البعد الأخلاقي لخطاب السيد نصرالله : نزار بنات واليمن نقاط على الحروف ناصر قنديل

البعد الأخلاقي لخطاب السيد نصرالله : نزار بنات واليمن 

نقاط على الحروف 

ناصر قنديل

- رغم أهمية القضايا السياسية التي تناولها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، خصوصا قضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ، والإنتخابات النيابية ، وملف الكهرباء والحكومة ، فإن ما تضمنه الخطاب من إشارات لموقع البعد الأخلاقي في مواقف السيد نصرالله وخطابه ، يشكل محطة متميزة في هذا الخطاب حضرت بقوة في قضايا شديدة الحساسية ، تتيح التوقف أمام هذا الجانب الغني في شخصية المقاومة وثقافتها التي تشكل خطابات السيد نصرالله أبرز مصادرها ومرجعياتها ، ففي القضيتين المطروحتين لا ينبع الموقف من حساب سياسي ، فلا تبعات لعدم التطرق والتناول ، والخلفية الوحيدة هي الشعور بالصدق مع الذات والتصالح الضميري مع منطلقاتها ، وفي القضيتين ربما تكون الأعباء أكبر من العائدات ، لكن لا قيمة لذلك في الحساب الذي يبنى عليه قرار التناول او التجاهل ، وهذه بذاتها عناصر شديدة الغنى في تظهير البعد البنيوي لتركيب منهج تفكير المقاومة ومدرستها .

- القضية الأولى هي قضية الشهيد نزار بنات الذي مضى على إستشهاده مئة يوم ، ونزار بنات الذي عرفناه مثقفا مقاوما صاحب فكر حاضر ومواقف تجسد المثقف المشتبك ، وتقدم شخصية قيادية إستثنائية ، هو شخصية غير منضوية في إطار حزبي يعبر عن هويتها ، لكنه صاحب حضور في كل قضايا الصراع بنشاط وحيوية بصورة فريدة ، وقد سقط شهيدا على أيدي أجهزة السلطة الفلسطينية ترجمة لقرار إسكاته والتخلص من حضوره القوي بين النخب والمقاومين وكلمته المسموعة لدى شرائح الشعب الفلسطيني ، ونزار صاحب حضور في كل قضايا الصراع في المنطقة من الحرب على سورية الى اتهام حزب الله بالطائفية والمذهبية ومحاولات النيل من إيران وموقفها من القضية الفلسطينية والخطاب الخليجي التطبيعي ، ومواقف نزار من هذه القاضايا لا تعرف المجاملات ولا تقيم حسابا للكلفة والتبعات ، فهو يذهب بالفكرة حتى نهايتها ولا يقيم حسابا لما يمكن ان يلحقه ، حتى يحسب من يسمعه يتحدث عن حزب الله او سورية او ايران انه صاحب معارف وصداقات وربما أدوار في محور المقاومة ، بينما كان نزار محورا قائما بنفسه ، ولم يبذل يوما جهدا ليكون معروفا لدى قيادة هذه المواقع التي كرس الكثير من مواقفه لإنصاف وقفتها مع فلسطين معتبرا ذلك واجبا عليه كمثقف وكعربي وكفلسطيني .

- مرت مئة يوم على شهادة نزار بنات ، والمنطقة مليئة بالاحداث وحبلى بالقضايا ، والسيد نصرالله في قلب كل ذلك ، لكنه لم يجد في ذلك عذرا لغيابه عن شهادة نزار وعن سيرة حياته المكرسة لمحور المقاومة ، وثقافة المقاومة  وصدق السيرة ، ولم يبحث عن حضور يعوض الغياب ، بل أصر على الحضور بشحصه ، يقول انه تأخر وانه لا يستطيع أن يتأخر أكثر ، وانه ملزم أدبيا وأخلاقيا تجاه هذا الشهيد بكلمة حق تنصفه وتمنح أهله ومحبيه بعض العزاء ، وتقول للمعنيين بالتحقيق ان التلاعب بدم الشهيد لن يكون قابلا للتسويق ، ومعلوم ان السيد بكلامه هذا يثير قضية اشكالية في العلاقة مع السلطة الفلسطينية يسعى سواه لتفاديها ، وهو لا يتجنبها في معرض تناوله لقضية حق ، فيعيد الإضاءة على الشخصية وعلى القضية ، ويضخ فيهما مزيدا من الحياة ، فيظهر مزايا الشهيد على لسان قائد يحلم كل شهيد بأن يذكر في خطابه ، ويعزي أهله وهو سقف المعزين الذي يبرد بعض حزن اهله عزاءه ، ويدعو الإعلام للإضاءة على المزايا والشهادة ، ويضع ثقل اسمه في لائحة الداعين لتحقيق يكشف حقيقة ويقيم عدالة .

- في موقف ينتسب لذات مدرسة الأخلاق يتوقف السيد نصرالله امام الظاهرة اليمنية المثيرة للدهشة ، فيتناول حضور اليمنيين المليوني في شعائر إحياء المولد النبوي الشريف ، ومثلها توقف سابقا امام حجم حضور اليمنيين المتكرر في الساحات والميادين في كل قضية تتصل بفلسطين ، فهذا الشعب الحاضر رغم كل الصعاب حجة على سواه في كل ما يستدعي الحضور ، وشهادة السيد حسن نصرالله تثلج قلوب اليمنيين وتزيدهم حماسة لنيل المزيد من الحب والثناء ممن يحبونه ويقدرونه الى درجة القداسة .

- مصدر فرح لكل المنتمين لثقافة المقاومة ، ومدعاة فخر ان تكون قيادة هذه المقاومة على هذه السوية الأخلاقية ، وان يكون محركها الأخلاقي بذات حضور وقوة محركات القضايا والعناوين .

2021-10-12 | عدد القراءات 1633