ناصر قنديل
– يتخذ العديد من الشخصيات التي تمثل خط الخصومة الفكرية والسياسية مع المقاومة، تموضعاً جديداً من الانتخابات النيابية المفترض إجراؤها في شهر أيار المقبل، وقد كتب على سبيل المثال كل من رضوان السيد وسام منسى، كل من موقعه، مقالات تضع الانتخابات النيابية في خانة الرهان العاجز عن تقديم التغيير المنشود، وصولاً لخطاب عنوانه، الانتخابات في ظل السلاح ستعيد إنتاج المشهد السياسي الذي يشكل فيه حزب الله محور الحياة السياسية والبرلمانية، وعنوان صناعة الاستحقاقات المقبلة وفي مقدمتها استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وينضمّ إلى الكاتبين عدد آخر من الناشطين المناوئين للمقاومة، للدعوة لـ “شحط فرامات” أمام نظرية هيّا الى الانتخابات، والانتخابات مدخل التغيير، والعودة إلى شعار لا انتخابات في ظل السلاح.
– يستعين هؤلاء الذين يزداد عددهم ويرتفع صوتهم، بمثال الانتخابات العراقيّة، وعجزها رغم النتائج التي أوحت باختلال المعادلة داخل المجلس النيابي، عن فرض التغيير المنشود، في ظل موازين قوى موضوعية داخليّة وإقليميّة، لا يمكن قيام سلطة تستطيع الحكم على قاعدة تجاهلها، بالرغم من النجاح في العراق بإحداث شرخ داخل البيئة الطائفية المحيطة بالمقاومة، بينما يبدو في لبنان أن هذه البيئة عصيّة على الكسر والشق والاختراق، ويضيء هؤلاء على المثال السوداني، حيث ترفض القوى المدعومة من الخارج العربي والغربي، والتي تحمل اسم قوى الحرية والتغيير، الذهاب الى الانتخابات لأنها تعلم كما اتهمها خصمها رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، بأنها لن تحصد نتائج تتيح لها الدور الذي تطلبه من فوق لا من تحت، داعية لتأجيل الانتخابات علناً لسنوات، دون أن يسمع صوت اعتراض قويّ على ذلك من العرب أو الغرب والجماعات الحقوقيّة، صاحبة شعار “الانتخابات الآن”.
– العودة إلى الورقة الخليجية يقوم به بعض هؤلاء لتقديم تفسير غريب، مضمونه أن تسلسل بنود الورقة ليس مجرد عملية ترقيم، بل هو تسلسل تراتبي للتنفيذ. وهذا معنى وضع اجراء الانتخابات في موعدها تحت البند 8، بينما البنود السبعة التي سبقته تتناول السياسات الإقليميّة، ومنها تطبيق القرار 1559، ويقول هؤلاء إن شرط المطالبة بالانتخابات، وربما قبول إجرائها، أمران مشروطان بتطبيق ما قبلها، أي حسم مستقبل سلاح المقاومة، وليس للحسم وجهة أحادية هي إنهاء أمر السلاح وسحبه، بل يحتمل الأمر السعي لتفاهمات إقليمية ودولية تعيد نوعاً من التوازن الذي أرساه اتفاق الطائف، وحصلت فيه السعودية على دور الشريك الكامل في مرجعيّة صناعة القرار اللبناني.
– الموقف الغربي، الأوروبي والأميركي، الذي كان يبدو متحمّساً لإجراء الانتخابات والترويج لاعتبارها مدخلا للتغيير، يبدو بارد الهمة تجاه المضي في هذا الخطاب، من دون الانقلاب عليه، خصوصاً مع الأرقام التي تتحدّث عن تقدم فرضيات حفاظ حزب الله وحلفائه على الأغلبية النيابية على فرضيات نيل خصومه لهذه الأغلبية، وظهور سقوف متواضعة لأحلام تقدّم ما يُسمّى بمنظمات التغيير والثورة والمجتمع المدني، بينما يعتقد بعض المتابعين للسياسات الغربية أن الاهتمام بالانتخابات يتراجع لاعتبار آخر هو تفضيل الغرب تقليدياً التعامل مع الأقوياء، خصوصاً مع حسم أميركي وأوروبي لاستحالة تغيير موازين القوى في المنطقة، والتسليم بالعجز الذي يصيب الإسرائيلي بوجه قوى المقاومة، ويصيب مثله السعودية والإمارات في العجز عن حسم حرب اليمن، ما قد يحول النغمة الغربية عن الانتخابات الى فرصة لإلقاء الحجة على من دعمهم الغرب لهذه الغاية، بالقول لا تلومونا بالتعامل مع حزب الله، فقد نلتم فرصتكم وفشلتم.
– بعد انسحاب الرئيس سعد الحريري، وسحب تياره، من المشهدين السياسي والنيابي، تريث ثنائي حركة أمل وحزب الله لاستكشاف مواقف كل من دار الفتوى والنائب السابق وليد جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي، مع الخشية من تكرار مشهد عام 1992، وكي لا يبدو الثنائي ضمن معسكر الراغبين في تقاسم الميراث الحريري نيابياً، كما ظهر سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية. ومع تبلور المواقف التي أجمعت على التأكيد أن انسحاب الحريري وتياره لن يؤثر على حضور الطائفة التي يمثلان الأغلبية فيها، وأن الأولوية باقية لإجراء الانتخابات، فخرجت مواقف حاسمة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ونائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، تعلن المضي قدما بالاستعداد للانتخابات تحت شعار “الانتخابات في موعدها”، وإذا كان البعض يضع علامات استفهام على كلام رئيس الجمهورية المشابه بسبب ما يتداوله هؤلاء عن مصلحة التيار الوطني الحر بتمديد ولاية مجلس النواب، لعدم مواجهة انتخابات تحتمل الكثير من فرضيات الخسارة، من جهة، ولتعزيز فرص التمديد لرئيس الجمهورية في حال التمديد للمجلس النيابي من جهة مقابلة، فإن الثنائي باعتراف خصومه سيخرج من الانتخابات كما خرج بالتي سبقتها مغلقاً تمثيل الطائفة بين طرفيه.
-هل سنصل الى موعد الانتخابات، ويبدو الثنائي وحيداً بين القوى الكبرى، داعياً للانتخابات في موعدها؟
2022-02-04 | عدد القراءات 1314