فلسطين واليمن ورفع الحصار
كتب ناصر قنديل
- تقدم تجربة الهدنة اليمنية فرصة للفلسطينيين الذين يستعدون لجولة مواجهة تبدو حتمية الوقوع ، لقراءة الخطوات التكتيكية التي يمكن السير باتجاهها وجعلها أهدافا لجولتهم القادمة ، حيث في اليمن يبدو صعبا القول إن قضايا الحل النهائي باتت واضحة ، سواء لجهة مستقبل النظام السياسي أو وضع جنوب اليمن أو مضيق باب المندب ، وكلها قضايا قد تعيد تفجير الوضع العسكري ، لكن نجاح معادلة الردع انها وضعت اطارا للمواجهة العسكرية المقبلة بوضع استهداف العمق السعودي ومنشآته الحيوية مقابل الحصار والغارات الجوية على صنعاء والحديدة ، بما يضمن عمل المطار والمرفأ في أي جولة قادمة طالما ان السعودية تريد تفادي استهداف عمقها .
- في فلسطين التي لم يعد ممكنا الحديث عن لجم مسار التصعيد فيها ، كثيرة هي القضايا التي تشكل هموم واهتمامات فلسطينية ، بعيدا عن الحل النهائي الذي لا وهم لدى اي من الفلسطينيين بامكانية جعله هدفا للجولة القادمة ، سواء بمنظور دعاة قيام دولة على الأراضي المحتلة عام 67 أو دعاة التحرير الشامل لكل فلسطين ، فميزان القوى الذي ستنتجه الجولة القادمة محسوم انه سيحسن من وضع الفلسطينيين ، لكن محسوم أيضا أنه لن يكون كافيا لفتح ملفات بحجم القضايا النهائية .
- ثلاثة أهداف تكتيكية تطرح على الفلسطينيين كعناوين محتملة للجولة القادمة ، المطالبة بضمانات دولية واقليمية لتجميد اجراءات الاخلاء في القدس ووقف التعديات على المسجد الأقصى ، و المطالبة بحماية دولية في الضفة الغربية أو المناطق المحتلة عام 48 ، أو كليهما ، وهذا هدفين يعني تحقيقهما تغييرا بنيويا في وضع الكيان ، وتغيير في موازين القوى لا تبدو الجولة القادمة قادرة على انتاجه ، فضمانات حماية القدس تعني تسليما بنزع الطابع العقائدي الصهيوني المتمحور حول القدس للكيان ، وإنهاء الدور القيادي للمستوطنين والتيارات الدينية المتطرفة ، ومثل هذه التنازلات تحتاج حكومة علمانية قوية بمثل حكومات حزب العمل قبل عقود مضت وانتهت بقتل اسحق رابين ويصعب أن تعود ، أما الحماية الدولية وتعني تسليما من الطيان بدخول مرحلة العجز العسكري من جهة ، والخضوع لمعادلات يكون للقرارات الدولية دور وحيز ، وهو ما عملت "إسرائيل" منذ نشأتها على القتال لمنع حدوثه ، من جهة مقابلة .
- يبدو هدف رفع الحصار عن غزة ، التي شكلت للقدس والضفة ظهير الحماية ومصدر قدرة الردع ، وستلعب ذات الدور مع تصاعد الجولة القادمة ، هدفا جامعا ، يوفر مزيدا من الحماية للقدس والضفة وأراضي ال48 ، كما يحقق مكسبا طال انتظاره لأهل غزة مقال تضحيات كبيرة قدموها في المواجهات المتلاحقة ، وهو هدف يمكن توفير ارضية داعمة لتحقيقه دوليا بقوة أكبر من أي هدف آخر ، كما أن موازين القوى ستعيده الى الواجهة كعنوان لجولات سابقة وتعهدات لم يتم الوفاء بتحقيقها ، وسيترتب على تحقيق هذا الهدف جعل استهداف عمق الكيان مقابل العودة للحصار كإطار لمعادلة الردع ، ما يرفع سقفها درجات عديدة .
2022-04-04 | عدد القراءات 1386