العين على سورية
كتب ناصر قنديل
- رغم الرغبة المفضوحة في تجاهل الحديث عن سورية في المواقف المعلنة للمسؤولين الأميركيين ومن خلفهم يسير ركب عربي سياسي وإعلامي ، فان كل تدقيق بعناصر رسم السياسات يكشف حجم المكانة التي تحتلها سورية في حسابات الأميركيين وحلفائهم وجماعاتهم في المنطقة .
- أي مقاربة لمستقبل الوجود الأميركي في المنطقة يبدو العراق فيها ظاهرا هو العنوان ، لكن في العمق يتوقف مصير هذا الوجود على الإجابة عن سؤال حول مستقبله في سورية ، حيث يضعه الأميركيون في كفة موازية لوجود المقاومة للمقايضة طلبا لأمن كيان الإحتلال ، بينما يبدو الخروج أو البقاء في العراق نتيجة لقرار البقاء أو الانسحاب من سورية ، لإعتماد التواجد الأميركي في سورية على العمق العراقي ، والخشية الأميركية من الحدود العراقية السورية كخط وصل بين سورية وإيران وقوى المقاومة .
- في السياسات العربية التي تدور حول محور رئيسي هو مستقبل العلاقة بإيران ، سواء بالنسبة لمن يريد التوازن معها ، أو من يريد التقرب منها ، تظهر سورية كجواب للحالتين ، وهذا حال دول الخليج ، وبالنسبة لمن يريد النظر نحو القطب الإقليمية الآخر وهو تركيا تظهر سورية كركيزة لأي توزان عربي بوجه التطلعات و الأطماع التركية في البلاد العربية ، وهذا هو حال مصر ، وبالنسبة لقلة عربية رسمية لا تزال "إسرائيل" هي الخطر الأول على الأمن القومي تبدو سورية هي العنوان ، وهذا هو حال الجزائر .
- بالتوازي فإن سورية وبعد انتصاراتها التي تشق طريقها نحو الإستكمال بثبات ولو ببطء ، صارت مع التموضع الروسي الجديد الذي جاء خلال الحرب ، محورا في تحالف آسيوي تتكامل عناصر حضوره يضم روسيا والصين وإيران ، تشكل سورية الشريك العربي فيه ، وكل من ينظر لمتغيرات السياسة الدولية سيكتشف ان هذا المحور الدولي الصاعد ، سيشكل قطب التوازن مع المحور الغربي ، والعرب الذين يحيطهم محور الشرق من كل اتجاه سيكون قدرهم بالحد الأدنى خطب ود هذا المحور لتفادي تحول بلدانهم ساحات صراع بين المحورين ، وليس لهم الا التوجه نحو سورية .
- في البدء كانت سورية مدخلا للسيطرة على المنطقة عبر كسر حلقتها السيادية كلاعب محور في الإقليم ، وفي الختام تعود سورية لاعبا أشد محورية لما هو أبعد من الإقليم .
2021-12-02 | عدد القراءات 1821