عاجلا أم آجلا ستضطر الصين لدخول تايوان
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- لا يمكن وضع الإعلان الأميركي عن صفقة سلاح بقيمة 750 مليون دولار الى تايوان في لحظة توتر دولية بحجم ما يحيط بالحرب في أوكرانيا ، إلا في دائرة الاستفزاز الأمريكي للصين ، وقد سبق ذلك نشر العديد من المقالات والتقارير التي تقيم المقارنة والتشبيه بين حالة أوكرانيا بالنسبة لروسيا ، وحالة تايوان بالنسبة للصين ، ما اضطر بكين للرد بالقول إن تايوان ليست دولة ذات سيادة وفقا للقانون الدولي ، ولا تمثيل لها في الأمم المتحدة ، وهي وفقا لقرارات أممية نافذة جزء من الصين ، وأن المقارنة بالتالي لا تجوز ، لكن بكين لا تنسى انه قبل شهور من حرب أوكرانيا كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تعهد بالتدخل العسكري للرد على ما وصفه باحتمال هجوم صيني على تايوان ، قبل أن يضطر للتوضيح بأن واشنطن لا تزال ملتزمة بصين واحدة .
- يدرك الصينيون أن تايوان سياسيا واقتصاديا مجرد لسان غربي بحري في البر الصيني ، ويدركون ان استعادة تايوان كجزء من الصين لن يتم سلما ، وأنه كلما زاد حضور موازين قوى عسكرية واقتصادية وسياسية تقول بأن الصين قادرة على الحسم في تايوان قبل أن يتمكن الغرب من فعل شيء ، بما يكفي لإقناع قيادات تايوان بالجلوس بعقلانية مع بكين لبحث شروط العودة السلمية ، فإن الأميركيين لن يتوانوا بالتعاون مع اليابان ، صاحبة الخصومة التقليدية مع الصين والقريبة جدا من تايوان ، عن التضحية بتايوان كمثل التضحية بأوكرانيا ، لخوض حرب استنزاف بالوكالة مع الصين ، استنزاف عسكري وسياسي وإعلامي وقانوني واقتصادي ، يراهنون على الخروج منه بتسوية تعيد تنظيم العلاقات مع الصين ، ولو كان الإعتراف بتبعية تايوان الكاملة للصين ثمنا لذلك .
- ما حدث بين روسيا وأوكرانيا يقدم دروسا هامة للصين ، فقد صبرت موسكو طويلا ، وراهنت على استثمار كل الوسائل الممكنة لتفادي الخيار العسكري ، وعندما وقع انقلاب 2014 في كييف ، وتم الاستيلاء على السلطة من خارج الأطر الدستورية والقانونية بقوة الثورات الملونة ، وبقيت منطقة دونباس والقرم ترفضان الانصياع ، رفضت موسكو أن تفعل في دونباس ما فعلته في القرم ، أملا بالحل السياسي ، وراهنت على العقلانية الأوروبية وتأثيرها على القيادة الأوكرانية المناوئة لروسيا ، وعلى المصالح المشتركة التي حافظت عليها موسكو ، وبذلت من خزينتها أتاوة لصالح أوكرانيا بالحفاظ على أنابيب الغاز التي تمر عبرها رغم السير بأنبوب السيل الشمالي ، وتعهدت ببقاء ذلك بعد وضع الأنبوب الجديد قيد التشغيل للحفاظ على ما ورد العبور للخزينة الأوكرانية ، وجاءت صيغة مينسك ، وإطار النورماندي ، وموسكو تمنح الفرص تلو الفرص ، ومرت ثمانية سنوات كانت تتواصل خلالها عملية البناء العسكري في أوكرانيا ، وتستمر التدريبات مع الناتو في غرب أوكرانيا ، وتتوسع بنية التشكيلات النازية وينمو نفوذها ، وترتفع وتيرة الاستفزازات القانونية من تحريم استعمال اللغة الروسية في الدوائر الحكومية ، الى تضمين الانضمام للناتو للدستور الأوكراني بنص صريح ، حتى وصلت موسكو الى معادلة انها ما لم تبدأ الحرب ، فستجد نفسها أمام عمل عسكري أوكراني كبير في دونباس لا تملك فعل شيئ في مواجهته بإعتباره شأنا أوكرانيا داخليا .
- في بحر الصين تنتشر مجموعة هائلة من الجزر التي يدور حولها نزاع تاريخي بين الصين واليابان وفيتنام ولاوس وكمبوديا ، ويفتح استثمار حقول الغاز البحرية المكتشفة أفقا جديدا لهذا النزاع ، وفاوضت تايوان مع اليابان على تسويات حول بعضها كادت تفجر عام 2015 نزاعا صينيا يابانيا ، ما يعني أن تكرار سيناريو دونباس لكن في البحر أمر ممكن ، كما جعل اليابان طرفا مقابلا للصين ، يقف خلف تايوان مقابل مكاسب بحرية تزداد أهمية ، سواء لقيمتها الإستراتيجية أو في التسابق على موارد الطاقة الكامنة في المياه ، ولن يضير أميركا أبدا تشجيع اليابان للتورط في حرب تدمير متبادل مع الصين ، اذا كان هذا هو الطريق للتخلص من الصعود الصيني ، ولأن السلام يحتاج الى ارادتين ، واحدة منهما غير متوافرة بالتأكيد ، فإن تعويذات السلام لن تفيد الصين ، وستجد نفسها عاجلا أو آجلا مضطرة للمبادرة عسكريا ، تحت ذات عنوان العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ، نزع عنصر المفاجأة من يد العدو في حرب محتومة الوقوع .
2022-04-14 | عدد القراءات 1434