الفشل الأميركي في آسيا ينتقل الى افريقيا
كتب ناصر قنديل
- يستطيع الأميركيون ان يقولوا ما يشاؤون عن مسار الأمور في السودان وليبيا من موقع النصح المتعالي ، أو اعلان الموقف ، لكنهم لا يستطيعون الإنكار بأن تشظي هاتين الدولتين الأفريقيتين المهمتين ، واحدة في وسط الساحل المتوسطي والثانية على وسط ساحل البحر الأحمر ، هو نتاج فشل عمليات قادتها الولايات الأميركية تحت عنوان نقل ليبيا الى مسار ديمقراطي ، وفرض شروط نقل السودان من لوائح الإرهاب الأميركية ، وان هذه العمليات الأميركية نجحت بإسقاط من وصف بالخصم او العدو ، فسقط معمر القذافي وعمر البشير ،فقتل واحد وسجن الثاني ، لكن التشظي والحروب المستمرة في البلدين اطاحت بكل شيئ ، وهي نزاعات تجري تحت السقف الأميركي ، ففي ليبيا محاور النزاع بين حلفين واحد مدعوم من فرنسا والإمارات والآخر مدعوم من قطر وتركيا ، وفي السودان يتوزع الفرقاء بين حلفاء واشنطن ويتوافقون على اعتبارها سقفا جامعا ، ولكنهم يعجزون وتعجز واشنطن عن ايجاد مناخ يتيح الإقلاع بحد أدنى من الإستقرار .
- الفشل في افريقيا يأتي بعد التسليم الأميركي الذي تنتشر الإعترافات الكثيرة بصدده ، حول الفشل الإستراتيجي في آسيا ، بعد عقدين من الحروب المستمرة كانت الحرب على أفغانستان أبرزها ، وجاء الإعتراف بالفشل فيها مدويا ، ولا يستطيع الحديث عن الصراع مع روسيا والصين ومكانته في السياسة الدولية للإدارة الأميركية الجديدة للرئيس جو بايدن ، أن يحجب هذا الفشل ، فإيران المتعاظمة القوة وغير المهتمة بالدعوات الأميركية للعودة الى الإتفاق النووي خير علامة على الفشل ، والإعلان عن تحول الصين الى مصدر للقلق الأميركي على التفوق الإقتصادي هو علامة على الفشل ، وليس دليلا على صدقية الحديث عن التفرغ لمواجهة الصين ، التي كانت مواجهتها اصلا حاضرا في خلفية كل حروب واشنطن ، وخصوصا الحرب في افغاسنتان ، والمواجهة مع روسيا المتنامية القدرة هو اعتراف بالفشل بعدما شطبت روسيا من المعادلة قبل ثلاثة عقود مع سقوط جدار برلين وانهيار الإتحاد السوفياتي ، وسورية التي تسلم فيها واشنطن بالفشل ، كانت ساحة الحرب الأميركية لتحجيم روسيا ومنعها من الوصول الى المتوسط وانتهت باعتراف اميركي بنهائية هذا التموضع الروسي ، بل صارت تعرض على روسيا شرعنة نصرها مقابل ضمان بعض المصالح الأميركية بعد الإنسحاب .
- اميركا العاجزة عن اعادة لم شمل حلفائها ، والتي تعترف بفشلها في آسيا تدخل مرحلة جديدة مع تساقط حجارة الدومينو الأفريقية التي اوهمت نفسها والآخرين انها جوائز ترضية للفشل في آسيا، ما يعني لمن لم يفهم او لا يريد ان يفهم ، أن الفشل الأميركي أكثر عمقا من حدود الإعتراف .
2021-10-27 | عدد القراءات 1528