من نتائج الحرب الأوكرانية : ترتيب قوة حزب الله عالميا
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- تعتبر الحرب الأوكرانية أول مواجهة عسكرية كبرى على الصعيد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية ، تدور في ظروف متكافئة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، بين أحد أقوى جيوش الغرب الذي يملك خلفية امداد مالي ولوجستي مفتوحة ، بصورة تتيح له التحول إلى طليعة مقاتلة لجيوش الغرب ، تحظى بجسر بري تتلقى عبره كل أنواع الأسلحة المفيدة ، والمعلومات الإستخبارية ، واستيعاب اللاجئين وتأمين الموارد البديلة للإقتصاد المدمر لمواصلة الحرب ، والشراكة بالتضييق وفرض الحصارعلى الجهة المعادية إقتصاديا وسياسيا وعسكريا وتكنولوجيا ، وبالمقابل أقوى جيوش الشرق المدجج بسلاح نووي والمتطور تكنولوجيا ، والمستند الى عمق جغرافي وسكاني هائل ، وصناعة حربية متطورة ، واقتصاد يصعب تجفيف موارده المالية لإستناده الى موارد الطاقة التي لا غنى عنها للإقتصادات المعادية ، وتتشكل ساحة المناورة العسكرية للحرب من مساحة تزيد عن مليوني كلم مربع ، هي مساحة أوكرانيا نفسها ، والبحار المحيطة والدول المجاورة .
- تتزامن هذه الحرب الممتدة منذ شهرين مع دعوات بعض الأطراف اللبنانية ، بتشجيع عربي وغربي ، على خوض الإنتخابات النيابية تحت شعار نزع سلاح حزب الله ، الذي يوازي شعار الحرب التي أعلنتها روسيا بنزع سلاح الجيش الأوكراني ، فيما تقدم الحرب الأوكرانية فرصة لتقدير موقف عسكري حول مدى امكانية جعل شعار نزع حزب الله واقعيا ، من خلال مقارنة العناصر التي يمكن لها أن تجيب على هذا السؤال من الزاوية العسكرية الصرفة ، بعيدا عن الرغبات والتمنيات ، سواء بحفظ السلاح أو نزعه ، فربما لا ينتبه البعض من غير المعنيين بالشؤون العسكرية وخبرائها ، أن حجم القوى المتقابلة في حرب أوكرانيا ، والتي يقدرها الخبراء ب مئة الف جندي من كل طرف ، تعادل الرقم الرسمي المعلن من قبل الأمين العام لحزب الله لحجم القوة المنظمة للحزب عسكريا ، ومن أهم نتائج معارك الشهرين الماضيين في حرب أوكرانيا إثبات عدم فعالية سلاح المدرعات والدبابات على طرفي الحرب ، حيث صارت أهدافا سهلة لطائرات روسيا المروحية المزودة بصواريخ مضادة للمدرعات ، على الجانب الأوكراني ، وأهدافا سهلة لصواريخ غربية موازية مضادة للمدرعات ، على الجانب الروسي ، بينما يجمع الخبراء على محدودية فاعلية سلاح الجو الروسي رغم تفوقه الكبير كما ونوعا ، بعدما تحول خشية صواريخ دفاع جوي محمولة ، الى مصدر اطلاق صواريخ بعيدة المدى عالية الدقة ، مثله مثل الغواصات ، ومثل منصات اطلاق الصواريخ من البر ، فظهر التفوق الروسي بذلك في القدرة الصاروخية العالية الدقة ، سواء في استهداف البنية التحتية العسكرية للجيش الأوكراني او خطوط الإمداد الآتية من الغرب ، او خزانات الوقود والأهداف الحيوية المزدوجة الإستخدام في الحروب ، بينما ظهر التفوق الأوكراني في فعالية مشاة البر المدربين وخصوصا الجماعات العقائدية منهم ، كفرقة آزوف التي خاضت ولا تزال معركة ماريوبول ، ما استدعى لمواجهتها استحضار قوة توازيها في فنون حروب المشاة والتعبئة العقائدية يمثلها الجيش الشيشاني .
