هل قررت واشنطن الدخول على خط الأزمة بين لبنان والسعودية لضمان الإستقرار ومنع التصعيد ؟

هل قررت واشنطن الدخول على خط الأزمة بين لبنان والسعودية لضمان الإستقرار ومنع التصعيد ؟ 
رئيس الحكومة  ينجح بحصاد دولي إيجابي ...فمن سيفتح الحوار بين بيروت والرياض ؟
قرداحي ينتظر التشاور مع ميقاتي ويرفض نظرية نزع الفتيل دون ضمان النتائج !
كتب المحرر السياسي 
ثلاثة فرضيات يضعها مصدر دبلوماسي على طاولة البحث في إستقراء إتجاه الأزمة الناشئة بين لبنان ودول خليجية تتصدرها السعودية ، ويصرح المشاركون فيها بأن لا مشكلة لديهم مع لبنان داعين لحل المشكلة مع السعودية "ويا دار ما دخلك شر " ، الفرضية الأولى هي المزيد من التصعيد في ضوء الكلام المسرب عن نوايا سعودية لإتخاذ خطوات جديدة قد يكون ابرزها قطع التعاون المصرفي ووقف الرحلات الجوية ، في ظل إستبعاد الدخول في ترحيل اللبنانيين العاملين والمقيمين في الخليج إلا إنتقائيا ضمن حالات التحريض التي يمارسها أفرقاء لبنانيون بحق خصومهم السياسيين ، وهذا يعني عمليا وقف التحويلات المالية الآتية من السعودية والتي تقارب مليار دولار سنويا وفقا للتقارير الموجودة لدى جهات مصرفية رسمية وخاصة ، كما يعني التأثير سلبا على موقع مطار بيروت وشركة طيران الشرق الأوسط ومداخيلهما كنقطة وسط للسفر الى السعودية من عواصم عالمية عديدة ، وهذه الفرضية في حال حدوثها تعني ان الموقف السعودي يحوز على الأقل على ضوء أصفر أميركي ان كان الضوء الأخضر محجوبا ، وسيؤدي الى جمود سياسي واقتصادي فوق طاقة الحكومة اللبنانية تحمله ، في ظل ما ستتعرض له من ضغوط في الشارع تحت عناوين اقتصادية ومذهبية قد تؤدي لإستقالة رئيسها ، تفاديا لتدفيعه الثمن في الإنتخابات النيابية تحت شعار الإتهام بالتبعية لحزب الله والمسؤولية عن النتائج السلبية للقرارات السعودية ، وعدم إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي ، وفي حال إستقالة الحكومة من خلال استقالة رئيسها فيصعب توقع تسمية بديل وتشكيل حكومة جديدة ، وبالتالي رسم علامات استفهام حول امكانية اجراء الإنتخابات النيابية ، وربط لبنان بالحلول الإقليمية بصورة تستعيد مشهد ما كان عليه الوضع عشية إتفاق الطائف .
أما الفرضية الثانية فهي أن تنجح المناخات الدولية التي ظهرت في قمة المناخ تحت عنوان دعم بقاء الحكومة والحفاظ على الإستقرار في لبنان ، برسم سقف للأزمة يتمثل بإلتزام السعودية بوقف خطواتها التصعيدية ، وتجميد الأزمة عند حدودها الراهنة ، وبقائها معلقة تحت سقف دعم بقاء الحكومة وتفعيل برامج التعاون الحكومي مع صندوق النقد الدولي بتشجيع أميركي فرنسي ، بإنتظار ما سيحدث في الملف النووي الإيراني وحرب اليمن ، ليتقرر توقيت واطار بدء فكفكة الأزمة ، وفي هذه الحالة فإن التحرك نحو الحلحلة فالحلول سيكون  قبل موعد الإنتخابات النيابية التي ينظر اليها الغرب بصفتها المحطة الأشد فاعلية في خدمة الهدف المشترك مع السعودية ، وهو السعي لإضعاف حزب الله ، وهو ما تراه السعودية بالضغط على الإقتصاد والحكومة ، وهذا ما اختبرته واشنطن وصرفت النظر عنه بعد تجربة سفن كسر الحصار ، وفضلت سلوك طريق الرهان على اضعاف حلفاء حزب الله وحجم تمثيلهم النيابي لخلق توازن سياسي يوفر شروطا أفضل بوجه حزب الله دون أوهام الرهان على تحجيمه أو توجيه ضربة قاسية له ، وسيناريو التجميد يرجح إنضمام السعودية الى الخطة الأميركية الفرنسية القائمة على تركيز الجهود على الإستحقاق الإنتخابي ، والإستثمار فيه ماليا وإعلاميا ، وإدارة التحالفات المناوئة لحزب الله ، بدلا من الضغوط الإقتصادية .
السيناريو الثالث هو أن تكون قراءة واشنطن للخطوة السعودية بصفتها محاولة إبتزاز تفاوضية بوجه واشنطن ، وليس بوجه حزب الله أو لبنان وحكومته ، سواء للحصول على مزيد من الدعم للحرب في اليمن ووقف الضغوط لإنهائها ، أو لخطوة يريد ولي العهد السعودي إعتمادها بصدد مستقبل العرش في الرياض ويسعى لضمان التأييد الأميركي لها ، وأصحاب هذه القراءة يستندون الى نوعية التصريحات الأميركية المتلاحقة لرفع الغطاء عن الموقف السعودي ، وتأكيد انه لا يلقى قبولا أميركيا ، وصولا لمبادرة أمير قطر الذي التقى المسؤولين الأميركيين قبل اعلان ارسال وزير خارجيته الى بيروت قريبا لبدء وساطة بين لبنان والسعودية ، واذا صح هذا التقدير فيجب ان نشهد تجميد التصعيد ومن ثم تراجع النبرة السعودية ، ووضع سقف للحل يحمله وزير خارجية قطر يتضمن عناصر حفظ ماء الوجه للحكم السعودي ، دون الإقتراب من القضايا التي تتكفل بتفجير لبنان والحكومة والإستقرار مثل وضع فيتو على وجود حزب الله في الحكومة ، وهنا قد تكون إتسقالة وزير الإعلام جورج قرداحي واردة ، خصوصا ان قرداحي رفض نظرية الإستقالة تحت شعار نزع الفتيل ، لكنه أكد الإستعداد للمساعدة في ضمان التراجع السعودي عن الإجراءات العدائية ، رابطا البحث بالإستقالة بضمان نتائجها  .
المصدر الدبلوماسي يرجح السيناريو الثاني ، ويقول علينا ان ننتظر معركة مأرب التي تشارف على النهاية ، ومفاوضات فيينا التي تقترب من البداية ، وبكل الأحوال كانون الأول ليس مثل تشرين الثاني ، وربما نكون مطلع العام مع بدء أفول رياح الخماسين التي جاءت في غير موعدها مع الخطوة السعودية من خارج السياق .

 

2021-11-03 | عدد القراءات 1223