الحل بالإنتخابات …ها هي قد جرت
كتب ناصر قنديل
- منذ 17 تشرين 2019 قرر فريق كبير في البلد تجميد السياسة تحت شعار أن الأولوية هي للانتخابات النيابية ، مبكرة إن أمكن وفي موعدها إذا تعذرت المبكرة ، وتشارك في ذلك بصورة رئيسية حزبا القوات اللبنانية والكتائب والنواب المستقيلون وجمعيات المجتمع المدني وقوى التغيير ، وقالوا للبنانيين أن حل الأزمة يبدأ بإجراء الإنتخابات ، وقد نجح هؤلاء في إقناع كتلة واسعة من اللبنانيين بأن الإنتخابات هي الحل ، وأن لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات .
- الآن وقد جرت الإنتخابات ، ماذا سيفعل هؤلاء ، هو السؤال الذي يجب أن يوجه إليهم ، وليس لمن كان يقول ويردد أن الإنتخابات مهمة لتجديد دوري في موعد دستوري للتمثيل السياسي ، لكن في بلد كلبنان فإن الإنتخابات النيابية لا تشكل طريقا لحل الأزمات ، لأنه في نظام مبني على التمثيل الطائفي ، لا تستطيع أغلبية نيابية أن تحكم ، وأن قدر اللبنانيين التعاون والحكم معا ، كما كان يردد دائما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، في زمن وجود الأغلبية في صف حزب الله وحلفائه ، وكان يردد إن أي اغلبية لا تستطيع تغيير ما يعتقده اللبنانيون قضايا كبرى ، حتى لو كان منصوصا عليها في الدستور ، مثل تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية ، أو منع تخصيص وظائف الدولة العليا لطوائف بعينها ، أو الذهاب نحو تطبيق المادة 22 من الدستور لانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وانشاء مجلس الشيوخ ،فكيف عندما يتعلق الأمر بقضايا أشد حساسية مثل سلاح المقاومة ، التي قال دعاة الأولوية للإنتخابات أنها ستكون موضع حسم بنيل الأغلبية .
- واقعيا فشلت حملة نيل الأغلبية المعادية للمقاومة وسلاحها ، والمقصود ليس النواب الذين يمتلكون رأيا مخالفا للمقاومة ، بل النواب الذي يرون قضية مصير سلاح المقاومة وصولا لنزعه ، أولوية تتقدم على كل شيء الى درجة اعتباره هدفا أول يجب البدء بمواجهته ، وهؤلاء هم أقل من ثلث مجلس النواب الجديد ، واذا اضفنا الى كتلة القوات اللبنانية نواب الكتائب والأحرار وعدد من النواب المستقيلين لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة ، واثنين او ثلاثة من الفائزين تحت مسميات المجتمع المدني ، سنصل الى عدد 33 نائبا فقط ، واذا أخذنا بالإعتبار المسافات الجنبلاطية الخاصة ، وموقع النواب الآتين من تيار المستقبل ، وما قاله العديد من نواب التغيير حول هذا العنوان ، لجهة اعتباره ملفا للحوار لا للمواجهة ، بالإضافة لنواب يعتبرون الأولوية لمواجهة ما يسمونه بالمنظومة ، وبالتالي يصير السؤال لأصحاب أولوية عنوان سلاح المقاومة ، و دعاة الأولوية للإنتخابات الآن ، ماذا ستفعلون الآن وقد تمت الانتخابات ، وماذا ستخترعون كأولوية بديلة ؟
- يقول هؤلاء إنهم لن يشاركوا في حكومة وحدة وطنية تضمهم مع حزب الله والتيار الوطني الحر ، على الأقل ، ولكنهم عاجزون بالمقابل عن تشكيل أغلبية تسمح لهم بتشكيل حكومة ، ومن حسن حظ حزب الله وحلفائه أنهم لم ينالوا أغلبية المجلس النيابي ، بما يلزمهم بالقيام بمسؤولية تشكيل حكومة ، كما حدث مع حكومة الرئيس حسان دياب ، ما يبقي الكرة في ملعب دعاة الإنتخابات هي الحل .
