو السمسار ، يبيع ويشتري في انتاج العالم ، فيصنع التقنيات في الصين ، ويتحدث في السياسة عن المواجهة ، ويسحب قواته منعا للفضيحة ، وهو يعلم ان الانسحاب مجرد هزيمة مريحة ، ويصرخ مصفقا للعودة للاتفاق النووي مع ايران ، باعتباره انجازا يمنعها من امتلاك السلاح ، بينما يعلم انها انجزت كل البنيان وآن الأوان لترتاح ، وابسط الامثله ما حدث في لبنان ، فمواجهة سفن كسر الحصار ، تتم بالغاء العقوبات ، وفتح طريق العلاقة بالشام ، وتسريع تشكيل الحكومة ، واذا الزمان استدار ، وسأل عن الأزمات ، وعن أصل الخصام ، لعرف ان الصيغة المأزومة ، تكمن في اكل العنب لا في الناطور ، وأن الهروب الى الخلف اسمه تراجع وانهزام ، والهروب الى الأمام وقوع في المحظور ، ولمن يريد الاختصار فان الامبراطورية تدخل الشيخوخة ، ومن علامات الإحتضار تكرار الأسطوانة المشروخة ، كل شيئ تحت السيطرة وكل شيئ كالمسطرة ، بينما العالم فالت ، واللون باهت ، والنظام مسخرة
6-10-2021
صباح القدس ليوم السادس من تشرين ، يوم خرج الأسد من العرين ، ليكتب صفحة جديدة من التاريخ ، بالرصاص والصواريخ ، وتخرج مصر الى القتال ، تجسد البطولة في عبور القنال ، فمنذ ذلك اليوم والحرب سجال ، بعدما ظنوا الروح ماتت مع جمال ، فأثبتت الشعوب والنخب ، ان الأمة الحية لا تموت ، فكتبت بالنار والنور والذهب ، اسرائيل اوهن من بيت العنكبوت ، حتى ولد زمن المقاومة ، واغلق الأبواب على المساومة ، وان الحرب على الوجود ، وليست حول الحدود ، وانه مهما بدا الإحتلال متقدما ، فليس بعيدا عن الهزيمة ، وقد نراه مستسلما ، ان كانت لدينا العزيمة ، وهذا ما فرضته المقاومة في تحرير الجنوب ، ومن بعدها كرسته في غزة كل الحروب ، لكن الصرخة الأولى لنهضة الأمة ، كانت في حرب تشرين ، تثبت ان الأمة حية ، وان الاوطان دين ، وان الحرب ليست مسرحية ، وقالت الحرب في الدروس والعبر ، أن الإنسان الكامن فينا كامل المواصفات ، وانه انتصر ، عندما وجد قائدا يحسن حشد المقدرات ، ويتقن فن التوقيت في الحرب ، ويثق بما يختزن هذا الشعب ، وحتى عندما تقع الخيانة ويظهر التلاعب ، تحفظ للنصر المكانة رغم الثعالب ، فالعبرة الأهم التي تعلمتها الشعوب ، انها قادرة على خوض الحروب ، وصنع المفاجآت ، وأن اسرائيل تقهر ، ومهما كبرت المناورات ، يبقى النصر أكبر ، ففي ذلك اليوم ، صحت الأمة من النوم ، وعندما تصحو الأمم ، وتخرج الوجود من العدم ، يتغير التاريخ وتنتفض الجغرافيا ، وتستنهض الهمم ، وتستعيد الشعوب الثقة بذاتها ، وتصغي لنداء الوقوف تحت الشمس ، ولا تبخل بفلذاتها ، وتطوي صفحة الأمس ، وتواصل المسار ولو بعد حين ، فقد عادت الذاكرة لفلسطين ، وما عاد ممكنا قبول التنازل ، بذريعة اننا امة لا تعرف كيف تقاتل ، فقد أثبتت جيوشنا في القتال ، اننا شعب مقاتل ، من صعود جبل الشيخ والعبور في القنال ، واظهرالجنود والضباط ، مفخرة في البطولة ، في التقنية والانضباط ، قدموا الأمثولة ، فتفوقوا وتوفقوا ، واصابوا الكيان في الصميم ، ولما تفرقوا ، بفعل خيانة من زعيم ، بقيت الحقيقة ساطعة ، اننا ربحنا الحرب ، وسنعيد الكرة ، وان هذا هو الدرب ، لنصحح الخطأ هذه المرة ، فكانت المقاومة ، الخطة القادمة ، وان يكتب التاريخ مسيرة الصراع ، سيكتب للأسد سيد الإستراتيجيات ، حافظ حق ضاع ، وصانع مجد في الجبهات ، فمهما تغيرت الأوضاع ، فقد زرع البذرة في الأجيال ، بأن الحق الذي لا ينال ، لا يجوز ان يضيع ، وان حفظ الأحلام والآمال ، برفض التطبيع ، يبقي القضية حية في النفوس ، وسيأتي جيل يحرك الجبال ، فان عجزنا عن التحرير ، فاجيال قادمة لن تعدم الوسيلة ، يكفي ان نورثها القضية الحية ، ونترك لها تقرير المصير ، فللشعوب الف حيلة ، واعمارها تتكفل التدبير ، ويكفي اليوم النظر للموازين ، لنعرف صدق الوصية ، لا نوقع للإحتلال ، ونستعد للقتال ، وكيف ترجمها المقاومون ، وصار للمقاومة محور ،وصارت يا قدس قادمون ، شعار يتكرر ، وبدلا من خطر سقوط عواصم جديدة تحت الإحتلال ، صارت القدس اقرب وما عادت فلسطين بعيدة ، وكتبت بيروت المقال ، واكملت غزة القصيدة ، والحرب خير كلام ، فلصانع تشرين التحية ، وللأمة الحية ، ألف سلام
7-10-2021
صباح القدس لإيران ووزير خارجيتها عبد اللهيان يحل ضيفا عزيزا على لبنان ، وفي وقت الضيق يعرف العدو من الصديق ، وتميز الشعوب معنى الأخوة ، ومن يشكل لها مصدرا للقوة ، ومن يطلب أثمانا من السيادة ، وهو يزعم سعيا للرفاه والسعادة ، وفي الأزمات والملمات وجد لبنان في إيران السند ، عندما لم يقف معه أحد ، فعندما وقع الإحتلال ، كان الأميركي سمسار التنازلات تحت عنوان اتفاق أيار ، الذي اسميناه باتفاق الذل والعار ، بينما كانت ايران تساند المقاومة ، وتحمي خيار لبنان برفض المساومة ، فمن كان يقف في صف السيادة ، ومن كان ينتقص منها بزعم الزيادة ، وايران التي قدمت دعما بلا حدود لم تطلب بدلا ولا وضعت شروطا او قيود ، بينما امريكا التي ساندت الإحتلال تلاعبت بالتوازنات وأصابتها بالإختلال ، فجددت الحرب الأهلية ، وشجعت على التلاعب بالهوية ، وها نحن عندما وقع الإنهيار يعترف الأميركي انه كان سببا للحصار ، فيقول انه سيرفع بعض القيود والعقوبات ، لأنه رأى سفن إيران تجلب المحروقات ، ليس حبا بلبنان بل خشية من ايران ، واذا وضعنا مقاييس السيادة ومفاهيم القوانين ، لعرفنا ان اميركا تحتل بلاد الآخرين ، وعلمنا ان الدول التي تفرض على غيرها تطبيق سياساتها ، تنتهك سيادة الشعوب وتسحق شخصياتها ، وان هذا نوع من انواع الاحتلال والسيطرة ، وانه بمفهوم المواثيق الدولية ، هذه ركيزة أولية ، لإنطلاق المقاومة عند الشعوب ، اذا تخاذلت الحكومات او تغاضت ، ومن يمنع لبنان عن سورية قانون سنته امريكا وليس لبنانيا ، فكيف يكون تطبيقه من لبنان فعلا سياديا ، وكيف يكون خنوع الحكومة وخضوعها فعلا قياديا ، وفعل السيادة بكسر هذا الإرهاب ، واعادة القرار الوطني الى حيز الوجود ، يبدأ بفتح الأبواب ، وكسر الحظر عبر الحدود ، وهذا ما فعلته المقاومة ، واصابت الأميركي بالإرتباك ، وكل القيامة القائمة ، لأنهم خسروا جولة في الإشتباك ، وكما كانت إيران في مقاومة الإحتلال السند ، وكانت سورية الشقيق ، هذه المرة وقفت إيران مع حق البلد ، في الحياة التي تليق ، فكانت خير صديق ، وفي كل مرة مدت ايران يد المساعدة ، وشكلت قلعة مساندة ، لم تطلب ثمنا ولا اجرا ولا شكورا ، رغم ما تعرضت من سوء بلغ حد الفجورَ ، فمرة تتهم باستعمال لبنان في المفاوضات ، والذي يتحرر هو لبنان ، ومرة يقولون انها تستعمل لبنان في الحروب ، وما هي الحرب التي تسعى اليها ايران ، اليست فلسطين ، التي نزعم انها القضية المركزية ونسميها البوصلة ، والف شكر لإيران وقد مدت اليها الطرق الموصلة ، فتعززت مقاومتها وتفوقت ، ومرة أخرى بلا ثمن ، ولا قيد او شرط ، ويثبت الزمن ان كل همها تحول المقاومة الى خط ، وتلك هي المساندة الأخوية ، وليغضب الذين باعوا الهوية ، ففي ميزان الأخوة يبقى الأصل للشراكة بالهم ، وليس لشبيه بالعرق والدم ، فأهلا وسهلا بالضيف الصديق ، والأخ الشقيق ، في وقت الضيق ، نقولها ونعيد ، وللمزيد من التأكيد ، خوش اميديد
2021-10-08 | عدد القراءات 1903