- وفقا لمراكز الأبحاث العسكرية الغربية يصنف الجيش الأوكراني في المرتبة الواحدة والعشرين عالميا ، بينما انخفض تصنيف الجيش الإسرائيلي من المرتبة الخامسة عشرة إلى المرتبة العشرين ، تحت تأثير حروبه مع حزب الله ومع المقاومة في غزة ، ووفقا لمقارنة بسيطة فإن الجيش السعودي يصنف في المرتبة السابعة عشرة عالميا ، وما آلت إليه حرب اليمن ، التي خاضها تحت شعار نزع سلاح أنصار الله ، تقدم الكثير للراغبين في امتلاك فهم علمي لموازين القوى ومسارات حسم الحروب ومعاييرها ، وقد نجح أنصار الله بقوة اعتمادهم على ثلاثة عناصر ، هي صواريخ محدودة العدد وعالية الدقة ، وشبكة فعالة من الطائرات المسيرة ، ولكن أساسا على جبهة داخلية متينة تحمي قوة مشاة بر شديدة الاحتراف والتماسك والقدرة ، وبالمقارنة مع حرب اليمن ومع حرب أوكرانيا على ضفتيها الروسية والأوكرانية ، ومع فوارق القدرة على تحمل الخسائر البرية بين روسيا وجيوش الغرب الأميركية والأوروبية ، يمكن القول ان الجيش الأوكراني هو الجيش الأول بين جيوش الغرب القادر على مواجهة الجيش الروسي وتحمل الخسائر البشرية ، وأن ما يستطيعه الجيش الروسي في مواجهة الجيش الأوكراني على هذا الصعيد ، وما استطاعه الجيش السعودي على هذا الصعيد أيضا ، أي تحمل الخسائر البشرية لا يستطيعه الجيش الأميركي والجيش الإسرائيلي معا في مواجهة حزب الله .
- ساحة مناورة أي حرب لنزع سلاح حزب الله ستتسع على مساحة تزيد عن عشرة ملايين كلم مربع تصل الى ايران والخليج والبحر الأحمر والبحر المتوسط ، وسيكون حجم الصواريخ العالية الدقة المستخدمة فيها أضعافا مضاعفة لتلك التي استخدمت في الحرب الأوكرانية ، ومجموع القوة البرية المحترفة التي ستشارك فيها على مساحة الحرب جغرافيا ، من لبنان الى فلسطين واليمن والعراق وسورية وإيران ، ستزيد عن مليون مقاتل عقائدي محترف ، فهي عمليا عشرة حروب من حرب أوكرانيا ، لكن ما يلفت الإنتباه أكثر هو أن حزب الله وحده يملك ميزات التفوق المجتمعة لدى الجيشين المتحاربين في أوكرانيا ، الجيش الروسي والجيش الأوكراني ، سلاح فعال مضاد للمدرعات والأساطيل ، 100 ألف من مشاة البر المحترفين والعقائديين ، وشبكة مكونة من آلاف الصواريخ العالية الدقة الشديدة الإنفجار من نوعية متقدمة ، وشبكة موازية من الطائرات المسيرة العصرية ، وشبكة استخبارات ومعلومات واستطلاع شديدة التميز والفعالية ، واذا كان الجيش الأوكراني بأقل منها استطاع مواصلة القتال بوجه الجيش الروسي لشهرين ولا يزال يقاتل ، فهل نتحدث عن سنة مثلا لبلوغ المرحلة ذاتها اذا كان الجيش الأميركي والجيش الإسرائيلي في موقع الهجوم وحزب الله هو الذي يواجه ؟
- بعض هواة السياسة المستجدين والسذج يتحدثون عن الحاجة لقرار دولي ، يضمنون معه نزع السلاح ، وهؤلاء ربما فاتهم أن هذا القرار صدر وحمل الرقم 1559 ، وحظي يومها بموافقة روسيا والصين ، وجاءت حرب تموز 2006 وفقا لتصريحات غونداليسا رايس آلية تنفيذية للقرار ، وفي ظروف نموذجية لن تتكرر لصالح فرص تنفيذه ، لبنانيا وإقليميا ودوليا ، وكان الفشل نصيب أصحاب القرار وأصحاب الحرب ، فعن أي مجتمع دولي نتحدث اليوم والحرب تقسمه نصفين ، واي إقليم ، وأي لبنان ، وأي حزب الله وأي قوة عسكرية لديه ، كلها تغيرت لصالح جعل مجرد التفكير بفرص قرار دولي ، وقدرة دولية ، وفلسفة نزع السلاح ، مجرد حماقة وغباء !
- بقياس معايير تصنيف الجيوش العالمية بالتأكيد سيكون هناك خبراء متنورون ، يعتمدون العلم كأداة قياس ، وخبرات الحروب كمعايير ، وسيكون بينهم من يصنف حزب الله كخامس أو سادس قوة عسكرية في العالم ، وربما يتجرأ البعض للقول أن هناك معسكرين نوويين عالميين هما الغرب والشرق ، ومقابلهما هناك قوة ثالثة هي محور المقاومة ، وفي قلبه حزب الله يمثل القيمة المضافة والطليعة المقاتلة ورأس الحربة الفعال !
2022-04-20 | عدد القراءات 1623