بوتين والعودة للتوازن : أوكرانيا مقابل يوغوسلافيا نقاط على الحروف ناصر قنديل

بوتين والعودة للتوازن : أوكرانيا مقابل يوغوسلافيا 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- لا تمر مناسبة إلا ويكشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن يقينه بأن الخطة الأميركية الإستراتيجية هي تفتيت روسيا ، وفقا لمنهجية يتحدث عبرها المفكرون الأميركيون الذين يؤثرون في رسم السياسات ، تقول ان حجم روسيا كمساحة وعدد سكان لابد أن يتسببا بولادة قيادة تسعى لإستعادة أمجادها التاريخية الإمبراطورية ، سواء في الحقبة القيصرية أو في المرحلة السوفياتية ، خصوصا أن روسيا ستبقى دولة نووية عظمى ،  وبالتوازي إعتقاد بوتين بأن الخطوة الأولى نحو تقسيم روسيا كانت في حرب يوغوسلافيا التي إنتهت بتفتيها الى عدة دول ، بإعتبار أن العنصر السلافي المشترك بين الروس والصرب كان دائما مصدر القلق الأميركي ، بينما تظهر أوكرانيا منذ غزو ألمانيا النازية لروسيا السوفياتية نقطة الضعف الجاهزة للمشاركة في أي مؤامرة تستهدف روسيا ، وتتيح متابعة مواقف الرئيس بوتين من حرب أوكرانيا الوقوف على محطات تتيح التعرف على حضور هذه الثلاثية في خلفية تفكيره منذ تسنى له استيعاب دروس انهيار جدار برلين وتفكك الإتحاد السوفياتي ، ومن بعد ذلك حرب يوغوسلافيا ، وصولا لتوليه مسؤولية قيادة روسيا ورسم استراتيجية للنهوض بها .

- أفضل وسائل الدفاع هو الهجوم ، هي قاعدة صاغتها عبقرية المنظر العسكري الإستراتيجي كارل فون كلاوزفيتز ، وتداولها نابليون بونابرت حتى حسبت له ، ووفقا لهذه القاعدة تبدو خطة الرئيس بوتين ، جمع إصابة ثلاثة عصافير بحجر واحد ، حماية وحدة روسيا ، والإنتقام ليوغوسلافيا ، وإحباط فرص إستخدام أوكرانيا مرة أخرى ، والبوابة هي هذه الحرب ، والخطة ليست إحتلال أوكرانيا ولا تنصيب حكومة تابعة لموسكو فيها ، ولا توقيع إتفاقية حياد مع حكومتها بضمانات دولية ، بل جعل أوكرانيا نموذجا مكررا ليوغوسلافيا ، التي أصبحت اليوم ، مجموعة دول معترف بها ، هي "كرواتيا" و"البوسنة والهرسك" ، و"مقدونيا" ، و"الجبل الأسود" ، و"سلوفينيا" ، و"صربيا" ، ومراقبة سياق تعامل الرئيس بوتين مع أوكرانيا منذ حرب عام 2014 ، لم يكن السعي للحفاظ على وحدة أوكرانيا ، بل تشجيع نشوء جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ، بعد ضم شبه جزيرة القرم الروسية الأصل الى دولة روسيا الإتحادية ، فيما يجري الحديث اليوم عن دول مستقلة لخيرسون وخاركيف وأوديسا .

- ما قاله الرئيس بوتين خلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس هام جدا ، فهو من جهة رفض مسعى وساطة كان يفترض أن يلاقيه بالترحيب لو كان يسعى لفرض شروطه على الدولة الأوكرانية ، بإعتبار الوساطة الأممية إعلان تدويل للأزمة ، وبدء تفاوض على ما هو أبعد من أوكرانيا ، بحيث تصير العلاقات الدولية الجديدة والعقوبات جزءا من اي تفاوض ، ومن جهة مقابلة أورد فقرة قانونية مدروسة  في مخاطبة غوتيريش ذات مغزى بقوله ، لقد قرأت كل ما كتب ونوقش خلال حرب يوغوسلافيا والقرارات الأممية وتلك الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ، وتبين لي بوضوح لاشك فيه ، أن إعلان إستقلال الدول والإعتراف بها لا يحتاجان الى موافقة الدولة الأم ، ولذلك على الأمم المتحدة أن تعدل نظرتها وتعاملها مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ، وتعتمد ذات القاعدة التي تم التعامل من خلالها في حالة يوغوسلافيا .

- ما نحن أمامه في حرب أوكرانيا ، هو حرب خرائط جديدة ، سيدفع الثمن فيها من يخطئ الحساب ، ويقف  على ضفة رهانات خاطئة ، وهذا هو ما ينتظر أوكرانيا ، وربما تايوان ، وكيانات ودول أخرى ستتضح هويتها تباعا في حرب عالمية لا يوجد ما يقول أنها ستعرف النهاية قريبا ، الا اذا اراد البعض تصديق أن روسيا على وشك الإفلاس  كما قالت رئيس المفوضية الأوروبية ، مضيفة ان ديونها تقارب ال60 مليار دولار ، كدليل قاطع على قرب الإفلاس ، بينما في دولة مثل لبنان ، فجوة حسابات مصرف لبنان أكثر من ذلك ، ولا يقبل الأوروبيون إعتباره مفلسا !

2022-04-27 | عدد القراءات 1242