الطلاق بين الغرب والشرق إلى أين ؟ كتب ناصر قنديل

الطلاق بين الغرب والشرق إلى أين ؟ 

كتب ناصر قنديل

- يخوض الغرب معركة أوكرانيا بوجه روسيا بصورة لا تخفي الوجه العنصري للسلوك الغربي من جهة ، ولا الخلفية المعادية للشرق على قاعدة فرضية أن الطلاق سيعني إختناق  الشرق ، وأن مبدأ الشراكة هو نعمة غربية على الشرق يجب سداد ثمنها بالخضوع ، وهذا هو مضمون العقوبات الأميركية والغربية التي استهدفت روسيا بطريقة لا صلة لها بملفات بعينها بقدر تحولها الى حملة تطهير عرقي للمؤسسات المالية من كل من يتحدث بالروسية ، بعدما تحولت العقوبات الى اختصار ماهية النظام العالمي المولود من مرحلة الاحادية الأميركية في السيطرة على العالم بعد تفكك الإتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين ونهوض الإتحاد الأوروبي .

- ليس في الشرق من يحول القطيعة مع الغرب الى هدف أو يرفعه كشعار ، حتى بين الذين يعتبرون المواجهة مع الغرب معركة عقائدية مبدئية ، فهم يبقونها في إطار السياسات ، ولم يخطر ببال أحد يوما على سبيل المثال ان يدعو لوقف تدريس نتاج الكاتب وليم شكسبير ردا على الاستعمار البريطاني ، بمثل ما فعلت بعض الجامعات الأوروبية بوقف تدريس تراث فيودور دوستويفسكي ، بل ان قادة الشرق وقواه المحركة خصوصا في روسيا والهند والصين وإيران تعترف للغرب بكونها حاجة علمية وثقافية ، وشريكا تبادليا في التجارة والحضارة ، وترسم اطارا لمعركتها هو رفع الهيمنة والسعي لشراكة متوازنة ، وبناء نظام عالمي سياسي ومالي جديد لا مكان للتمييز فيه ، تتعدد فيه الأقطاب والعملات .

- لم يضع الغرب في حسابه حقائق الحاجات المتبادلة على مستوى العالم ، و أعماه الحقد والغرور عن رؤية استحالة استغنائه هو عن الشرق ، فلم يقم أحد حسابا لمعنى كون الشرق هو السوق العالمية الحقيقية بأربعة مليارات إنسان ، وانه مصدر الطاقة الأول للغرب ، وان الطاقة هي محرك الاقتصاد وأساس الخدمات الأساسية للمجتمع ، وان المعادن بما فيها اليورانيوم والحبوب بما فيها القمح تأتي للكثير من دول الغرب من هذا الشرق ، وأن الطلاق الذي يؤلم الشرق ربما يكون قاتلا للغرب نفسه .

- كان الغرب يحتاج لاختبار القطيعة مع دولة بحجم روسيا ، قبل أن يقع بوهم القدرة على تكرار التجربة مع دولة بحجم الصين ، ليكتشف أن الشراكة ليست أرباحا شرقية وخسائر غربية ، وان القدرة على الإستغناء صعبة على الشرق لكنها مستحيلة على الغرب ، ويكفي للدلالة أن البحث عن بدائل للغاز الروسي يجري بين مصادر ليس بينها مصدر غربي واحد .

2022-04-06 | عدد القراءات 1295