وعد بلفور وسايكس بيكو : بداية التفكك كتب ناصر قنديل

وعد بلفور وسايكس بيكو : بداية التفكك 

كتب ناصر قنديل

- تكشف الوثائق الدبلوماسية التي يعود تاريخها الى مطلع القرن الماضي حجم الترابط بين اتفاقية سايكس بيكو التي قسم بموجبها الفرنسيون والبريطانيون المنطقة الى مجموعة كيانات ، قبيل نهاية الحرب العالمية الثانية ، وبين وعد بلفور الذي كان نقطة الإنطلاق لقيام كيان الإحتلال وتمكينه من اغتصاب فلسطين ، وتكشف مراحل الصراع المختلفة منذ بدء الهجرة الصهيوينة الى فلسطين الى يومنا هذا أن كل ترجمة جدية لمفهوم المواجهة مع كيان الإحتلال كانت تستدعي قفزا فوق حدود سايكس بيكو ، سواء في انتفاضة عام 1936 التي قادها السوري عز الدين القسام في فلسطين ، أو في مرحلة جيش الإنقاذ عام 48 وصولا للتعاون السوري المصري في حرب عام 73 ، وانتهاء بزمن المقاومة التي استندت في لبنان وفلسطين الى دعم سورية ، أو في تحول المقاومة الى محور عابر للحدود ، وتقول الوقائع انه كلما كان الحديث عن التقيد بالحدود كاولوية وطنية للكيانات الناشئة كانت الدعوة للتأقلم مع نتائج وعد بلفور هي الهدف الضمني ، وهذا هو مغزى التفوق الذي تمتعت به الرؤية الإستشرافية لقادة مشاريع النهضة في بلادنا التي ربطت مواجهتها مع المشروعين ، بمشروع يرفض خطط سايكس بيكو وبلفور معا ، وفي طليعة اصحاب هذه الرؤى كان صاحب العقيدة القومية الإجتماعية ومؤسس حزبها الزعيم انطون سعادة  .

- المسار الذي سلكته المواجهة مع كيان الإحتلال خلال قرن ونيف قدمت خلال عقودها الأخيرة صورة عن وعي استراتيجي لدى قوى المقاومة ، تبلور معه اهتزاز في قدرة حدود سايكس بيكو على الصمود ، ولذلك شهدنا حربوا على الإمساك بالحدود التي تؤكد تقطيع أوصال الترابط بين الكيانات التي نشأت عن تقسيمات سايكس بيكو ، فليست مصادفة تلك المكانة التي احتلتها حدود سورية مع لبنان والأردن وتركيا والعراق ، في خطة الحرب لإسقاطها ، ويحضر حجم الإهتمام الأميركي بالحدود دليلا جازما على هذا الترابط ، كما يظهر حضور تنظيم داعش ككيان يعيش على الحدود الأهمية العميقة  لتثبيت الحدود في مشروع المواجهة مع المقاومة ، بمثل أهمية  ترابط المواجهة مع الكيان بتكامل المقدرات عبر الحدود لنهوض هذه المقاومة .

- العبرة التي تقدمها السنوات الفائضة عن المئة لخطط بلفور وسايكس بيكو ، هي ان الأجيال التي تسلم راية المواجهة بعضها لبعض تزداد تجذرا من جيل الى جيل ، والمقارنة البسيطة بين الحال قبل عقود واليوم ، يسهل تبيان الإنتقال من التعامل مع الكيان الغاصب ومع حدود سايكس بيكو كحقيقة نهائية ، الى تحول النقاش حول فرص زوال الكيان الى قضية مطروحة جديا على الطاولة ، ومثلها البحث عن أحلاف اقليمية يفرضها السعي لتحقيق المصالح الإقتصادية والأمنية ، كمثل نشوء ما سمي بالشام الجديد بين الأردن والعراق ومصر ، وما اكتشفه الاميركيون عندما قرروا الدخول في المنافسة مع المقاومة ردا على سفن كسر الحصار ، من ان الشكل الوحيد المتاح لتخفيف وطأة الأزمة على لبنان يمر عبر سورية .

- ليس من المبالغة القول اننا دخلنا مرحلة جديدة عنوانها بداية تفكك نتاج خطط بلفور وسايكس بيكو .

2021-11-03 | عدد القراءات 1290