حزب الله وحركة أمل يخرجان بنصر كامل …والتيار ينتصر على الإغتيال…وأضرار تطال الحلفاء

حزب الله وحركة أمل يخرجان بنصر كامل …والتيار ينتصر على الإغتيال…وأضرار تطال الحلفاء
التصويت الاغترابي والتدخل السعودي والإدارة الانتخابية والصوت التفضيلي …عناصر خلل
بري لخارطة طريق مجلسية…ونيابة الرئاسة تفتح لرئاستة  فرصة ال 70 صوتا 
كتب المحرر السياسي 
كشف التسرع الخاطئ  لإعلان رئيس حزب القوات اللبنانية بنيل الكتلة الأكبر في مجلس النواب ، وخروج قنوات فضائية لبنانية وعربية للترويج لهزيمة لحقت بالمقاومة وحلفائها ، ما كان مرسوما للإنتخابات النيابية ، وفسر حجم المال والجهد والمتابعة ، التي أولاها الخارج الذي فضح لعبته المعاون السابق لوزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر ، وكشف طبيعة الدور الذي لعبه في رسم مسار الإستحقاق الإنتخابي ، والأهداف المرسومة له ، وصولا للاعتراف بالفشل في تحقيق الأهداف .
انتهت الإنتخابات ولم يتحقق حلم سمير جعجع ومن معه ومن يقف وراءه ومن الى جانبه ، بنيل أغلبية نيابية تتيح وضع مستقبل سلاح المقاومة على طاولة الأولويات في تشكيل أي حكومة مقبلة ، وباءت آماله وآمال كل المحور الخارجي الذي جعل الإنتخابات مفصلا تاريخيا في حياة لبنان ، برؤية التيار الوطني الحر يضمحل ويختفي من المشهد السياسي والنيابي ، و يتقوقع في كتلة صغيرة من خمسة إلى عشرة نواب ، بينما يختال رئيس القوات زاهيا بالنصر بنيل ثلاثين مقعد نيابي ، متجاوزا الرقم الذي منح التيار صفة صاحب الكتلة الأكبر في المرة السابقة ولو بمقعد اضافي ، ومثله أصيب بالخيبة الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة مدعوما من مرجعيات روحية ومن السفارة السعودية ، وسقط مشروع وراثة السنيورة للزعامة الحريرية التي تركها الرئيس سعد الحريري دون وريث ،  ومثلما عاد التيار الوطني الحر يمثل الكتلة الأكبر ، فشلت لوائح الرئيس السنيورة في حجز حضور نيابي ، بأي من نواب الطائفة التي كان يطمح لقطاف زعامتها ، فشكل مجرد جسر لوصول نائب للحزب التقدمي الإشتراكي في بيروت ولنيل القوات اللبنانية نائبين في جزين ، ومثله أصاب مصطفى علوش وأشرف ريفي وخالد الضاهر ، فالأول والثالث  فشلا بحجز مقعد نيابي لأي منهما والثاني لم ينل سوى مقعده الشخصي بين نواب طائفته في عاصمة الشمال ، وشكلوا ثلاثتهم جسورا عبر عليها سواهم ، سواء من مرشحي تيار المستقبل السابقين بالنسبة لعلوش ، أو من مقاعد نالتها القوات اللبنانية بالأصوات التي وفرها ريفي ، وتلك التي حاول ان يوفرها الضاهر وفشل في عكار .
