معركة ماريوبول ترسم مستقبل الحرب العسكرية …والغاز يرسم مستقبلها السياسي والإقتصادي
بينيت يختار التراجع أمام تهديدات المقاومة ومخاطر انهيار الحكومة فيواجه مسيرة الأعلام
فشل حكومي في فصل الكابيتال كونترول عن مصير الودائع وضمان المساءلة القضائية
كتب المحرر السياسي
بعدما كشفت تهديدات الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بوقف التفاوض مع روسيا اذا حسمت معركة ماريوبول عسكريا وتمت تصفية الجيب المسلح المتبقي لفرقة آزوف في معامل التعدين جنوب المدينة ، أن هذه المعركة العسكرية هي أم المعارك ، وأن القوة التي تقاتل فيها من الطرف الأوكراني هي نخبة الجيش الأوكراني والميليشيات النازية الرديفة ، وأن نهاية هذه القوة ستكون له ترددات يصعب التحكم بها على معنويات سائر وحدات الجيش الأوكراني ، جاءت الأنباء عن نهاية المعركة بإستسلام وشيك للجيب المسلح في معامل التعدين ، وعن مفاوضات حول اجلاء المسلحين ، وعروض أميركية للمساعدة في الإجلاء ، ما يعني أن معركة السيطرة الروسية على إقليم دونباس ستنطلق قريبا بعد ربط وحدات شبه جزيرة القرم بالوحدات المتنشرة في محيط ماريوبول وخيرسون وسائر مناطق جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ، وفتح الباب لرسم خارطة جديدة عسكرية في أوكرانيا ، قد لا تحتاج فيها روسيا لدخول كييف وتكتفي بربط خاركيف بماريوبول عبر دينيبرو ، وإقامة خط فاصل بين شرق أوكرانيا الغني بالثروات المعدنية والمدن الصناعية والإنتاج الزراعي ، والذي يضم بين سكانه أغلبية ناطقة بالروسية ، وغربها الموالي تقليديا للغرب الأوروبي والأميركي ، والذي قاتل ضد الجيش السوفياتي الى جانب قوات هتلر النازية في الحرب العالمية الثانية ، وكبد الجيش السوفياتي خسائر فادحة قبل ان يتمكن من تحرير اوكرانيا في طريق زحفه نحو برلين ، التي يحتفل بإسقاط الفاشية فيها في التاسع من أيار المقبل ، وربما يكون متاحا له إحياء هذا العيد في ماريوبول وسائر انحاء دونباس .
بالتوازي تواصل واشنطن وحلفائها الغربيين الضغط الإقتصادي والمالي ، بعد استنفاد العقوبات المالية التي استهدفت روسيا قدرتها على التأثير ، بمحاولة فاشلة لمحاصرة روسيا في العلاقات الدولية الإقتصادية ، حيث تلقت واشنطن صفعة برفض الدول المشاركة في قمة العشرين استبعاد روسيا ، ورفض الهند استبدال واردات النفط والغاز الروسية بمصادر أخرى ، بينما تؤكد موسكو أنها تحقق المزيد من التقدم في فرض حضورها من بوابة العجز الأوروبي عن إيجاد بدائل فورية ذات جدوى اقتصادية للغاز الروسي ، وجاء اللجوء الأميركي للتصعيد السياسي محاولة للخروج من هذا المأزق ، سواء عبر تصعيد امكانية انضمام فنلندا والسويد الى حلف الناتو ، وهو ما جاء الرد الروسي عليه سريعا بإختبار نسخة صاروخية عابرة للقارات ، تحمل اسم سارمات ، قال عنها بوتين انها ستضمن ردعا كافيا لكل أعداء روسيا المسعورين .
فلسطين فرضت حضورها على المشهد الدولي مع بروز مخاطر انفجار الوضع العسكري بين قوى المقاومة في غزة وجيش الإحتلال ، وبدا ذلك واضحا في تصريحات رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت ، الذي اعلن فيه تقييد مسيرة الأعلام الصهيونية ومنعها من الوصول الى باب العامود في القدس ، بقوله "لن أسمح لاستفزاز بن غفير السياسي بتعريض جنودنا وضباط الشرطة الإسرائيلية للخطر" ، في غشارة لدعوة عضو الكنيست ايتمار بن غفير لمسيرة الأعلام من جهة ، ولخطر اندلاع حرب من جهة موازية .
