أوروبا والحرب الطويلة في أوكرانيا
كتب ناصر قنديل
- لا يمانع الأميركيون بطول الحرب على أوكرانيا ، بل هم يشجعون الرئيس الأوكراني على المزيد من التشدد في المفاوضات لإحباط فرص التوصل لحل سياسي ، بينما تبدو روسيا غير مستعجلة لإنهاء الحرب فهي بالنسبة اليها مجرد نار هادئة اشعلتها لتنضج عليها طبخة دولية وضعت لها أهدافا بحجم تغيير النظام العالمي وانهاء الهيمنة الأميركية ، وطالما ان موسكو لا تخشى تدخلا عسكريا أميركيا منذ بداية الحرب ، ولم تعد تخشى تداعيات العقوبات المالية بعدما نجحت بإحتواء آثارها خصوصا على سعر صرف الروبل ، فهي مرتاحة للسير البطيئ للحرب التي تديرها على ثلاثة جبهات ، جبهة أوكرانية أوكرانية عنوانها منطقة دونباس ، وجبهة روسيا أوكرانية عنوانها حياد أوكرانيا ، وجبهة روسية أوروبية عنوانها امدادات النفط والغاز والدفع بالروبل ، وكلها جبهات يعني الفوز فيها ارباحا هائلة في معركة انهاء الهيمنة الأميركية ، ولذلك تقول موسكو لماذا العجلة ؟
- القيادة الأوكرانية التي ترى أن بلدها يتحول الى دمار ، وان اقتصادها يصير ركاما ، وان سكانها يتحولون الى لاجئين ، وان لا أمل يرتجى من تدخل أميركي او غربي يغير وجهة الحرب ، وأن كل السلاح الذي يأتيها يمكن له ان يؤجل الهزيمة لكنه لن ينجح بردها ، وأن الرهان على فعالية العقوبات في تجفيف القدرة المالية الروسية قد خاب ، وان الأمور محسومة لجهة عدم تجاوب أوروبا مع الدعوات للمخاطرة بالتوقف عن شراء النفط والغاز من روسيا ، علما ان بمستطاع روسيا ان تبيع لغير أوروبا مادة حيوية يتسابق العالم عليها ، فهي تمضي بالمماطلة خدمة للمصالح الأميركية ، ولا تأبه لمصير بلدها .
- الرهان الأوروبي على تحمل الزمن اللازم لتتعب أوكرانيا وتقتنع بلا جدوى الرهان على الدعم العسكري ، او على العقوبات المالية ، فتقبل الشروط الروسية ، وتنقذ أوروبا من المأزق ، أو على التعب الروسي بفعل العقوبات ، أو خسائر الحرب في أوكرانيا فتبحث عن مخرج أقل تشددا ، يبدو رهانا عبثيا ، فكلما طال أمد الحرب بدت أوروبا وحدها تدفع أثمانا باهظة وتستنزف بما لا يدع لها مجالا للتنفس ، من ارتفاع الأسعار الى أزمة بدائل الطاقة المكلفة ، الى كلفة اللاجئين الأوكرانيين ، والفوضى السياسية الناجمة عن كل ذلك ، وتبدو أوروبا ذاهبة الى أزمات متلاحقة ما لم تبادر دولها الوازنة الى التفاوض المباشر مع روسيا على خريطة جديدة للأمن في أوروبا التي تشكل فيها روسيا ركنا رئيسيا ، ومن ضمن الخريطة أمن الطاقة !
2022-04-13 | عدد القراءات 1292