اموال حقوق السحب لتمويل البطاقة التمويلية نقاط على الحروف ناصر قنديل

 

اموال حقوق السحب لتمويل البطاقة التمويلية 

نقاط على الحروف

 ناصر قنديل

- كان وعد الحكومة السابقة بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان بعد اجتماع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بربط رفع الدعم عن المحروقات ، بالبدء بالعمل بالبطاقة التمويلية ، وما نحن أمامه اليوم عمليا هو ان رفع الدعم صار امرا واقعا والبطاقة التمويلية يزداد مصيرها غموضا وتتحول من مسار شبه اكيد الى احتمال ثم الى سراب لا يطال .

- النظرة لنتائج رفع الدعم تكون قاصرة جدا لدى الحكومة الجديدة اذا افترض المعنيون فيها بأن الناس ستتأقلم مع نتائج رفع الدعم ، وفقا لما سبق ونشر عن لسان حاكم المصرف المركزي ونظرية "اللبنانيين بيتعودوا" ، فالواجب ان يعرفه الجميع ان القضية هنا ليست في الارادة ، فاللبنانيون تعبوا ولا يثقون بجدوى التحرك بعد النتائج الكارثية للتلاعب بانتفاضة 17 تشرين ، وهذا صحيح ، لكن الصحيح أكثر ان الأمر هنا مرتبط بالقدرة ، فلا قدرة للبنانيين على تحمل نتائج رفع الدعم وتكفي حسبة بسيطة لكلفة انتقال ذوي الدخل المحدود ، المقدرة ب 120 الف ليرة يوميا ، لمعرفة انها تعادل اربع مرات الحد الأدنى للأجور ، واستنتاج ان كل شيئ سيتوقف في البلد ما لم يتم اتخاذ قرارات تؤمن دخلا يعوض الفارق في كلفة النقل .

- البحث بتعديل بدل النقل للموظفين يشكل احد عناصر الجواب لكنه لن يكون كافيا اذا وصعنا في حسابنا ان سعر الصرف سيسجل مزيدا من الانهيار في سعر صرف الليرة ، مع توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات اللازمة لإستيراد المحروقات ، المقدرة بين 300 و400 مليون دولار شهريا ، سيشكل طلبها من السوق بغياب واردات اضافية بالعملة الصعبة تعادل قيمتها ، سببا لارتفاع يتصاعد كل شهر في سعر الدولار ويرتفع معه سعر المحروقات ، وكلفة النقل ، ما يجعل البطاقة التمويلية القائمة على تسديد مبلغ وسطي يقدر بمئة دولار لكل أسرة مستفيدة الشكل الوحيد الواقعي لإمتصاص نتائج رفع الدعم ، فهي تقوم على ضخ مبلغ مئة مليون دولار في السوق تقريبا كل شهر ، وتسهم في تخفيف الطلب على الدولار ، من جهة ، ومن جهة ثانية ، تحول دون تأثير ارتفاع سعر الصرف على تعويض رفع الدعم لأن البطاقة تمول بالدولار وترتفع قيمة مساهمتها بالليرة اللبنانية بالتناسب مع ارتفاع سعر الصرف .

- يبقى الجواب عن سؤال مصدر تمويل البطاقة هو اللغز المحير ، رغم موافقة البنك الدولي على رعاية إصدارها ، ما يمنحها فرصة الحصول على مساهمات من مصادر تمويل خارجية ، لكن مصرف لبنان ولجنة لمال النيابية ووزارة المال كانوا قد توافقوا على طلب نقل اعتماد القرض المخصص لتأمين باصات للنقل العام الى تمويل  البطاقة في خطوة تعادل الجريمة بحق اللبنانيين ، وحسنا فعل وزير الأشغال والنقل الدكتور علي حمية بالتمسك بالقرض ورفض التخلي عنه لتحويله الى احد مصادر تمويل البطاقة التمويلية ، دون ان يلغي ذلك الحاجة للبحث عن تمويل بديل ومكمل ، لأن قيمة قرض النقل العام تكفي تغطية البطاقة لشهرين فقط ، يبدو انها كانت في حساب دعاة وضع اليد على قرض كافية لإمتصاص النقمة مع صدمة رفع الدعم ، وترك البطاقة تترنح بعدها دون تمويل ، والقول انه سيستعاض عن تمويلها بالدولار بتمويل بالليرة اللبنانية على سعر يقرره مصرف لبنان .

- خلال الشهر الماضي حصل لبنان على مبلغ مليار ومئة واربعين مليون دولار من صندوق النقد الدولي تحت عنوان حقوق السحب الخاصة التي وزعها الصندوق على المشتركين المستحقين ، وتحفظت الحكومة على هذا المبلغ ، معتبرة انها ستوظفه في مشاريع لها أهمية في حياة اللبنانيين ، واي  مناقشة موضوعية مسؤولة ستصل الى ان لا مشروع يستحق ان يوضع هذا المبلغ في خدمته أهم من البطاقة التمويلية ، فهي المشروع الوحيد الذي يعود للبنانيين مباشرة ، ولا تحوم حوله شبهة ، في بلد كل مشاريع التلزيمات فيه غير موثوقة ، وفقد فيه الناس ودائعهم ، تحت عين الدولة ومصرفها المركزي ولم يلقوا تعويضا ولا تمت ملاحقة من تسبب لهم بهذه الكارثة .

- الإفراج عن اموال حقوق السحب الخاصة لتكون سببا لصرف ما يعادل مئة دولار لقرابة مليون عائلة لبنانية ، من بينهم كل موظفي الدولة بأسلاكها العسكرية والمدنية ، والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة الذي يعادلون 350 الف عائلة ، والسائقين العموميين والعائلات الأشد فقرا ، وكل من تنطبق عليه مواصفات التاثر بالإنهيار الى حد فقدان القدرة على مواصلة الحد الأدنى من موجبات الحياة الكريمة .

2021-10-25 | عدد القراءات 1298