فيما نجح التيار الوطني الحر بالإنتصار على مشروع الإغتيال السياسي ، واعاد تجديد مكانته ككتلة اولى بين الكتل النيابية ، وعلى الصعيد المسيحي ، سجل ثنائي حزب الله وحركة أمل انتصارا ساحقا ، فلم ينل أغلبية وهمية لم تعمل يوما كأغلبية سياسية ، وهو لذلك لم يجعلها عنوانا لمشاركته في العملية الإنتخابية ، لكنه اعاد تجديد الأغلبية الوطنية التي ترفض وضع سلاح المقاومة على الطاولة داعية لنزعه كأولوية لها ، بحيث لم ينل هؤلاء أكثر من ربع مجلس النواب الجديد ، وربع أصوات الناخبين ، بينما حقق الثنائي في السياق مكاسب إضافية ، سواء بحجم التصويت والمقاعد أو الأصوات ، أو بالفوز بالإستفتاء الذي أراده أعداء المقاومة في بيئتها على سلاحها ، بعدما راهنوا على تراجع الالتفاف حول المقاومة بفعل الضغوط والحصار والتجويع ، فحصد كل من حزب الله وحركة أمل كتلة من 15 نائبا منهم 27 نائبا هم كامل التمثيل الشيعي في مجلس النواب ، الذين يتوقف على مشاركة ، نائب واحد منهم على الأقل ، تحقق شرط الميثاقية في أي استحقاق دستوري ، ونالا معا تصويتا من 575 ألف صوت يمثلون قرابة ثلث إجمالي المصوتين بينما حصل تحالف القوى المساندة للمقاومة قرابة 880 ألف صوتا يمثلون نصف المقترعين تقريبا ، مقابل ربع للمناوئين ، وربع للذين يدعون للحوار الوطني حول استراتيجية وطنية للدفاع عن لبنان ومن ضمنها النظر لدور المقاومة ، وهو ما دأبت قيادة المقاومة على الإعلان عن جهوزيتها الدائمة له وترحيبها الدائم به .
انتصار ثلاثي حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر ترافق مع أضرار جسيمة أصابت عدد من الحلفاء فنال تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والحزب الديمقراطي وحزب التوحيد والنائب فيصل كرامي ونائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي ، نصيبا من هذه الأضرار .
في قراءة سريعة للمسار الإنتخابي ، وترسيم الأرباح والخسائر ، تبدو عدة عناوين ، أولها الطبيعة المدمرة التي لعبها الصوت التفضيلي الواحد في تركيبة طائفية للدوائر والنظام الإنتخابي ، بمعزل عن تفاوت حجم الدوائر ، ما يصيب مبدأ العدالة في حقوق الناخبين ، وثانيها حجم الإستقطاب الطائفي الذي يتسبب به قانون الإنتخاب الذي بني على النسبية شكلا لكنه تسبب عبر الصوت الواحد وحصره ضمن الدائرة الصغرى بتعزيز العصبيات الطائفية والمذهبية ، وثالثها ما أظهرته نتائج غياب الرئيس سعد الحريري من حضور سعودي سياسي ومالي مباشر في سعي لتجيير أصوات ناخبي الطائفة السنية لمرشحين مناوئين للوائح المؤيدة للمقاومة ، وجاء الارتجال في اعتماد التصويت الاغترابي دون الأخذ بالحساب لنتائج تأثير الضغوط التي يتعرض لها المغتربون في مصادر أرزاقهم ، وفي البيئات التي يتاح لخصوم المقاومة احاطتهم بها ، مقابل الحظر المفروض على كل مناصري المقاومة المصنفة إرهابا في عدد من الدول العربية والأوروبية إضافة للأميركيتين ، ما يضرب قاعدة تكافؤ الفرض ويشكل مخالفة للدستور ، ورغم كل ذلك جرى التساهل مع تمريره بحسابات المسايرة السياسية لمنطق محاكاة العصبيات الطائفية ، وجاءت النتائج واضحة في تأثيرها على نتائج العملية الإنتخابية ، وبات اليوم أمرا واقعا يصعب تعديله ، لكن يجب اشتراط ربطه بتأمين تكافؤ الفرص وربط المشاركة الاغترابية بحصرها في البلدان التي لا تصنف المقاومة ارهابا ، وتتيح لقوى المقاومة تنظيم حملاتها الانتخابية ، ولمؤيديها التحرك بحرية والتعبير عن خياراتهم الإنتخابية دون الخوف من عواقب ، كذلك تظهر الإدارة الإنتخابية عاملا مهما ، ، سواء بما ظهرمن خلل في طريقة اعلان الفائزين وتبدلهم ، وصولا لفوز البعض بعشرات الأصوات التفضيلية ، ما يسقط اي قيمة أرادها المشترع من الصوت التفضيلي ، أوفي فشل الحلفاء في تجاوز الحسابات الفئوية الصيقة ، كما تقول تجربة انتخابات جزين والخسارة المدوية فيها رغم نيل ما مجموعة يكفي لنيل مقعدين على الأقل ، ومثل جزين دوائر اخرى وخسارات اخرى بطرق اخرى ، وفي الحصيلة ظهر قانون الإنتخابات الهجين ، رغم اعتماد النسبية ، فاشلا في انتاج حياة وطنية وتمثيل صحيح ، ما يفتح الباب بجدية للإنتقال الى قانون انتخاب جديد خارج القيد الطائفي يعتمد النسبية على مستوى لبنان دائرة واحدة .
