حرب عالمية للفوز بالنقاط والضربة القاضية صينية نقاط على الحروف ناصر قنديل

حرب عالمية للفوز بالنقاط والضربة القاضية صينية

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- مع اقتراب الحرب في أوكرانيا من نهاية شهرها الثاني ، وتقاطع التقارير والمواقف والتقديرات عند كونها ستسمر طويلا ، وكونها لن تضع أوزارها خلال أسابيع ، وظهور حركة الجيوش والأسلحة في مساحات الاشتباك بما لا يمكن تفسيره بمقتضيات الحرب الأوكرانية وحدها ، بل بصفتها مناورات استراتيجية في سياق حرب الشرق والغرب ، حيث تختبر الإرادات والأسلحة والأسلحة المضادة والحروب الإلكترونية والمالية ، وشيئا فشيئا بدأ يتضح ان الجيش والحكم والسلاح وخطط القتال في أوكرانيا لا تتحرك بحسابات أوكرانية ، بل بصفتها خط المواجهة الأول لنخبة الجيوش الغربية وأسلحتها وخططها ، وتحت سقوفها السياسية ، وان الحركة الروسية العسكرية ونوعية السلاح الروسي المستخدم والسقوف السياسية المتحركة  ، لا تنطلق من متطلبات المعركة في النطاق الجغرافي لأوكرانيا بقدر ما تمثل استجابة لمتطلبات مواجهة أشمل وأوسع ، يقف فيها الغرب الأميركي والأوروبي فيها قبالة الحسابات الروسية حيث يتم التخاطب بإستعراض أنواع الصواريخ والقدرات العسكرية لبلورة موازين قوى على أرض الواقع وليس على الورق ، تنتج وحدها قواعد الإشتباك وحدود قدرات الردع ، وفرت لها شروط الإشتباك حول أوكرانيا الفرصة المثالية للطرفين المتقابلين لخوض الشكل الوحيد الممكن للحرب غير النووية .

- أوكرانيا التي تعادل مساحة دول المشرق العربي ، سورية والعراق ولبنان والأردن وفلسطين ، ويقل عدد سكانها عن مجموع سكان المشرق قليلا ،  وتقع على الحدود الروسية بتاريخ وجغرافيا على درجة عالية من التشابك والتداخل ، وتشكل الإمتداد الأهم للغرب في قلب روسيا ، ونافذة روسيا وأوروبا على البحر الأسود ، وتمثل الجمع المشترك لتاريخ حروب البلقان والقرم معا ، التي كانت أساس حروب عالمية سابقة ، هي اليوم مساحة الحرب العالمية التي نعيش يومياتها ، والتي يسعى الغرب من خلالها لإعادة تشكيل روسيا ، وتسعى روسيا من خلالها لإعادة تشكيل أوروبا ، والحرب تبدو مستمرة حتى يتحقق أحد الهدفين ، او يتحقق الإنهاك والتسليم المتبادل بالحاجة لتنظيم قواعد الإشتباك وربط النزاع على قاعدة التوازن السلبي ، ما يعني نصف انتصار لروسيا ونصف هزيمة للغرب ، بينما نجاح الغرب بنقل الأزمة الى الداخل الروسي ، من البوابة الإقتصادية أو العسكرية ، وصولا لبدء مسار التغيير في التوازنات السياسية الداخلية سيعني انتصارا للغرب ، فيما نجاح روسيا بالصمود ونقل التداعيات الناجمة عن العقوبات على الداخل الأوروبي إلى مرحلة الغليان ، وبدء التحول الى عنصر فاعل في تشكيل مشهد أوروبي سياسي وشعبي جديد ، سيعني انتصارا روسيا في رسم معادلة دولية تكون لها فيها يد طولى .

- حتى الآن في المسرح العسكري نجحت روسيا بتفادي استدراجها لحرب استنزاف ونجح الغرب بتظهير قدرته على تمويل وتجهيز مسرح صالح لمثل هذه الحرب ، وعنوانها كييف ، ونجحت روسيا بدرجة كبيرة بجعل الحرب تدور تحت عنوان السيطرة على خطوط الإمداد برا وبحرا وجوا ، ولذلك يسعى الغرب لتوسيع هوامش حركته نحو الداخل الأوكراني ملوحا بتوسيع المدى الجغرافي نحو بولندا والسويد وفنلندا ، أملا بتراجع روسي أمام حركة الإمداد العسكري نحو الداخل الأوكراني ، وبرز اختبار التدخل المباشر عن بعد باستهداف الطراد موسكوفا بصواريخ اميركية ، فجاء اغراق غامض للمدمرة الأميركية يو اس اس سوليفانز داخل بحيرة في ولاية أوهايو ، ليظهر حربا سرية للأسلحة النوعية التي لم يتم إختبارها من قبل ، ويرسم قواعد الردع والإشتباك في آن واحد .

- يبدو المسرح الإقتصادي والمالي عنوانا للميدان الأشد حيوية وأهمية في الحرب العالمية ، فهي حرب تدور بين سعي أميركي لتهميش روسيا كمورد عالمي لا غنى عنه في موارد الطاقة ، خصوصا بالنسبة لأوروبا ، مقابل سعي روسي للتلويح بتهميش الدولار كعملة عالمية أولى حاكمة في الأسواق العالمية ، وفيما يبدو أن السقفين صعبي المنال ودونهما متطلبات تفوق قدرة الفريقين الراهنة ، نجحت موسكو حتى الآن بإحتواء الصدمة القاتلة لحزمة العقوبات الغربية القاسية ، وانتقلت الى تحويل التحدي الى فرصة بجعل معركة توريد الطاقة الى أوروبا قضية سيادية اوروبية تتصل بمصير النمو والتضخم والرفاه ، ووضع عنوان الدفع بالروبل كرأس جسر لسقف المعكرة المتصل بموقع الدولار كعملة محورية حصرية عالميا .

- توقعات الربح بالضربة القاضية بمعنى النصر الحاسم لأي من الفريقين ، يبدو بالنسبة للغرب مستحيلا ، وبالنسبة لروسيا متوقفا على حدود الجاهزية الصينية للإنتقال من الإصطفاف الدفاعي مع روسيا إلى المبادرة الهجومية ، وفي حال بقاء الصين في التموضع الدفاعي في الحلف مع روسيا ، ستكون فرص الربح بالنقاط لمحور روسيا الصين ، أعلى من حظوظ الفوز بها من المحور الأوروبي الأميركي .

2022-04-19 | عدد القراءات 1678