كتب المحرّر السياسيّ
يسهل على الأميركي والروسيّ رغم صراع الجبابرة الذي يخوضانه على مستوى العالم، الى حد القتال الوجوديّ لكل منهما، أن يجدا سبيلاً للحوار، بل أكثر من سبيل، من لقاء القمة الى حوار بالفيديو بين الرئيسين وصولاً لحوارات الوفود حول قضايا الخلاف، فلجنة للحوار حول الأسلحة الاستراتيجية وأخرى للأمن السيبراني وثالثة استضافتها جنيف أمس، حول ملف أوكرانيا، بين خطر الحرب مع روسيا، وطلب موسكو لضمانات عدم ضمّها الى حلف الناتو، ورغم تمسك كل من الفريقين بمقاربته فإن اللقاء بشهادة الطرفين أنشأ نوعاً من ربط النزاع منعاً للمزيد من التدهور، خصوصاً ما بدا أنه سعي أميركي للتريث وإعادة القراءة المشتركة مع الحلفاء للسلوك الروسي في ضوء ما جرى في كازاخستان، وبالمستوى ذاته ينجح الإيراني والأميركي وقد دارت بينهما حروب ضروس، وشهدت المنطقة فصولاً عديدة منها، كان فيها محور المقاومة والاستقلال مدعوماً من إيران، يواجه مشروع الهيمنة الأميركية وقد اتخذته «إسرائيل» ستاراً لضم وتهويد الأراضي الفلسطينية وممارسة العدوان على لبنان وسورية وفلسطين، كما اتخذته السعودية غطاء لحربها على اليمن وتصعيدها بوجه قوى المقاومة، خصوصاً حزب الله، لكن طهران وواشنطن رغم ما يبدو صراع حياة أو موت لكل منهما وجدتا في فيينا فسحة للحوار، ومثله وجدت طهران والسعودية فسحة موازية. وكل من الفسحتين تتقدّمان نحو إنجاز تفاهمات رغم البطء، ورغم محدودية قضايا الاتفاق، لكن في لبنان الذي يجمع ابناءه مصير واحد، مهما تباينوا، يبدو الحوار ترفاً يحتاج الى التبصر، ويشكل رقماً في البورصة الانتخابية، يحسب على أساسها، ويظن البعض أن مقاطعته يمكن أن ترفع أسهمه الانتخابية، وأنه يستطيع منحها صفة الميثاقية المعطلة، ناسياً أن الحوار ليس مؤسسة دستورية، وأن مشاركة ممثلين آخرين من أي من طوائف المقاطعين يسقط افتراض غياب مكوّن طائفي عن الحوار، فيما تدرس بعبدا ملفاتها وتذهب للتشاور لاستكشاف فرص المضي بالحوار بمَن حضر.
الدعوة للحوار تنطلق مع مشاورات بعبدا، التي يبدو أن موعد رئيس مجلس النواب نبيه بري فيها انتقل من الافتتاح إلى الختام، لجوجلة الحصيلة واتخاذ القرار النهائي بالمضي بالحوار او بصرف النظر عنه، انطلاقاً من إقرار المعنيين في بعبدا بأن موقف رئيس المجلس النيابي يشكل بيضة القبان في إنجاح الحوار أو إفشاله، وسط تأكيدات مصادر عين التينة جهوزية بري للتلبية عندما يُدعى، فيما قالت مصادر قريبة من بعبدا أن اليوم وغداً سيشهدان تشاوراً يضم أقطاباً أساسيين من طاولة الحوار، كرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان، ورئيس حزب الطاشناق هاغوب بقرادونيان ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
الدعوة للحوار لم تحجب السجال المتواصل حول انعقاد الحكومة مع بقاء العقد التي تحول دون هذا الانعقاد تراوح مكانها، فيما قالت مصادر تتابع ملفي الحوار والحكومة أن ثمة فرضية لضم ملف الأزمة الحكومية الى بنود الحوار، خصوصاً مع تحوّل الحوار الى دائرة تضم أغلب المشاركين في الحكومة، وسط مقاطعة قوى تقف على مسافة منها.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التقى بالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، وتبلّغ منه بحضور وزيري الكهرباء والبترول أولوية توقيع العقد الرباعيّ بين مصر والأردن وسورية ولبنان، على طلب الإعفاء من العقوبات الأميركية، مشيراً الى أن توقيع العقد الرباعيّ سيتم قريباً.
مع تسجيل سعر صرف الدولار في السوق السوداء رقماً تاريخياً بتخطيه عتبة الـ32 ألف ليرة للدولار الواحد وتفاقم الأزمات الى حدود غير مقبولة وعودة أزمة المحروقات واستحضار طوابير الذلّ أمام محطات الوقود وبلوغ الأزمة السياسيّة ذروتها بغياب مؤشرات الحلحلة حتى الساعة، لم يعُد ينفع إلا الصلاة والدعاء لإنقاذ لبنان من موته المحتّم، كما فعل البابا فرنسيس الذي لم يجد سبيلاً إلا الدعاء لبلاد الأرز كي تبقى على هويتها وكنموذج للسلام والعيش المشترك بين الطوائف، آملاً بأن تساهم الإصلاحات المطلوبة ودعم المجتمع الدولي بذلك.
2022-01-11 | عدد القراءات 1551