ما يعني افلاس المصارف ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- ماذا يحدث عندما يتم إعلان إفلاس المصارف ، سؤال يتفادى الكثيرون طرحه بإعتباره من المحاذير التي يجب تجنب طرق بابها ، ويتجاهلون اننا نعيش في ظل إفلاس المصارف دون إعلان ، للحفاظ فقط على مصالح أصحاب المصارف التي يصيبها إعلان الإفلاس بنسبة من الخسائر التي يتم تدفيعها اليوم بسبب عدم إعلان الإفلاس للمودعين وسائر اللبنانيين دون شراكة أصحاب المصارف ، فالمعركة المفتوحة في البلد بصورة قائمة على الأكاذيب والإفتراءات منذ اعلان حكومة الرئيس حسان دياب الإمتناع عن دفع فوائد الدين الخارجي المعروفة باليوروبوند ، ومن بعدها اعلان خطة التعافي الإقتصادي وما تضمنته من تحديد لخسائر النظام المالي والمصرفي وتوزيعها بين المصارف ومصرف لبنان والدولة ، تدور كلها تحت عنوان ، كيفية تجنيب المصارف دفع حصتها من الخسائر ، وتسريع تدفيع المودعين النسبة الأكبر من الخسائر ، وتجنيب مصرف لبنان المساءلة وشطب الخسائر واقعيا عبر تصفية الودائع الصغيرة والمتوسطة بإبتزاز المودعين بحاجتهم للسحوبات ، وتصفير ودائعهم على أسعار تعادل 20-25% من قيمتها الفعلية ، وبالليرة اللبنانية .
- المعلوم انه عند إعلان إفلاس أي مصرف يقوم مصرف لبنان بتعهد تسديد الودائع ، بطريقة تتناسب مع سياساته ، اي بالتقسيط وبمواعيد يحددها ، ويدير الديون ، لكنه يضع يده على أصول المصرف ، بينما ما يقوم به مصرف لبنان اليوم ، هو تماما تسديد الودائع بشروطه سواء لجهة قيم التسديد ومواعيد أقساطها ، مع فارق الغموض والإستنسابية بدلا من الوضوح والشفافية في حال اعلان الإفلاس ، وفي الحالتين يحدد مصرف لبنان آلية سداد الديون وادارتها ، وهو يفعل ذلك اليوم ويتولى مباشرة عمليات فتح اعتمادات الزبائن فيقبل ما يريد ويرفض ما لا يريد ، ويتحكم بالتحويلات للخارج ، لكنه يمنعها عمن يريد ويسمح بها لمن يريد ، دون حسيب او رقيب ، لكن الفارق الأهم ان ذلك يجري دون وضع اليد على أصول المصارف ودمج قيمها في حاصل عملية التصفية ، لحساب اصحاب الودائع ، وتكون الحصيلة الواقعية كما هي اليوم ، أولوية حماية أصحاب المصارف وأموالهم ومكانتهم الخارجية ، وتدفيع المودعين ثمن ما ارتكبه مصرف لبنان واصحاب المصارف ومدراؤها ، فالمودع خاسر وحيد حاليا ، والدولة خاسر مستقبلي ، وفقا للمشروع الذي يتعاون على فرضه كأمرو اقع ، مصرف لبنان واصحاب المصارف ويلقيان الدعم والحماية على الصعيد السياسي ، بداعي القلق من الأسوأ ، والأسوأ قادم .
- أصحاب الودائع بالليرة اللبنانية صارت قيمة ودائعهم أقل من 10% من قميتها ، وأصحاب الودائع بالدولار يسحبون نسبا تعادل وسطيا 1% من ودائعهم شهريا ، وبسعر يعادل 20% من قيمتها ، وطالما أن الخسائر تعادل 50% من قيمة الودائع ، فان المضي بهذه التوجهات بضعة شهور سيتكفل بإطفاء الخسائر عبر تطبيق غير معلن لما يسمى بالهيركات الذي يطبقه مصرف لبنان على المودعين ، تحت شعار تعاميم لتسهيل السحوبات ، وبالتوازي تمت تغطية فترة الإنهيار الكبير في سعر الصرف ، بتمويل مؤقت لبعض المستوردات الحيوية بسعر وهمي للدولار استفاد من النسبة الأكبر منها كبار التجار واصحاب النفوذ الذين حولوا اموالهم للخارج ، بينما تمت الإستفادة من التوقف عن الدفع لسندات اليوروبوند ، دون التررد في مهاجمهة قرار التوقف ، بتحول القمية الفعلية للدين الخارجي الى اقل من 30% من قيمته الإسمية ، أي أقل 10 مليارات دولارات ، بينما صارت قيمة الدين الداخلي أقل من خمسة مليارات دولار ، بفعل انهيار قيمة الليرة ، وصارت نفقات الدولة التي تشكل الرواتب كتلتها الرئيسية ، أقل من مليار دولار ، وانخفضت التغطيات الاجتماعية الى 20% من قيمتها في مجالات الصحة والتعليم حتى لو طبقت البطاقة المالية دون استنساب ومحسوبية ، ورغم ذلك لم يرتو عطش حاكم المصرف وجشع المصارف ، فعينهم جميعا على ممتلكات الدولة التي تم تصفير سعرها ، وصار شراؤها أو احستاب قيمتها بدل الديون بأرخص الأسعار ممكنا ، وتم دفع أكثر من نصف القوة العاملة الشابة نحو الهجرة لتمويل بقاء المقيمين ، كما يحدث في كل دورة انفجارية في النظام السياسي والمالي منذ الإستقلال ، وغدا عندما يعاد تعويم النظام عبر تسوية اقليمية دولية جديدة ، يستعيد النظام المصرفي ومصرف لبنان مكانتهما القيادية ، ويتلقى رموزهما دروع التكريم وأوسمة الإنقاذ .
2021-12-18 | عدد القراءات 2065