المنطقة عشية الإنفجار الكبير
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- تبدو فلسطين للمرة الأولى صاحبة التوقيت في تصحيح الزمن العربي الذي أغرق في البؤس حتى صار التطبيع مدعاة التباهي في كيان الإحتلال في بعض العواصم والمنابر ، وتبدو فلسطين أفضل من يقرأ بحسها التاريخي المعادلات الدولية والإقليمية الجديدة ، وتتفقد ساعتها وتعيد تنظيم توقيتها على هذا الأساس ، فمن جهة تأزم دولي كبير يجعل العالم منشغلا بأولوياته التي لم تعد المنطقة رغم أهميتها ، تملك قدرة استقطاب اهتمام حقيقي يكرس إمكانات ومقدرات وجهود للتعامل مع ملفاتها ، وأميركا موزعة الإنشغال بين تداعيات حرب أوكرانيا وحرب الطاقة وحرب العملات من جهة ، والبحث بمستقبل الاتفاق النووي من جهة مقابلة ، وليس لديها أي امكانية للتعامل مع معطيات تهم أمن حلفائها سواء كان ذلك يعني الخليج او كيان الإحتلال ، وهي لن تقدم لخط التماس الأول بين الناتو وروسيا في أوكرانيا اكثر من المال والأسلحة ، لكنها أعلنت سلفا أنها لن تقاتل .
- في المنطقة قوس هابط لحلفاء أميركا وتفكك في علاقتهم بها ، والتصويت في الأمم المتحدة على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان ، يحمل تميزا لحلفاء واشنطن عنها بصورة جعلت دولا مثل السعودية ومصر وباكستان وتركيا خارج إطار التصويت الأميركي والأوروبي ، وكل الرهانات التي استثمر خلالها الأميركيون وحلفاؤهم مالا وجهدا واعلاما على ثورات ملونة خصوصا في لبنان والعراق ، تصاب بالخيبة وتصل إلى طريق مسدود ، ويسترد محور المقاومة المبادرة ، وفي اليمن حيث يضطر الحلف الذي تقوده السعودية الى البحث عن سبل للتموضع بطريقة تخلط الأوراق وتخفف المخاطر خير دليل ، والفلسطينيون يدركون أن اعادة قضيتهم الى الواجهة في زمن رسم الخرائط وحده يقول للعالم أن لا خرائط لا تلحظ حقوق الفلسطينيين سيكتب لها النجاح بجلب الإستقرار ، وان الطريقة الوحيدة لإعادة قضيتهم تحت الضوء هي أن يخرجوا بالسلاح والطعن والدهس ليقولوا إن أمن الكيان بين أيديهم .
- خلال أقل من شهر تتابعت العمليات التي ضاع الإسرائيليون في محاولة فهمها وتفسيرها ، بعدما سقطت اكذوبة داعش ، وبدت كل محاولات السيطرة الأمنية والاستنفار واستخدام أدوات التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية عاجزة عن وقف الطوفان الفدائي الذي تتكرر موجاته كلما ظن الإسرائيليون أنها هدأت ، وبصورة تلقائية ناجمة عن طبيعة الكيان ، يأتي الرد بحملات عسكرية وأمنية تعسفية عنصرية على بلدات ومدن ومخيمات الضفة الغربية تتحول الى اشتباكات مع مجموعات مقاومة منظمة مرشحة للتصاعد ، من جهة ، وبحملات استفزازية همجية للمستوطنين نحو القدس ، وهي حملات تزداد توحشا ، والرد عليها يزداد صلابة وشجاعة ، ومرة بعد مرة تبدو الأمور ذاهبة الى عقدة انفجارية تنشأ عن اشتباك مفتوح في الضفة يتخطى الساعات ، في جنين على سبيل المثال ، او ارتكاب خطأ أحمق من المستوطنين بحق المقدسيين ، وفي الحالتين تنشأ حالة تقول فيها قوى المقاومة انها ستدخل على الخط ، بقدراتها الصاروخية في غزة وتندلع معركة سيف قدس جديدة .
- في معركة جديدة كتلك التي نشبت في السنة الماضية ، سيبدو احتمال تدخل محور المقاومة كبيرا ، وعندها سنكون امام فرضية الإنفجار الكبير ، وحرب إقليمية تفتح باب تغيير خرائط وتوازنات المنطقة ، تشكل وحدها الفرصة لدخول العرب على خط كتابة التاريخ الجديد ورسم الخارطة الجديدة ، للمنطقة ، والكاتب هو فلسطين ، تذكروا أن 15 أيار الذي انطلقت منه شرارة معركة سيف القدس هو تاريخ نشوء الكيان ، وليس فقط ما يعتقده اللبنانيون موعد انتخاباتهم النيابية !
2022-04-08 | عدد القراءات 1514