حرس الثورة عبر غزة في زمن المفاوضات
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- هي المرة الأولى التي يخرج فيها أحد قادة الجمهورية الإسلامية متحدثا في يوم القدس العالمي ، من فلسطين مباشرة في كلمة تنقل عبر الشاشة إلى مهرجان يحيي المناسبة ، فكيف عندما يكون المتحدث بموقعه وصفته ، هو قائد الحرس الثورة الذي يتولى مهمة دعم فصائل المقاومة الفلسطينية ، والإختيار عندما يكون بهذا المستوى ، أي مهرجان ليوم القدس وفي غزة ، والمتحدث قائد حرس الثورة ، فهو إختيار شاركت فيه ووافقت عليه القيادة الإيرانية العليا ، وعلى رأسها الإمام الخامنئي ، في إيران في ذروة اللحظة الحرجة من المفاوضات حول الاتفاق النووي ، التي تتجمد عند نقطة تصنيف الحرس الثوري على لوائح الإرهاب الأميركية ، من بوابة دعم الحرس لفصائل المقاومة ، التي تشكل فلسطين محور شراكتها ، .
- إختيار قائد الحرس ليكون المتكلم بلسان إيران ، كانت له بدائل عديدة دبلوماسيا ، لو كان خيار إيران تفادي الإحراج ، من خيار عدم مشاركة أي مسؤول إيراني ، إلى خيار أن تكون المشاركة عبر شخصية ذات مكانة معنوية عالية لكن من خارج مؤسسات الدولة ، الى المشاركة عبر شخصية برلمانية غير حكومية ، تمثل إرادة الشعب الإيراني ولا تلزم الحكومة ، إلى أن تكون المشاركة حكوميا على مستوى وزارة الخارجية أو سواها ، لكن قرار أن تتم المشاركة بشخص قائد الحرس وليس سواه ، فهو قرار يعرف الأميركيون معناه جيدا ، وهو أن هذا هو موقف إيران وهذه هي التزاماتها ، ولو كانت النتيجة انهيار المفاوضات .
- ما قاله القائد حسين سلامي مكتوب ومحسوب بدقة ليشكل جدول أعمال إيران تجاه القضية الفلسطينية وقوى المقاومة ، لا تغير فيه التطورات السياسية الإقليمية والدولية ، ويمثل عهدا إيرانيا لفلسطين ، في ذروة التفاوض الذي تخوضه إيران ، سواء على جبهة الإتفاق النووي ، أو على جبهة التفاوض الإيراني السعودي ، الذي دخل مرحلة من الجدية والإيجابية ، كما تجمع التقارير الإعلامية والدبلوماسية ، لذلك فإن كل كلمة قالها الجنرال سلامي ستقرأ بعناية ودقة بصفتها أدق ما يمكن أن يعبر عن موقف إيران مما يجري في فلسطين وحولها ، ومن التزامات إيران تجاه فلسطين ومقاومتها .
- قال القائد سلامي "الكيان الصهيوني يقترب من زواله واضمحلاله وقد أصبح اليوم جسداً هامداً وميتاً ، و فلسطين اليوم أصبحت مقتدرة وقريبة إلى النصر وشمس الحرية بدأت تبزغ من مقاومة الشعب الفلسطيني ، وعلى الكيان الصهيوني الرحيل من المنطقة فهو لا يملك أي دعامة له للبقاء ، أما نحن فمستمرون في دعم الشعب الفلسطيني ونقول لقادة الفصائل المقاومة أن الجهاد هو سبيل التحرير ، ونقول قادة الدول الرجعية المطبعة مع العدو إن بيت العنكبوت هذا لا يمكن أن يوفر الأمن لكم ، ودعمنا لفلسطين هو من مبادئنا الإسلامية وقائد الثورة يعلن دعمه العملي للانتفاضة والقضية الفلسطينية والفلسطينيون يعيشون في قلوبنا وضمائرنا وصور قادتكم ترتفع في شوارعنا ونفتخر بهذا الأمر ، وسنبقى إلى جانبكم وعلى أمل النجاحات الكبرى في المستقبل القريب إن شاء الله " .
- مضمون هذه المواقف والإلتزامات يشكل الخريطة الإقليمية التي تتعهد إيران بالعمل عليها ، شرق أوسط خال من وجود كيان الإحتلال ، وفي الطريق إليه دعم مفتوح لقوى المقاومة ، وسعي علني لإسقاط مشاريع التفاوض والتطبيع ، فهذه هي إيران التي تذهبون للإتفاق النووي معها ، فإن لم يعجبكم ذلك فلا توقعوا العودة للاتفاق ، وإن إرتضيتم ربط نزاع يمثله الاتفاق ، تتحدد معه قضايا الخلاف ، فمرحبا ، ومثله خطاب لدول الخليج ، هذا هو منظورنا للمنطقة فإن اعتبرتم مسار التطبيع خيارا إستراتيجيا يحول دون السير في التفاهمات ، فهذا شأنكم ، وإن أدركتم أنه خيار فاشل يحتضر فذلك خيرلكم ، وإن فضلتم ربط النزاع حوله ، فلتعلموا أننا نعمل على إسقاطه ولن نتوقف عن ذلك .
- الحرس الثوري هو الجهة التي تقول أميركا وكيان الإحتلال وحكومات الخليج أنه يقود العلاقة الإيرانية بحركات المقاومة ، التي يصنفها هؤلاء إرهابا ، كما يصنفون الحرس ، وعلى رفعه من لوائح الإرهاب الأميركية يتوقف مصير الاتفاق النووي ، وعندما يعلن الحرس من غزة عبر الشاشات ، بلسان قائده ، دعم إيران للمقاومة فهو يتحدث عن دعم بالصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة ، وهكذا قررت إيران ان تحتفل بيوم القدس ، بأن ترسم معادلة الإقليم القادمة ، مشروعنا زوال "إسرائيل" ، فمن رغب بالحوار معنا أن يدرك هويتنا الواضحة سلفا ، ومن يرغب بالتفاهم معنا فليعلم مع من يقوم بالتفاهم ، ومن يقدم على التفاوض فليضع في حسابه سلفا ما ليس قابلا للتفاوض عندنا !
2022-04-29 | عدد القراءات 1374