الحكومة تفشل في التوصل للتوافق على حل لقضية التحقيق ...ونولاند تضع االملف في أولوياتها
اليوم تجمعات أمام وزارة العدل للإستنكار ...وتحذيرات من خطر شارع مقابل شارع
تضارب الإجتهادات يعطل البحث بإقالة المحقق العدلي ويطرح نقل القضية للمحكمة العسكرية
كتب المحرر السياسي
لم يكذب الأميركيون خبرا ، فمنحوا كل التساؤلات حول يدهم الطولى في التحقيق الجاري في ملف انفجار مرفأ بيروت ، دليل الإثبات بإعلان وزارة الخارجية بعد نواب الكونغرس موقفا حادا في الدفاع عن مسار التحقيق الذي يسلكه المحقق العدلي طارق بيطار ، وتوجيه الأنظار نحو حزب الله كهدف ، وتأتي نائبة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند اليوم الى بيروت لتزخم الإنقسام حول الملف ناقلة تحذيرا أميركيا من أي محاولة لكف يد المحقق بيطار ، في إستعادة لما سبق وفعله الأميركيون مع كل محاولة لإتسبادل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ، ومعاقبتهم للرئيس السابق للحكومة حسان دياب بملاحقته من القاضي بيطار لأنه تجرأ وطرح تغيير سلامة ، وتظهر الحكومة مرتبكة وعاجزة عن التحرك قبل وصول الرسالة الأميركية ، وستزداد ضعفا بعدها ، وإذا كانت أجلت موعد جلستها بالأمس تحت شعار عدم التوصل الى حل توافقي حول قضية التحقيق ، فإن بعض المصادر السياسية رجحت أن يكون في حساب بعض المعنيين في الحكومة لسماع الرسالة الأميركية وأخذها في الإعتبار قبل مواصلة النقاش سببا ضمنيا للتأجيل ، خصوصا ان الإصطفاف حول المحقق العدلي وسلوكه قد ظهر طائفيا في مناقشات الحكومة ، إمتدادا للظاهر من الإنقسام العمودي الذي يصيب البلد حول القضية ، مع تموضع المرجعيات الورحية والكتل النيابية والأحزاب بين مؤيد ومعارض على اساس كائفي ، بصورة تضع التحقيق فيدائرة الخطر على السلم الأهلي بعدما كانت إحالة قضية الانفجار الى المجلس العدلي تمت تحت هذا العنوان .
محاولات وزير العدل لإيجاد مخارج وتداولها بين الرؤساء والوزراء بائت بالفشل ، فبعض الإجتهادات ضعيفة قانونيا كتكليف التفتيش المركزي النظر فيما إذا كانت هناك مخالفات في مسار التحقيق ، ولا يلبي الغرض المطلوب في ظل تسارع حركة المحقق العدلي نحو ارتكاب المزيد من الأخطاء التي تفاقم النتائج الخطيرة لمسار التحقيق ، أو لأنها تشكل جوابا باهتا على قضية ساخنة ، مثل تشكيل هيئة تحكيم تنظر في مسار التحقيق ، وهو مسار من خارج الإطار القانوني الذي يحكم عمل التحقيق العدلي وعرضة للطعن والإبطال .
في الموقف من القضايا المطروحة بقي السؤال الرئيسي حول موقف مجلس الوزراء من الشق الدستوري المتعلق بنزاع الصلاحيات الذي فجره المحقق العدلي بشأن ملاحقة الرؤساء والوزراء ، بمخالفته للنص الدستوري الذي يحصر الملاحقة بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ، وهو ما يجب ان يصدر بموقف علني عن مجلس الوزراء وبرسالة رسمية يبلغها وزير العدل لمجلس القضاء الأعلى طالبا منه موقفا واضحا مساندا للمسار المنصوص عليه في الدستور ، وهذا أمر لا علاقة له بذريعة فصل السلطات التي يختبئ وراءها بعض الوزراء للتهرب من اتخاذ موقف ، بل يقع في صلب تطريس فصل السلطات ، حيث يتعدى قاضي تحقيق على صلاحية دستورية يؤكدها نص صريح ، ومثلها التمسك بالقواعد المتصلة بإشتراط السير بملاحقة الموظفين نيل الأذون من رؤسائهم ، خصوصا أن وزير الداخلية رفض منح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام ، ومجلس الدفاع الأعلى تبني طلب رئيس الجمهورية برفض منح الإذن بملاحقة المدير العام لأمن الدولة ، وما تطرحه هذه الصلاحية من اشكالية في كيف يمكن للوزير تعطيل ملاحقة المحقق العدلي لموظف يتبع لإدارته الوظيفية ، بينما الوزير نفسه يخضع دون شروط لهذه الملاحقة ؟
في المسار العملي أبدت مصادر سياسية خشيتها مع مجيئ المبعوثة الأميركية تصاعد التوتر وانتقاله الى الترحكات التي سيشهدها الشارع امام قصر العدل وربما ينتقل الى امام السفارة الأميركية ، بينما تحدثت جهات سياسية كحزبي القوات اللبنانية والكتائب عن فرضية مواجهة شارع بشارع ، وهو ما يشكل جرؤس إنذار لخطورة نقل الإنقسام السياسي الى الشارع وفقا لخطوط إنقسام طائفية .
قانونيا قالت مصادر حقوقية ان على الحكومة التفكير جديا في معنى إبقاء قضية التحقيق في انفجار المرفأ امام المجلس العدلي ، خصوصا ان الإحالة تستند الى النصوص القانونية التي لا تنطبق على الإنفجار ، كتهديد أمن الدولة التي تشمل حالة الإنقلابات والعصيان المسلح ، أو السلم الأهلي كالتسلح الطائفي وبناء منظمات عسكرية لدفع البلد لحرب اهلية ، بينما يقع التوصيف الأقرب قانونا للإنفجار ضمن إختصاص المحكمة العسكرية ؟
2021-10-14 | عدد القراءات 1563