ناصر قنديل
– يعرف اللبنانيون أن نقطة الأساس في خلافاتهم وتمايزاتهم تبدأ من نظرة كل فريق منهم لعلاقة لبنان بسورية، حيث لا يمكن تخيّل وجود فريق يعادي سورية ويناصر المقاومة أو العكس، بل إن بعض الأطراف في لبنان حمل موقفاً عدائياً تجاه المقاومة كاستمرار لعدائه تجاه سورية، والذين يحاولون صياغة موقف وسط من سلاح المقاومة فيقولون إنهم معه ولكن، يفعلون ذلك على طريقة موقفهم ذاتها من العلاقة بسورية، كما يعرف اللبنانيون على اختلاف نظراتهم للعلاقة بسورية، أن أغلب القضايا التي ترتبط بها حلول أزماتهم مستحيلة التحقق دون ترتيب العلاقات اللبنانية السورية، وما حدث عندما قرر الأميركي أن يرد على سفن كسر الحصار التي جلب عبرها المازوت الإيراني إلى لبنان عبر سورية، أن أميركا نفسها رغم إتساع مروحة خياراتها لم تجد للرد ما يتجاوز العلاقة اللبنانية السورية، فاضطرت للردّ باستثناء استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر من العقوبات التي تفرضها على سورية من خلال قانون قيصر.
– تحت عباءة العلاقة اللبنانية السورية يندرج كل ما يتصل بالتجارة اللبنانية سواء لصادرات صناعية وزراعية لبنانية نحو العمقين العربي والآسيوي، أو لتجارة الترانزيت، فهي البوابة الوحيدة التي فشلت كل المكابرة التي حاول البعض اللجوء اليها باعتماد بديل النقل البحري أو الجوي متجاهلاً أن قوة موقع بيروت التجاري تتأتى من كونها هذا المعبر البري الذي تملكه باقتصادها الحر عبر سورية التي يحكمها اقتصاد الدولة، وتحت عباءة العلاقات اللبنانية السورية ملفات الأمن الحدودي ومكافحة التهريب، وهو ملف شائك يستحيل الحديث عن النجاح فيه من دون تنسيق بين طرفي الحدود، ومثله ملف النفط والغاز سواء ما يتصل بتشغيل أنبوب النفط العراقي الى مصفاة طرابلس عبر سورية، أو ما يتعلق بحاجة لبنان لربط تسويق ثرواته المستقبلية من النفط والغاز خارج إطار مشاريع الشراكة مع «إسرائيل»، ما يجعل الشراكة اللبنانية السورية وحدها السبيل لتجميع ثروات وازنة بحجم يتحمل أعباء أنابيب النقل المكلفة، وفي العلاقة اللبنانية السورية مستقبل الأمن والاستقرار في جبهة المواجهة مع كيان الاحتلال الذي ربط مصير مزارع شبعا والانسحاب منها بمصير الجولان السوري المحتل، خلافاً لكل الأكاذيب عن ان ترسيم حدودها بين لبنان وسورية يحل مشكلتها، وقد حاول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومعه الرئيس فؤاد السنيورة إنهاء الملف تحت عنوان تسليم المزارع لليونيفيل، وكان الجواب الأميركي الإسرائيلي قاطعاً بربط مصير المزارع للاعتبار الأمني الاستراتيجي بمصير الجولان، وأخيراً لا آخر، تشكل العلاقة اللبنانية السورية بوابة أي بحث جدي بعودة النازحين السوريين، الذين تقول تقارير البنك الدولي إنهم أحد أكبر الأعباء التي تسببت بالأزمة التي يقع لبنان تحت وطأتها، وعلاج هذه الأزمة يبقى نسبياً من دون حل جذري ينتهي بعودة النازحين الى بلادهم، التي صارت آمنة بما يكفي لاستقبالهم.
– التقدّم إيجاباً نحو ترتيب العلاقة اللبنانية السورية اليوم، يلاقي مناخاً دولياً وعربياً مختلفاً، فرغم كل الخطابات الساخنة التي يطلقها البعض من العرب والغرب، يعرف اللبنانيون أن زمن القطيعة مع سورية يتبدد، وأن الحظر على الانفتاح عليها يتفكك، وأن التسابق على حجز مقعد على طاولتها يتصاعد، وأنهم اليوم عندما يتقدمون باتجاه دمشق فلن يجدوا مَن يعاتبهم أو يسائلهم عن هذا التقدم، بل ربما ينوجد من يقول لسورية أنه مَن أوحى لهذا الفريق اللبناني او ذاك بالتحرك صوب دمشق، لذلك كله ولأسباب لا تقل أهمية تستحق العلاقة اللبنانية السورية أن تكون بنداً على طاولة الحوار الوطني، كاملة كانت أم عقدت بمن حضر.
2022-01-13 | عدد القراءات 1276