ما بعد الانتخابات سيكون انتخاب رئيس وهيئة مكتب المجلس النيابي الجديد أول الإستحقاقات ، وفيما يتسابق رؤساء الكتل النيابية مناوئة للمقاومة وبعض حلفائها ، خصوصا بين الكتل المسيحية الكبرى ، أي القوات والتيار الوطني الحر ، على الإعلان عن عدم المشاركة في إعادة إنتخاب الرئيس نبيه بري رئيسا للمجلس النيابي ، رغم عدم وجود منافس من نواب الطائفة الشيعية التي يفترض ان ينتمي اليها رئيس المجلس النيابي ، ورغم ما يفتحه ذلك من باب مواز لإمتناع نواب الطائفة الشيعية عن المشاركة في تأمين نصاب وانتخاب رئيس للجمهورية ، ، أو التصويت ضد أي مرشح مسيحي وازن للرئاسة حتى لو نال اجماع نواب طائفته ،  يتسابق هؤلاء على السعي لإيصال مرشحيهم لمنصب نائب رئيس مجلس النواب ، فالقوات ترشح النائب غسان حاصباني والتيار يرشح النائب الياس بوصعب ، بينما ترشح مجموعات التغيير النائب ملحم خلف ، ويبدو أن ما تتيحه التحالفات الخاصة التي يمكن حشدها لكل من المرشحين دون القدرة على تأمين 40 صوتا لكل منهم إذا انطلق كل منهم من 20 صوتا مبدئيا لكتلته ، بينما يحتشد وراء انتخاب الرئيس نبيه بري كتلة مرجحة لفوز أي مرشح لمنصب نائب رئيس المجلس ، يرجح ان تصب في اطار تشجيع تفاهمات مسبقة على سلة ترشيحات لهيئة مكتب المجلس ورؤساء اللجان ، حيث ينال بري اضافة لتصويت الثنائي أي 30 نائبا ، تصويت الحزب التقدمي الاشتراكي ونواب المردة ، وقرابة عشرة أصوات من نواب الشمال ، وجمعية المشاريع والنائب حسن مراد والنائب ميشال المر ونواب الطاشناق ، ما يجعل حاصل ال50 نائبا في اليد ، يضاف اليها 20 صوتا للمرشح الذي ترسو معه التفاهمات على منصب نائب الرئيس .
بري افتتح اليوم الأول لما بعد الانتخابات بكلمة رسم خلالها خارطة طريق للمجلس الجديد ، داعيا لمغادرة خطاب الكراهية والعصبيات ، والإنتفاح على مرحلة اصلاحية جديدة عنوانها الذهاب لقانون انتخاب خارج قيد الطائفي وانشاء مجلس للشيوخ ، وتخفيض سن الاقتراع الى ال18 سنة ، وتثبيت الكوتا النسائية ، وصولا لضمان حقوق المودعين ، واستقلال السلطة القضائية ، واقرار اللامركزية الادارية الموسعة ، وانجاز الاستحقاقات الدستورية في موعدها منعا للفراغ ، ووضع مكافحة الفساد كأولوية للتشريع وتطبيق القوانين ، معلنا دعوة مفتوحة للقوى السياسية والكتل النيابية وقوى المجتمع المدني لحوار جدي .

 

2022-05-18 | عدد القراءات 1259