لماذا لا تخشى روسيا العقوبات ؟ كتب ناصر قنديل

لماذا لا  تخشى روسيا العقوبات ؟

كتب ناصر قنديل 

- اكتسب الروس خبرتهم مع العقوبات من مقاربة وقراءة التجربة الأميركية والغربية مع إيران ، حيث أطول برنامج عقوبات زمنيا ، وأكثر برامج العقوبات قسوة وشمولا للقطاعات الإقتصادية والمالية والشخصيات العامة .

- أول ما تقوله التجربة الإيرانية هو أن المفعول النفسي للعقوبات أكبر من مفاعيلها الواقعية ، ومتى تم الاستعداد للتأقلم مع العقوبات فقدت نصف تاثيرها ، ومتى تحويلها من تحدي الى فرصة لبناء اكتفاء ذاتي في مجالات والتوجه لأسواق بديلة في قطاعات أخرى ، وقيادة برامج اعلامية ووطنية لنقل الناس من عادات فرضتها قواعد النمط الاستهلاكي الغربي الى عادات استهلاكية مختلفة ، يمكن حصر اضرار النصف الثاني وربما تحويلها من مصدر للخسائر الى ارباح ، وهذا معنى الصمود السياسي والشعبي الإيراني عند الثوابت السياسية والوطنية رغم العقوبات ، والصمود الإقتصادي والإجتماعي في ظلها.

- من دروس الخبرة الإيرانية بالمقارنة مع الواقع الروسي ، فإن ما لم تفعله العقوبات بالإقتصاد الإيراني الأضعف بكثير من الإقتصاد الروسي ، لن تستطيع فعله بروسيا ، فلدى روسيا ميزتين إضافيتين إستراتيجيتين على الأقل ، الأولى ملف الغاز والنفط مع أوروبا ، بحيث يؤدي شموله بالعقوبات الى انفجار في سوق الطاقة العالمي والأوروبي خصوصا ، وبالمقابل يؤدي بقاؤه خارج العقوبات كما هو حاصل الآن ، وهو ما لم يحصل مثله مع إيران ، الى اضعاف الكثير من تاثيرات العقوبات وتعطيل الكثير من مفاعيلها ، والثانية وجود احتياطات مالية ضخمة لروسيا في البنوك الصينية وبالعملات الصينية ، مع اتفاق مسبق بدأ يظهر الى العلن برفض الصين تطبيق العقوبات الأميركية على روسيا ، وهذا لم يحدث مع إيران ، وها هي النتيجة أن روسيا تملك ما يكفي من المال لسنتين قادمتين لتغطية كل انفاق الدولة ، حتى لو يدخل خزينتها قرش واحد ، فكيف ومواردها من بيع النفط والغاز تزداد كميات  وأسعار وعائدات ؟

- الخبرة الأهم في ملف العقوبات وفقا للتجربة الإيرانية ، ان واشنطن بعدما يئست من تطويع إيران ، وبسبب الخشية من امتلاك إيران للسلاح النووي لجأت الى التفاوض لرفع العقوبات ، ومنها ما بدا توقع التراجع الأميركي عنه صعبا كتصنيف الحرس الثوري على لوائح الإرهاب الأميركية ، وهذا يعني ببساطة أن نجاح روسيا بتحقيق أهداف عمليتها العسكرية سيعيد وضع العقوبات على الطاولة للتفاوض ، ربما ضمن صيغة تشبه الخمسة زائد واحد ، مقابل تفادي المواجهة النووية ، وليس مجرد امتلاك سلاح نووي .

- لذلك تدير موسكو اذنا صماء لحديث العقوبات وتضع نصب أعينها الفوز بنتائج العملية العسكرية لأن الباقي سيكون مجرد تفاصيل .

2022-03-21 | عدد القراءات 1829