فيينا تدخل المناطق الحرجة نقاط على الحروف ناصر قنديل

فيينا تدخل المناطق الحرجة 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- يبدو التصعيد السياسي الأميركي حول أوكرانيا وتايوان ، ومعه تحضيرات قمة الديمقراطية في واشنطن ، منصات للإلهاء والإشغال للقوتين العظميين المناوئتين للهيمنة الأميركية ، وقد بلغتا مرحة تشكيل خطر وجودي على الزعامة الأميركية خلال عقدي المواجهة المفتوحة في حرب الهيمنة الأميركية على العالم منذ سقوط جدار برلين عام 1990 ، وليست مجرد صدفة حدوث هذا الإلهاء وتلك المشاغلة بالتزامن مع بدء محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني ، فواشنطن التي تكذب على العالم كله  لا تكذب على نفسها ، فهي تعلم أن المعركة مع إيران ، من الباب النووي بعد إقفال إيران لسشائر الأبواب ، تختصر معارك السيطرة على آسيا ورسم توازناتها بعد الإنسحاب الأميركي من أفغاسنتان ، وبعد حروب السيطرة الفاشلة في العراق وسورية ولبنان واليمن ، ونهوض قوى المقاومة التي تشكل إيران قلعتها الإستراتيجية ، لأنها ترسم صورة توازنات قلب آسيا الذي تقف روسيا والصين على طرفيه ، وتضعان رصيدهما كله لدخول هذا القلب .

- خسرت واشنطن أهم أسلحتها واوراقها التفاوضية ، وكشفت إختلال ميزان القوى لصالح إيران ، عندما قبلت التفاوض على الملف النووي دون الدخول في ملفين سياسيين ترتبط بهما موازين القوى التي تحدد التوازنات وترسم المعادلات في المنطقة ، وهما سلاح الصواريخ الإيراني ، ودعم حركات المقاومة ، وكشفت أن مسعاها التفاوضي يرمي لتهدئة التصعيد وتبريد الجبهات ، بترسيم حدود الخسائر ، عبر الإعتراف بإيران نووية ، وقبول عودتها للمتاجرة والتعاملات المصرفية ، وسلمت بفشل سياساة العقوبات في ترويضها ، بعدما أعلنت الفشل افستراتيجي للحروب بإنسحابها من أفغانستان ، وأ، سقف تطلعاتها صار وقف التصعيد ، بما يعنيه ذلك من دعوة حلفائها لتقبل خسائر مشابهة لخسارتها في افغانستان ، فتنسحب السعودية من اليمن ، وتتجه "إسرائيل" نحو قبول تنازلات لتبريد جبهاتها الشمالية والجنوبية ، وتتوج أميركا ذلك بإنسحابها من العراق وسورية ، وأن سقف المفاوضات النووية يهدف للحصول على شروط تضعف مقدرات البرنامج النووي الإيراني بالقياس لما بلغه من تقدم .

- في الأيام الماضية حملت الخبار الآتيىة من مصادر أوروبية ، ما يوجي بفرضية فشل المفاوضات ، وظهر ان المناخ الأوروبي يعبر عن جزء من الضغط الإعلامي والسياسي الذي تظهر عبره أوروبا تبعيتها العمياء لأميركا ، وإنضباطها خلفها بعدما شعرت بالخطر من التصعيد الأميركي حول أوكرانيا ، لكن ما برز أمس من معطيات يؤكد أن ورقتي العمل الإيرانيتين اللتين وصفهما الأوروبيون بالمخيبتين للآمال ، تشكلان أساس التفاوض القائم ، وأن تقدما جديا يتم تحقيقه ، وأن لجنة ثالثة لدمج الورقتين قد تشكلت ، وأن المبعوث الأميركي الخاص بالملف النووي الإيراني روبرت مالي سيشارك في المفاوضات غير المباشرة ويدير الفريق الأميركي فيها ، وهذه كلها علامات على بلوغ التفاوض مرحلة متقدمة جدا ، يقترب فيها من التوصل لتفاهم ، وجاء الكلام الإسرائيلي عن الخيار العسكري ليضيف مؤشرا جديدا لتقدم المسار التفاوضي ، وكلما سمعنا مزيدا من الصراخ الإسرائيلي يجب ان ندرك أن المفاوضات تتقدم بجدية .

- قوة إيران التفاوضية تأتي من مصدرين ، الأول أنها بخلاف أميركا تملك بديلا للتفاوض هو المضي قدما ببرنامجها النووي حتى  لحظة القلق الأميركي من عتبة امتلاك السلاح النووي ، والمضي قدما في مشاريع التحرر الإقتصادي من مفاعيل العقوبات ، وبالتوازي الإتسناد الى ميزان قوى عسكري في المنطقة لها ولحلفائها اليد العليا فيه ، ومشكلة واشنطن التفاوضية انها تدرك بأن لابدائل لديها ، وأنها لحظة إعلانها الخروج من المفاوضات دون نتيجة ستفتح المنطقة على أحداث كبرى ستكون فيها ومعها الحليفين الخليجي والإسرائيلي في موقع الخسارة .

2021-12-13 | عدد القراءات 1651