– يتهم المدافعون عن أرقام الموازنة المتوحشة كل مَن يعارضهم بالقول إن معارضتهم غير مسؤولة لأن الدولة في نهاية المطاف تحتاج لتأمين موارد لتغطية نفقاتها التي يجب أيضاً ضبطها بصورة تتيح تخفيض العجز وملاقاة صندوق النقد الدولي، وأن الجمارك من جهة وجبايات الكهرباء والاتصالات من جهة ثانية هي المداخل التي يمكن الاعتماد عليها لتحقيق التوازن الواقعي بين النفقات التي تضمنت زيادات لمداخيل الموظفين لا يمكن تغطيتها بدون زيادة الواردات.
– الجواب هو أن لا أحد يدعو الدولة لعدم زيادة النفقات أو إهمال زيادة الواردات، بل إن المطلوب زيادة أكبر للواردات لتأمين زيادة إضافية للنفقات خصوصاً في بند الرواتب والأجور، التي يجب ان تكون عملياً 4 أضعاف واقعها الحالي، أي قرابة الـ 30 الف مليار ليرة، من موازنة يجب أن تكون ضعف الموازنة الحالية فتبلغ مئة ألف مليار ليرة، يخصص منها 20 ألف مليار للبطاقة التمويليّة، وتنصف فيها وزارات الصحة والتربية والأشغال والشؤون الاجتماعية بمتطلبات النهوض بمسؤوليات كبرى.
– في الواردات يجب أن تعلم الحكومة ووزارة المال إن أهم مداخيلها يحتسب عليها ديوناً من مصرف لبنان بطريقة احتيالية لا مثيل لها في العالم. فكل عائدات طباعة العملة محسومة منها كلفة الطباعة تقيّد في حساب وزارة المال، في كل دول العالم، الا في لبنان فتقيد أرباحاً في حساب مصرف لبنان، ويفترض بالحد الأدنى احتسابها مناصفة بين المصرف ووزارة المال، وأن تُحصر أية طباعة مقبلة من النقد لاتفاق خطي يحصل على اجازة مجلس النواب مسبقاً، لأن آثاره تعادل الديون الخارجية عندما يزيد عن 10% ضمن متطلبات ما يعرف بالحالات الطارئة. وحصة وزارة المال من النقد الجديد الموضوع في التداول يجب ألا تقل عن 20 ألف مليار ليرة، وفرض غرامة بمفعول رجعي على المصارف عن كل التحويلات التي أجرتها منذ قرار المصارف الامتناع عن سداد ودائعها، ما يجعل هذه التحويلات عملاً احتيالياً ونوعاً من تبييض الأموال وتهريبها في ظروف تهدّد النقد الوطني والاستقرار المالي والاقتصادي، والغرامة لا يجوز أن تقل عن 10% من قيمة التحويلات، لا يقل عائدها عن ملياري دولار.
– في التسعير يسهل على الحكومة اعتماد نظام الشرائح ككل بلاد العالم التي تحترم فيها الدولة شعوبها، فتحتسب كلفة الكهرباء والاتصالات بما لا يزيد عن 30% من الدخل المقدر للطبقات الدنيا، ولا يزيد عن 20% للطبقات الوسطى ولا يقل عن 10% بالنسبة للميسورين، فيوضع تسعير لكل استهلاك يعادل الشريحة المعنية، ينتهي بالرقم المناسب، فمَن دخله مليون ليرة حالياً، والأربعة ملايين بعد التعديل، يجب ألا تزيد مجموع فواتيره للكهرباء والاتصالات عن مليون ومئتي ألف ليرة، ومَن دخله اليوم ستة ملايين وسيصبح 24 مليون ليرة لا يجوز أن تزيد فواتيره عن خمسة ملايين ليرة، ومَن دخله مئة مليون وما فوق لا يجب أن تقل فواتيره عن عشرة ملايين.
– القضية ليست في تأمين الواردات وزيادة النفقات بل بالهويّة الاجتماعيّة للدولة.
التعليق السياسي
2022-02-12 | عدد القراءات 2564