- قولوا لنا كيف ستكون الانتخابات هي الحل ، وكيف ستكون الإنتخابات مدخلا لتغيير واقع اللبنانيين ، وما هي وصفتكم لخروجهم من الأزمة ؟
- بقي أمامكم إحدى وصفتين إذا بقي شعاركم أن لا حل بوجود سلاح المقاومة ، الأول هو الحرب الأهلية ، والثاني هو التقسيم ، فاي الانتحارين ستختارون ، وتجعلون الفراغ السياسي والدستوري والحكومي طريقا نحوه ؟
- السؤال الثاني للنواب الجدد التغييريين ، وهو ماذا سيقول دعاة التغيير عن مشروع التقسيم ومشروع الحرب الأهلية ، تحت شعار حملة لا يشبهوننا ، ما دام هؤلاء التغييريون يقولون أنهم يؤمنون بالسلم الأهلي ووحدة لبنان ، وإذا كان مفهوما أن تكون دعوة هؤلاء سابقا للانتخابات تعبيرا عن رغبتهم بالمساهمة في الحياة السياسية من موقع القرار ، فهم اليوم وقد باتوا نوابا يعلمون أن كلامهم عن طبقة سياسية صار يشملهم ، وبعد شهور سيقال لهم ماذا فعلتم وقد انتخبناكم نوابا ، ويجب ان يتذكروا انهم تنمروا كثيرا على سواهم عندما قال ما خلونا ؟
- خارطة الطريق نحو الحل تبدأ بحكومة ، لها توصيفها وبرنامجها وصيغتها الواقعية لـ إبصار النور ، فهل يملك نواب التغيير وصفتهم لإخراج البلد من خطر الفراغ ، عبر حكومة جديدة ، وهل سيشاركون فيها عبر السعي لتشكيل أغلبية جديدة ، ومع من من الكتل النيابية ، ووفقا لأي نوع من التفاهمات من جهة ، وربط النزاع من جهة أخرى ، وأمامهم اليوم خياران لا ثالث لهما خيار حكومة تشكلها أغلبية تشكل القوات اللبنانية نواتها الصلبة وأولويتها سلاح المقاومة وتصعيد الإنقسام السياسي ، تربط النزاع حول الخلافات على الرؤية الإقتصادية وحل الأزمة المالية حتى لو تواصل الإنهيار ، أو أغلبية عنوانها الأولوية لمواجهة الإنهيار وربط النزاع حول سائر القضايا الخلافية ، ونقلها الى طاولة حوار جامع ، يشكل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائهم أركانا فيها ، وينضم اليها حكما الآخرون بإستثناء ال33 أصوليا من المحافظين الجدد ؟
- سؤال أخير للتغييريين ، وهل يمكن أن يوصف لنا من يقصدون بالمنظومة التي يريدون إسقاطها ، وكيف ، واذا كانوا يتحدثون عن تدريب اللبنانيين والسياسيين خصوصا ، والنواب بالأخص ، على الممارسة الديمقراطية ، فهل سينجحون بالتصرف كما تفعل القوى النيابية الديمقراطية في برلمانات العالم ، ويملكون شجاعة صياغة تفاهمات تمنحهم فرصة نيل رئاسة لجنة الإدارة والعدل ، المطبخ القانوني البرلماني ، مقابل التفاهم على رئيس مجلس النواب ونائب رئيس مجلس النواب ؟
- السؤال نفسه للطرفين المعنيين بتسمية الرئيس ونائب الرئيس ، أي حركة أمل والتيار الوطني الحر ، هل سيواصلان تبادل الكيديات ، وقد تسببت بخسارة ثلاثة مقاعد أو مقعدين على الأقل في جزين ، بينما كان أمامهما فرصة لتثبيت المواقع النيابية بتفاهمات مشرفة لكليهما ، وامامهما اليوم فرصة أهم لما هو أهم أيضا ؟
2022-05-18 | عدد القراءات 1216