بين لبنان ومأرب حبل السرة
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- السياسة الأميركية تجاه لبنان تقوم منذ معادلة سفن كسر الحصار على إقامة توازن بين خط أول يقوم على رعاية المناخ المعادي للمقاومة ، سواء على الصعيد القضائي في مسار التشهير بحلفائها وملاحقتهم لإرباك حركتها السايسية عشية الإنتخابات ، وربما للحؤول دون مسار قضائي سليم في قضية انفجار مرفأ بيروت ، ينتهي بكشف حقائق لا يرغب الأميركي بظهورها ، والإستعداد لتجميع القوى التي تلوذ بالرعاية الأميركية تمهيدا لتجميعها وتحفيزها نحو المسار الإنتخابي ، من جهة ، وتأتي في هذا السياق كل خطوات العقوبات الجديدة ، ومن جهة ثانية ، الدخول في سباق إثبات الإهتمام بمنع لبنان من السقوط مع المقاومة التي اظهرت قدرتها عبر سفن كسر الحصار على المبادرة ، وتأتي في هذا السايق الخطوات التي تخص نقل الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية ، والتي قطعت شوطا مهما خلال الأيام القليلة الماضية ، وفي كل هذا لاتبدو واشنطن مستعدة لما هو أكثر ، فهي ليست طرفا في رعاية مسار خروج لبنان من الأزمات ، ولا تزال تتعامل مع الملف اللبناني بالقطعة ، كما تفعل في ملف ترسيم الحدود البحرية ، بإنتظار ان تتبلور لديها صورة واضحة لسياساتها في المنطقة ، والتي لا يزال ملف علاقتها بإيران من بوابة مصير التفاهم النووي مفتاحها الرئيسي .
- في ظل موقف أميركي هذا إطاره تحضر السياسة السعودية التي تقوم على إستثمار غياب سياسة أميركية واضحة ، التي ترتكز على ثلاثة عناصر ، الأول هو رفض اي تساهل مع أي مسعى لمساعدة لبنان على الوقوف على قدميه ، كما تقول الوقائع التي تبلغتها الحكومة اللبنانية من دول خليجية كانت راغبة بالإنضمام الى خطوات شبيهة بخطوات العراق في مجال عقود الفيول والنفط ، أو خطوات الأردن ومصر المسقوفة بقرار أميركي ، والعنصر الثاني هو حصر الدعم السياسي والمالي بالقوى التي تبدي الإستعداد لخوض المواجهة المفتوحة مع حزب الله وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية ، والعنصر الثالث هو إعتبار لبنان صندوق بريد قابل للتوظيف في المعركة الرئيسية التي تدور تحت سقفها كل السياسات السعودية الراهنة ، وهي حرب اليمن ، وجوهر الرسائل التي تهتم لها السعودية هي تلك الموجهة لحزب الله ، لرسم معادلة تربط كل تأزم في الوضع السعودي في اليمن ، بصناعة تأزم مواز في لبنان ، إعتقادا منها بأن هذا سيزعج حركة الحزب ويربك حركته ، وربما يفتح الباب لمقايضات ترغبها الرياض ، عنوانها تخفيف ضغط هنا مقابل تخفيف ضغط هناك ، لم تفلح بعد ولا مرة بتحقيق أي إختراق .
- الأزمة التصاعدية التي برزت مع الكلام الصادر عن الوزير جورج قرداحي قبل تعيينه وزيرا ، حول حرب اليمن ، بقي مادة سعودية حاضرة بقوة بوجه لبنان وحكومته ، رغم توضيحات قرداحي ، ومواقف رئيس الحكومة ووزير الخارجية ، ووصل الأمر الى تبلغ مسؤولين لبنانيين كبار عبر دول خليجية ان السعودية ستذهب للمزيد من التصعيد ما لم يستقل الوزير قرداحي أو تتم إقالته ، وهذا الإفراط في إستثمار قضية صغيرة الحجم ، لا يمكن فهمه بذاته ، بل بحجم التحولات الكبرى التي تشهدها معارك مأرب ، والتي تضغط على الموقف السعودي بقسوة وبسرعة ، فمأرب قلب اليمن ونقطة وصل الشمال بالجنوب ، قاب قوسين من السقوط بيد أنصار الله ، بعدما نجح الأنصار بتحرير العديد من مديرياتها ، ويفاوض زعماء القبائل في المدينة على تسليمها بتفاهم سياسي ، بما يدفع الذين يراقبون مشهد المنطقة من بعيد يربطون تفاصيلها ببعضها بحبل سرة ، يتوقعون على أساسه مزيدا من الغموض والفوضى في آفاق التطورات في الساحات الساخنة ، بإنتظار أن تحسم نتيجة المفاوضات التي يفترض أن تبدأ نهاية تشرين الثاني القادم ، في فيينا حول الملف النووي الإيراني ، لتستعيد واشنطن المبادرة وترسم سياستها الإقليمية التي سيكون لبنان في قلبها .
2021-10-29 | عدد القراءات 1522