بوتين يحسم نصف الحرب في يومها الأول بتفكيك البنية العسكريّة الأوكرانيّة / النقطة الحرجة في العقوبات وتوازن الرعب: «سويفت» مقابل إمدادات الغاز/ حردان وحجازي: لرفع الحاصل الوطنيّ ولحماية المقاومة والوحدة والسلم الأهليّ/
بخلاف النفي الروسي الدائم للاتهامات الأميركية بوجود نوايا وخطط مسبقة لغزو أوكرانيا، أو على الأقل شن حرب شاملة عليها، أثبتت المعلومات الاستخبارية الأميركية التي بدأ تداولها منذ مطلع الشهر الحالي، أنها لم تكن مجرد بروباغندا أميركية للتهويل أو المساومة، وما جرى أمس فجراً، براً وبحراً وجواً، لم يكن إلا تعبيراً عن تنفيذ القوات الروسية لقرار وخطة حرب شاملة على أوكرانيا، تدرجت خلال أسبوع بالاعتراف الروسي بجمهوريتي دونباس، لحقه توقيع معاهدات تعاون ذات شق دفاعي مع كل منهما، ليبدأ الجيش الروسي العملية التي حذرت واشنطن وحلفاؤها موسكو من القيام بها، والفوز الأميركي بإثبات صحة المعلومات، يجعل الفشل الأميركي بتفادي وقوع الحرب وردع موسكو عن البدء بها، ولاحقاً الفشل في حماية النظام الحليف في كييف، مسؤولية أكبر، حيث لا حجة لواشنطن بأنها تفاجأت، فهي لم تتلق تحذيرات بوجود خطر حرب، بل هي من أطلق هذه التحذيرات، ولم تفعل شيئاً، وبمثل ما عرفت بالخطة كانت تعلم بحدود القدرة الأوكرانية على الصمود بوجهها، وبحدود ما ستفعله أميركا والناتو لمنع الحرب أو لدعم النظام الحليف، ولذلك رفضت تقديم الضمانات التي كانت تكفي لتراجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قرار الحرب، سواء لجهة التراجع عن نوايا نظام كييف بامتلاك سلاح نووي، او لجهة التزام الناتو بعد ضم أوكرانيا الى صفوفه، فما نفع العناد هنا طالما ان أوكرانيا بقوة ما حدث ستكون عاجزة عن التفكير بامتلاك سلاح تقليدي وليس سلاحاً نووياً، وسيكون التفكير بضمّها للناتو ضرباً من الخيال، ويصير السؤال لماذا ضحت واشنطن بأوكرانيا ولم تفعل ما ينقذها، ما دامت عاجزة عن خوض حرب او التهديد بها، كما فعلت موسكو يوم جاهرت واشنطن بغزو كوبا، وكانت التسوية التي ضمنت لأميركا أمنها في الجوار وضمنت لكوبا استقلالها؟
فجر اليوم بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حربه الشاملة على أوكرانيا، دون ان يظهر حجم نية التوغل البري في الأراضي الأوكرانية، لكن نتائج اليوم الأول من الحرب كانت كافية للقول بأن موسكو حققت نصف أهدافها، بتدمير البنية التحتية العسكرية الأوكرانية، حيث خرجت كييف بنهاية هذا اليوم دون مطارات ودون رادارات ودون نظام صاروخيّ ودون دفاع جوي، فنزعت أنيابها ومخالبها، وصار زمام المبادرة لتحديد سقف الحرب ملك أيدي موسكو وحدها، وخرجت في كييف وأوروبا وواشنطن مقارنات تنتهي بأسئلة، من نوع لماذا لم تصمد أوكرانيا على الأقل كما صمد العراق بوجه الحرب الأميركيّة، فرغم تعرّض العراق لحصار عشر سنوات، تمكّن جيشه من الصمود لأسبوعين قبل أن تنهار دفاعاته الأساسية، وهو يواجه كل الجيوش الأميركيّة، ويقع تحت عزلة عربية ودولية، ويشارك أكثر من نصف شعبه في الحرب ضد النظام، وقارن البعض بين صمود المقاومة بوجه جيش الاحتلال الإسرائيلي وقدراته النارية سواء في حرب تموز 2006 على لبنان، التي استمرت لثلاثة وثلاثين يوما، أو في الحروب التي تعرّضت لها غزة وكانت آخرها معركة سيف القدس.
النصف الثاني من الحرب حدّد بوتين عنوانه وهو تسليم أي حكم في أوكرانيا بعدم امتلاك أي سلاح يهدد الأمن الروسي والتزام الحياد، ويبدو هذا النصف مرهوناً بنجاح موسكو في تحويل الانتصارات العسكرية الى حراك داخلي في أوكرانيا على مستوى النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية، في ظل خريطة للعمليات بدا انها تستهدف مناطق تراهن موسكو على خروج نخب ذات أصول روسية فيها لإعلان استقلال مشابه لجمهوريتي دونباس، مثل خاركوف وأوديسا وسواهما.
المواجهة الأميركية الأوروبية التي تتخذ طابعاً قانونياً ومالياً، تحت عنوان العقوبات شملت خطوات جديدة تمثلت بتجميد أصول بنوك وشركات روسية قال الرئيس الأميركي جو بايدن أنها تزيد عن تريليون دولار، لكن مصادر مالية في موسكو قالت إن النقطة الحرجة في المواجهة المالية، والتي تمثل توازن رعب متبادل بين موسكو وواشنطن، تتمثل في معادلة منع موسكو من استخدام نظام السويفت للتحويلات، وما سيعنيه من توقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا، فما يجعل موسكو لا توقف شحنات الغاز هو فقط ضمان تدفق أثمان الغاز المباع الى حسابها، ويعرف الأميركيون والأوروبيون أن هذه تعادل تلك، وأن لا بدائل للغاز الروسي بالنسبة لأوروبا، فنورت ستريم 2 هو أنبوب لم يتم استخدامه بعد، وتعليقه لا يؤثر على السوق، لكن أنبوبين روسيين آخرين يضخان 40% من حاجات أوروبا من الغاز عبر أوكرانيا،
2022-02-25 | عدد القراءات 1797