ليست خارطة طريق بل ربط نزاع
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- حقق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في جولته الخارجية القصيرة نجاحا مميزا ، استعاد بنظر الكثيرين صورا مشابهة للرئيس الراحل رفيق الحريري خلال أزمات كبرى عصفت بلبنان ، مع ادراك ان مواقف الدول لا ترسمها العلاقات العامة ، ولو لم تكن سياساتها قابلة للإستجابة لما استهدفته الحركة السياسية سواء للرئيس الحريري او للرئيس ميقاتي ، لما حققت هذه الحركة أهدافها ، لكن يكتب لهذه الحركة أنها فتحت طريق تظهير هذا الإحتضان الدولي للحكومة وتأمين مظلة حماية لمنعها من السقوط ، وقد توضحت صورة المشهد تحت عنوان ، أن الإستهداف السعودي للبنان يجري عكس سياق الموقف الدولي المتمسك بالإستقرار ، رغم احتفاظ الحكومات الغربية بمشاريعها السياسية المناوئة للمقاومة ، كما هي السياسة السعودية ، ولكن تحت سقف الإستقرار الذي وجهت اصابع الإتهام للسعودية بخرقه .
- الصراع حول خرائط المنطقة ، وأحجام اللاعبين فيها ، بما في ذلك بين المنتمين لمعسكر واحد ، كما تقول الحروب العبثية في السودان وليبيا ، والصراع التركي السعودي علىا لنفوذ تحت المظلة الأميركية ، بل الصراع الفرنسي السعودي حول احجام الأدوار في لبنان وإتجاهاتها ، وصولا لتجاذب أميركي سعودي وأميركي تركي على عناوين متعددة ليس لبنان الا ساحة لتبادل الرسائل فيها ، ولا يبدو ان لحظة الحول متاحة ، لللاعبين الكبار ، الذين التقاهم الرئيس ميقاتي وسمع منهم حرصا على بقاء الحكومة واستقرار لبنان ، لكنه لم يسمع من اي منهم وضوح رؤية حول مستقبل الأزمة مع السعودية ، ولا ضمانات لحلها ، ولا حتى خارطة طريق لما يمكن للبنان فعله مقابل ضمانتهم لإستجابة السعودية لدعوات التراجع عن الخطوات العدائية ، التي ليس كلام الوزير جورج قدراحي الا ذريعة لإطلاقها كما قال وزير الخارجية السعودية ، ولا مانع من ان تكون إستقالته نقطة من نقاط الحل ضمن خارطة طريق واضحة .
- عاد الرئيس نجيب ميقاتي بحصاد دولي ممتاز يستحق الحماية والإستثمار ، لكن لا يمكن تسييله لصناعة حلول لا تبدو ناضجة ، ولا يبدو توصيف امتلاك خارطة طريق لمقترحات ومواقف التحرك نحوها دقيقا ، طالما أنه على طريق زواج ابن جحا من ابنة الملك ، بضمان قبول جحا وزوجته وابنه ، باعتباره نصف الطريق ، والباقي مجرد النصف الاخر ، مجرد موافقة بسيطة من الملك وزوجته وابنته ، فتصير احتمالات النجاح 50% ، فتسمية مواقف ومطالب الرئيس ميقاتي بخارطة طريق مبالغة في غير مكانها ، لأن المطروح مشروط ليصير موقفا لبنانيا برضا أفرقاء آخرين ، ومشروط ليفتح طريق الحل ، بالموافقة السعودية ، التي بات واضحا أنها ابعد من مجرد عدم التوافر ، وقد افصحت عن سقف عال لخطوتها بربطه بما أسمته هيمنة حزب الله على الحكومة ، وهي تعلم انه عنوان يجافي الحقيقة ، والمقصود عندها هو عدم قيام الحكومة بخوض المواجهة مع حزب الله ، وهي وصفة سابقة قدمت قبل خمسة عشر عاما للرئيس فؤاد السنيورة ، وتناولها كوجبة ساحنة ، وكانت النتيجة الفشل الذريع ، رغم تدخل الملك السعودي يومها ، الملك عبدالله بن عبد العزيزبتقديم جرعات التشجيع للوزراء فردا فردا ، وترجم الفشل بقبول السعودية لحل سياسي بوساطة قطر ، وصولا لمصالحتها لسورية ودفع حليفها يومها الرئيس سعد الحريري للإعتذار من سورية والتراجع عن إتهامها بإغتيال والده .
- ما اعلنه الرئيس ميقاتي ليس قفزة في المجهول طبعا ، رغم عدم مطابقة توصيف خارطة الطريق لما تضمنته ، فهو يدرك طبعا ان الطريق لا يزال طويلا لبلوغ فرصة الحل للأزمة السعودية ، ولذلك يمكن توصيف خطته بتمثير ما حازه خارجيا لتحصين وضعه الداخلي بربط نزاع ، يؤكد عبره تمايزه عن حزب الله في ملف القاضي طارق بيطار ، ورفضه للإصطفاف وراء خط الدفاع عن الوزير قرداحي ورفضه إعتبار طلب استقالته انتهاكا للسيادة ، وهو بذلك يخاطب السعودية ليس طلبا لحل الأزمة ، التي يعرف انها ليست في طريق الحل ، بل لعدم ضم اسقاط حكومته والينل من زعامته في شارعته الى جدول اعمالهم ، ولاشك ان بعض الجواب السعودي المطلوب جاء بما صدر عن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تأييدا لكلام ميقاتي ، وبالمناسبة هذا الإنجاز الذي أراد ميقاتي تحقيقه لا يزعج من رسم مسافة بينه وبينهم ، رغم عدم مجاراتهم له بالمواقف التي أسماها خارطة طريق .
2021-11-05 | عدد القراءات 1239