المشهد الجديد رسمته مواجهات بينعناصر شرطة الإحتلال وجماعات المستوطنين والمتطرفين الدينيين الذين حاولوا تنفيذ مشروعهم بالوصول الى بابا العامود في القدس ، وبدا ان حكومة بينيت قد اتخذت قراراها بعدما قدمت للمستوطنين والمتطرفين مكسبا كبيرا بتنظيم وحماية دخولهم الى المسجد الأقصى ، بردعهم عن المضي في التصعيد ومواجهة مخاطر، منها احتمال انفراط عقد الإئتلاف الحكومي بعدما بلغت الضغوط على الحركة الإسلامية الجنوبية شعبيا وسياسيا ، درجة اجبرت اعضائها على التلويح بأن خيار إسقاط الحكومة على الطاولة اذا تمت المسيرة وفقا لما رسمه بن غفير ، لكن الأهم فيها هو ما اكدته مصادر في المقاومة تقاطعت مع كلام بينيت عن خطر يواجه حياة الجنود ، ومعلومات تداولتها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن تبلغ حكومة الإحتلال بصورة رسمية تهديدا من قوى المقاومة بالعودة الى معادلة سيف القدس اذا مضت مسيرة الأعلام ومعها انتهاك المسجد الأقصى قدما دون ان تفعل حكومة الإحتلال شيئا ، وشكل تصادم الشرطة والمستوطنين النادر الحدوث في الكيان صدمة للمحللين في القنوات التلفزيونية اجمعوا على قراءته انتصارا للمقاومة ، ومدخلا لمعادلة فرضها سلاحها عنوانها ، وداعا لمسيرات الأعلام في القدس .
في لبنان سيطرت مناقشات اللجان النيابية والحكومة لمشروع قانون الكابيتال كونترول ، على الواجهة ، ودخلت الإحتجاجات المهنية والشعبية على خط النقاش ، حيث يقوم مشروع الحكومة على تحييد مصير الودائع عن المشروع تحت شعار ان هناك تفاصيل لهذا الملف ستتضمنها لاحقا خطة التعافي الإقتصادي والمالي ، وهو ما قالت مصادر مالية باستحالته ، لأن كل تنظيم لحقوق السحب والتحويل هو تنظيم للودائع ، وما تضمنه مشروع الحكومة ينهي أي إطار لقانون النقد والتسليف والحقوق التي ضمنها للمودعين ، ويحولهم الى اصحاب طلبات استرحام أمام لجنة حكومية مطلقة الصلاحية بلا ضوابط وبلا حق مراجعة امام القضاء ، ما يعني عمليا تأميم أموال المودعين ، وتحويلهم الى متسولين لطلب حق التصرف الجزئي بأموالهم ، وقالت المصادر ان الوضع الحالي أفضل منه مع اقرار مشروع الحكومة من وجهة نظر حقوق المودعين ، الذين يحميهم قانون النقد والتسليف ، وامامهم فرص للمراجعة القضائية ، وثمة تسهيلات جزئية يضطر مصرف لبنان لتقديمها لهم عبر تعاميمه ، ومع فشل الحكومة في تمرير مشروعها ، يجري البحث بادخال تحسينات عليه تحاول استرضاء المودعين ، لكنها لا تزال بعيدة عن صيغة تلبي متطلبات قانون عصري وشفاف يحفظ حقوق المودعين ، ولا يعلق قانون النقد والتسليف ، ويمنع الإستنساب السياسي عبر لجنة حكومية ، ويبقي حق الملاحقة والمساءلة أمام القضاء ، سواء بحق المصارف او بحق اللجنة المنظمة التي يناط بها تطبيق القانون ، بعد تحويلها من لجنة مقررة الى لجنة فنية ، وسحبها من أيدي السياسيين الى ايد مالية وقانونية خبيرة ومحايدة .
2022-04-21 | عدد القراءات 1226