كتب المحرر السياسي
تزامن الإعلان عن نهاية الجولة السابعة من المفاوضات حول الملف النووي الإيراني مع تأكيد العودة إلى جولة جديدة منتصف الأسبوع المقبل، وسط توصيفات متطابقة عن نجاح الجولة السابعة بإنهاء مراجعة نتائج الجولات السابقة وتثبيت المتفق عليه منها كأساس للتفاهم وإضافة بعض البنود القليلة للإنجاز، وتوصيف موازٍ للمسائل الشائكة التي سيتم البدء ببحثها في الجولة الثامنة، ومحورها معادلة رسمها الوفد الإيراني، إبقاء جزء من العقوبات أو تأخير تنفيذها يقابله إبقاء جزء من المنجزات النووية الإيرانية أو تأخير تفكيكها، سواء لجهة مصير اليورانيوم المخصب على درجات مرتفعة أو مصير أجهزة الطرد المركزي المتطورة، والحفاظ على هذه المنجزات يقدمه الإيرانيون كضمانات لحين التحقق من رفع العقوبات، وضمانات لعدم الإرتداد الأميركي على الإتفاق، بينما يربط الأميركيون في حال الإلتزام الإيراني الكامل بعض العقوبات بقضايا غير الملف النووي وبحدود السلطات التي يملكها الرئيس الأميركي، وتقول مصادر دبلوماسية روسية مشاركة في المفاوضات، إن الجولة الثامنة سترسم مستقبل التوقعات حول فرص نجاح المفاوضات في الجولات اللاحقة والمدة المطلوبة لتحقيق ذلك.
في مناخ الهدوء التفاوضي، على رغم الخطابات المتشددة المتقابلة من واشنطن وطهران، يتحرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتحقيق إنجازات دبلوماسية وتجارية يضعها في رصيده الإنتخابي على مسافة شهور قليلة من الإنتخابات الرئاسية، محاولاً إنجاز تفاهمات جزئية في طريق التهدئة بين المحورين المتقابلين في المنطقة بقيادة كل من الرياض وطهران، خصوصاً في العراق ولبنان، حيث نجحت في بغداد مساعي جمع طرفي الأزمة الناتجة عن الإنتخابات، وكان لماكرون دور رئيسي فيها عبر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، سعياً للوصول إلى لتوافق على حكومة جامعة يتولاها الكاظمي مجدداً، بينما يحمل ماكرون في زيارته الخليجية عدداً من المشاريع التجارية لحساب شركات فرنسية كبرى سواء في مجال السلاح أو بيع الطائرات وعدد من مشاريع الطاقة، ويحاول تتويج زيارته بإحداث إختراق في جدار الأزمة الدبلوماسية بين الرياض وبيروت، وفي هذا السياق جاءت استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي بناءً لطلب واضح من ماكرون تبلغه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
استقالة الوزير قرداحي التي شكلت الحدث الأبرز أمس شرح ظروفها قرداحي في مؤتمر صحافي، ومجموعة أحاديث تلفزيونية، أكد خلالها أن الأهم بالنسبة إلى قراره، الذي اتخذه بنفسه بدعم من حلفائه الذين أبلغوه وفي مقدمتهم الوزير السابق سليمان فرنجية أنهم يدعمونه في أي قرار يتخذه، هو عدم ترك المجال لتحميله مع حلفائه مسؤولية إفشال مسعى الرئيس الفرنسي، وتصوير الأمور وكأن كل شيء كان سينتهي لمصلحة لبنان لو قدم قرداحي استقالته، بينما تقديم الإستقالة إذا لم يفتح الطريق لحلحلة في مسار العلاقات بين بيروت والرياض، فهو يمنع على الأقل تصعيد الوضع الداخلي، وصولاً إلى إستقالة الحكومة والوقوع في الفراغ، وإلقاء مسؤولية ذلك على موقف قرداحي وحلفائه من خلفه.
بينما قالت مصادر خليجية إن لا توقعات إيجابية بنتائج زيارة ماكرون على العلاقات بين السعودية ولبنان، وأن الرياض عندما تقرر الحلحلة تفعل ذلك مع واشنطن أو طهران وليس مع باريس. تؤكد مصادر فرنسية أن ماكرون يملك خارطة طريق واثق من نجاحها تقوم على ملاقاة السعودية لاستقالة قرداحي بعودة السفير السعودي إلى بيروت، وإطلاق محادثات هادئة تشترك فيها فرنسا حول مشكلات العلاقة الثنائية عبر القنوات الدبلوماسية التي تمثلها سفارتي فرنسا والسعودية مع السفارة الأميركية في بيروت، في عودة للثلاثي الذي تولى التنسيق خلال مرحلة ولادة الحكومة اللبنانية.
بعد استقالة قرداحي لا عودة للحكومة إلى الإجتماعات، كما تؤكد مصادر حكومية، فالقضية التي عطلت الحكومة لا تزال عالقة وهي قضية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار التي فشلت سبل حلها على المستوى القضائي، ولم يبق إلا إطلاق المسار النيابي الذي اتفق عليه في لقاء البطريرك بشارة الراعي مع الرئيس نبيه بري، ونقله البطريرك الراعي إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ولاقى قبولهما لكن من دون أن يجد طريقه للتنفيذ، لصعوبة تأمين النصاب النيابي المطلوب لبدء الجلسة وللتصويت على إطلاق لجنة التحقيق النيابية من دون مشاركة نواب التيار الوطني الحر، ونصاب الجلسة ونصاب التصويت واحد في هذه الحالة وهو 65 نائباً اذا لم يؤخذ باجتهاد الـ61 نائباً، وفي الحالتين لا تكتمل العملية من دون مشاركة التيار الوطني الحر الذي يبدي الإستعداد للمشاركة في تأمين النصاب من دون التصويت مع الاقتراح. بينما تقول أوساط كتلة التنمية والتحرير إن الذي يضمن التصويت بـ65 صوتاً من دون التيار الوطني الحر لا يحتاج إلى حضوره لتأمين النصاب وهو 65 صوتاً أيضاً.
2021-12-04 | عدد القراءات 1246