أميركا تسابق الإنفجار الإقليمي بالإنسحاب وقدماها عالقتان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يبدو القلق من الإنفجار الإقليمي هاجسا أميركيا يحضر في خلفية كل السياسات ، بمقدار ما يبدو السعي لتوفير بيئة آمنة للإنسحاب الأميركي من المنطقة هدفا للسياسات ، وتبدو السياسة الأميركية عالقة بين القلق الذي تؤشر اليه كل الملفات المتصاعدة في سخونتها ، والسعي الذي يحضر في السياسات الأميركية في مواجهة هذه الملفات ، وتبدو أميركا عالقة وعاجزة عن انجاح سياساتها الهادفة لتوفير مناخ مناسب لإنسحابها ، لإرتفاع كلفة التسويات التي لابد منها خلق مناخ التهدئة الممهد للإنسحاب ، بقياس التمسك الأميركي بضم المطالب المتصلة بالأمن الإسرائيلي إلى شروط هذه التسويات ، بمقدار ما يظهر حجم تأثير التصادم بين محور المقاومة وكيان الإحتلال عاملا متسارعا في صناعة خطر الإنفجار .
- الإنسحاب الأميركي من المنطقة كخيار إستراتيجي يتوقف تحوله الى سياسة على ما يسميه الأميركيون بشبكة الأمان المفقودة ، لكنه يبدو خيارا ثابتا لم تنجح دعوات حلفاء واشنطن بدفعها لإستبداله بخيار الإنخراط في مشاريع المواجهة ، فواشنطن لا تزال متمسكة بالسعي للعودة للإتفاق النووي مع غيران ، ولا ترى في البدائل التي يعرضها حلفاؤها في المنطقة أي إغراء ، كما تبدو واشنطن عند كل منعطف في الصراع يفتح الباب نحو خطر التصعيد مستعجلة لتجاوز مخاطره بتراجعات ، كمثل التفرج على معارك الجنوب السوري التي خاضها الجيش السوري تحت أنظار قاعدة التنف وإنتهت بحسم عسكري كامل ضد الجماعات المسلحة التي كانت تلوذ بالتنف كداعم ومساند ، ومثلها الإنكفاء الأميركي من طريق المواجهة مع قرار المقاومة بجلب سفن كسر الحصار المحملة بالوقود الإيراني ، وذهابها لرفع عدد من العقوبات التي يفرضها قانون قيصر على سورية ، من خلال الموافقة على استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان عبر سورية ، لكن واشنطن في كل ذلك لا تجرؤ على المضي قدما نحو تسويات للملفات المأزومة دون زج الأمن الإسرائيلي في دفتر شروط هذه التسويات ، من سورية وربط الإنسحاب بإنسحاب إيران وقوى المقاومة ، وربط العودة للإتفاق النووي مع إيران بفتح ملفات مثل مستقبل دعم إيران لحركات المقاومة و كبح تطورالبرنامج الصاروخي الإيراني .
- القلق من الإنفجار الإقليمي هاجس أميركي ناجم عن هذه المراوحة ، حيث لا قدرة أميركية على المخاطرة بتبني خيار المواجهة ، ولا قدرة أميركية على تجاوز مخاطر التسويات على مستقبل كيان الإحتلال ومصادر قوته ، لجهة ما تتيحه من تنامي في قوة محور المقاومة ، لكن واشنطن تردك أنها لا تملك الزناد الذي يقدح شرارة الإشعال ، حيث تسارع الأحداث في اليمن وفلسطين وسورية والعراق ، قد يجعل الإنفجار مفاجأة يصعب تفاديها ، فتجد واشنطن نفسها عالقة وسط النيران ، واذا كان التراجع أمام تصاعد الوضع في ساحات كاليمن او العراق او سورية ولبنان ممكنا ، فإن الخشية من الوضع الأشد خطورة الذي يمثله تسارع التصاعد في المواجهة في فلسطين ، تدفع واشنطن للقلق من تجدد مشهد معركة سيف القدس ، بذات الأسباب والشروط التي تمثلت قبل شهور بالتصعيد المباشر في مدينة القدس والمناطق المحتلة عام 48 ، حيث المستوطنون الصهاينة والمواطنون الفلسطينيون يقفون وجها لوجه وعلى تماس يومي تصاعدي نحو الإنفجار ، وحيث حكومة الإحتلال وقوى المقاومة ستكون حكما على طرفي هذه المواجهة مع إنفجارها ، والجديد بعد معادلة محور المقاومة التي اعلنها الأمين العما لحزب الله السيد حسن نصرالله تحت عنوان ، القدس تعادل حربا إقليمية ، صارت المسار واضحا بالنسبة لواشنطجن ، وخطر الإنفجار الإقليمي حاضر بقوة .
- المقاربة التي تسعى إليها واشنطن للإستجابة للتحديات التي يفرضها المأزق ، تقوم على السعي للفصل بين إستعداداتها للعودة للإتفاق النووي ، والطلبات الإضافية التي تطال الملفات الإقليمية أملا بأن يسرع هذا الخيار فرص العودة للإتفاق بصورة تقترب من الشروط الإيرانية ، مقابل التفاهم مع حكومة كيان الإحتلال على ضم القدرات الأميركية تحت عباءة الجيش الإسرائيلي للتلويح بعمل عسكري ضد إيران وقوى المقاومة كخيار يسير بالتوازي مع العودة للإتفاق ، وعلى ضفة ثانية السعي لتسريع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة بشروط يمكن قبولها من لبنان ، أملا بخلق ضوابط جديدة تحول دون إنخراط المقاومة في لبنان بأي حرب إقليمية ، ومن جهة ثالثة الجمع بين الإنسحاب الأميركي من سورية وتقديم المؤازرة اللازمة تقنيا واستخباريا للغارات الإسرائيلية على سورية وقوى المقاومة فيها ، وتبقى هذه الخيارات تحت الفحص أملا بأن تشكل شبكة أمان افتراضية لتغطية الإنسحاب وتسريع التفاهمات ، رهانا على خلق تبريد متوسط المدى يبعد خطر الإنفجار الإقليمي ما امكن ، ويطمئن الحلفاء في حال وقوعه الى التزام واشنطن معهم ، في ظل تقديرات خبراء أميركيين تقول ان واشنطن تقنع نفسها بحل وهمي ، فهي ترغب بالإنسحاب وقلقة من الإنفجار و قدماها عالقتان .
2021-11-24 | عدد القراءات 1800