ارتباك أميركي امام خياري الحرب الأهلية والإنتخابات
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- على الطاولة الأميركية تحت عنوان محاصرة حزب الله ، خياران رئيسيان غير الإستسلام والتاقلم والتساكن ، الأول يشجعه الإسرائيليون وعنوانه تصعيد مناخات الضغط الإقتصادي والمالي والسياسي على لبنان وصولا لرفع منسوب الإحتقان والفوضى ، تمهيدا لتفجير الوضع الطائفي بوجه حزب الله ، أملا بأن هذا سيعني إستنزاف الحزب في الحرب الداخلية ، وتوفير فرص مؤاتية لشن حرب إسرائيلية على الحزب ، أما الخيار الثاني الذي تشجعه لوبيات في الكونغرس والسفارة الأميركية في بيروت ، فعنوانه الإستثمار على مناوئي الحزب المحليين ، سواء المعارضة الحزبية او التقليدية ، او المعارضة التي تمثلها جمعيات المجتمع المدني التي تلوذ بالسفارة أو سفارات الدول الصديقة لواشنطن ، لتوفير مناخات منسقة للفوز بعدد وافر من المقاعد الإنتخابية يعيد تشكيل المشهد النيابي تحت عنوان نقل الأغلبية من يد الحزب وحلفائه الى يد الخصوم .
- الإشكالية التي يطرحها خيار التفجير الطائفي تنطلق من ثلاثة عناصر ، الأول استحالة الجمع بينها وبين الحفاظ على الجيش اللبناني وفاعليته ووحدته ، فالتفجير الطائفي يستدعي تحييد الجيش وتهميشه على الأقل ، وهو ما لا يمكن ان يستمر في ظروف استقطاب طائفي حاد كما تقول التجارب السابقة في لبنان ، اذا سرعان ما تنتقل الإنقسامات الطائفية لتصيب بنية الجيش ، بينما الحفاظ على الجيش ووحدته وتقدمه للصفوف فيستدعي قيامه بمهمة التصدي لمخاطر التفجير وقمع مسببيه ، الذين لن يكون الحزب بينهم ، في ظل سياسة ثابتة للحزب بأن يفعل المستحيل لتفادي التورط في أي تفجير طائفي ، وأن يكون آخر الداخلين فيه اذا فرضت عليه واستحالت سبل صده ، وهنا يظهر العنصر الثاني فالمخاطرة بخسارة الجيش تعني مخاطرة بخسارة أغلب الجغرافيا اللبنانية وقبول الاكتفاء ببعض الجغرافيا التي تسيطر عليها الميليشا المساندة ، والتي لن تزيد عن ربع مساحة لبنان ، ولن يكون مضمونا ثباتها وصمودها في ظل موازين قوى معلوم وضعها ، أما العنصر الثالث فهو التساؤل عما اذا كان التفجير الطائفي سيوفر فرصة حرب اسرائيلية ، قال الإسرائيليون انها ستتوفر من انخراط حزب الله في الحرب السورية ، واكتشفوا أنه قادر على تلبية مقتضيات مشاركته فيها ، بالتوازي مع الجهوزية لمواجهة فرضيات الحرب الإسرائيلية ، وبالمقارنة ليس ثمة ما يقول ان الوضع سيكون مختلفا .
- الرهان على الإنتخابات النيابية يبقى نظريا حتى الدخول في التفاصيل ، حيث تظهر اولى النتائج باستحالة احداث اختراق في ساحة تحالف ثنائي حركة أمل وحزب الله مع وجود حاصل مرتفع لحجز أي مقعد نيابي في دوائر البقاع والجنوب ، بينما في الساحات الطائفية الأخرى فسيكون أي تقدم لمرشحي الجماعات الجديدة المدعومة أميركيا على حساب الحلفاء التقليديين في هذه الساحات ، خصوصا ، فزعزعة تيار المستقبل على سبيل المثال والرهان على وراثته مع تأثير مسار الضغط السعودي عليه ، واحتمالات عزوف رئيسه عن الترشيح ، ستعني نشوء فراغ ستتسابق قوى كثيرة على ملئه ، سينال منه جماعة السفارة نسبة ، وينال سواهم نسبة ، وسيكون لحلفاء حزب الله نسبة ، وربما يصح الشيئ نفسه في ساحة الحزب التقدمي الإشتراكي بنسبة أقل ، بحيث يصير الصراع محصورا في الساحة المسيحية ، حيث تفرض الدوائر الإنتخابية نتائج من نوع استحالة تحقيق ما يزيد عن عدد النواب المستقيلين بأكثر من ثلاثة إلى اربعة مقاعد في أحسن الأحوال ، فدوائر المتن وكسروان وبيروت الأولى وزغرتا اهدن بشري البترون ، لا تتيح رهانات على نيل المزيد ، بل تخلق تصادمات بين من يفترض انهم الحلفاء في المعركة بوجه الحزب ، والحصيلة ستكون مجموعة أقليات لا أغلبية فيها ، بل أقلية كبرى يمثلها الثنائي تشكل النواة الأشد صلابة بين التكتلات النيابية ، توازيها نواة ثانية تضم حزب الله ونواب التيار الوطني الحر ، وكل من الكتلتين سيتشكل حولها اطار من تحالفات ، يقف مقابلها عدد من الكتل الوسطى والصغيرة ، مع استحالة تشكيل بجهة موحدة بين مكوناتها ، بما يعيد انتاج مشهد شبيه بالمشهد النيابي الحالي .
- مقابل الخيارين الإشكاليين المطروحين على الطاولة ، ثمة خيار ثالث يتقدم منذ تجربة سفن كسر الحصار ، عنوانه التساكن والتأقلم ، وهو خيار محكوم بخلفية المسار الذي رسمه قرار الإنسحاب من أفغانستان ، وما سترسمه تطورات المنطقة خلال الشهور القادمة ، سواء في سورية أو اليمن ، أو في العلاقة مع إيران .
2021-11-20 | عدد القراءات 1608