انفصام وجنون !
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- يعرف كل الذين يتجاهلون الإعترافات الأميركية بالمسؤولية عن دفع لبنان نحو الإنهيار المالي ، ويتجاهلون القرارات العربية والغربية بشد الخناق لمنع السياحة والتحويلات إلى لبنان ، ويتجاهلون أن السياسات المالية التي دمرت الاقتصاد بمنع التمويل المصرفي عن كل المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية ، وصولا لجعل القطاع المالي مجرد اداة سحب للودائع مقابل ضخ للديون لحساب الدولة ، وفق سلم للفوائد تصاعدي وصولا للجنون ، حتى ضاعات الودائع وتوقفت القدرة على الاستدانة فوقع الإنهيار ، يعرف هؤلاء أنهم عندما يقلبون الحقائق ويقولون أن المقاومة وسلاحها يتحملان مسؤولية الانهيار أنهم منافقون ، حتى الذين يقولون أن المقاومة مسؤولة لأن الأميركيين والغرب والخليج لن يساهموا بمساعدة لبنان لأنهم يناصبونها العداء ، ويستغلون الإنهيار للضغط عليها ، ومثلهم الذين يقولون ان المقاومة مسؤولة لأنها لم تستخدم ثقلها لمواجهة السياسات المالية والفساد ، فهم منافقون أيضا ، لأن أبسط شروط المصداقية تفترض أن يقولوا قبل ذلك ، أن الحصار والسياسات المالية المدعومة من الغرب هما سبب الإنهيار بالشراكة مع المستفيدين من جنات سلطة المحاصصة ، ثم لهم أن يخاطبوا المقاومة التي لا تتحمل أي مسؤولية عن هذا الإنهيار للشراكة في نقاش وطني لكيفية مساهمة الجميع في الخروج من الإنهيار ، بعد اجراء فحص علمي لحجم ما سيجنيه لبنان من اي تنازلات يقدمها لخصوم المقاومة ، والبدائل التيتقترحها المقاومة كتسريع استثمار حقول النفط والغاز ، بهدف التوصل لصياغة وفاق وطني على خارطة طريق للخروج من الأزمة ، تتضمن حكما اجراءات قيصيرية بحق كل الذين هندسوا في الداخل سياسات التفليسة العامة التي اخذوا لبنان اليها بعدما وضعوه في فقاعة مالية ونفخوها بالوهم حتى الانفجار .
- المعادلة المنافية لكل منطق والخالية من المصداقية ، التي تنتج النفاق هي من نتاج انفصام ، يجعل صاحبه في حالة مرضية تفتقد للإنسجام بين أحكام صاحبها ، ويقع فيها الذين يتمسكون نظريا بالحديث عن التعدد اللبناني من جهة ، ويكثرون من رفع الصوت تحت شعارات صحة التمثيل الطائفي ، ثم فجأة يقررون ادارة الظهر للمعادلات الطائفية في انتخابات رئاسة مجلس النواب ، ويصيغون مواقفهم بلغة عالية السقوف ، ليس لأنهم جاهزون لإلغاء الطائفية وباتوا يعتبرونها قيدا على أي إدارة سلسلة لمؤسسات الدولة ، بل لأن بعضهم يعمل ضمن خطة خارجية لمحاصرة المقاومة التي تحتضنها بيئة من لون طائفي ، دفعت أثمانا باهظة بسبب هذا الإحتضان ، وبعضهم الآخر المؤيد للمقاومة أسير خطاب تصادمي مع أحد مكونات الثنائي الذي قدم مرشحا موحدا لرئاسة المجلس ، ولم يعد في هذا الأمر موزعا بين الحليف وحليف الحليف ، وعندما يسأل فريق منهم عن سقوط الطائفية ، يجيب بدعوة مستحيلة للفدرالية ، ودعوة تعجيزية للعلمنة الشاملة ، يعرف كل منهما أن ليس هناك نصاب الحد الأدنى اللازم لأي منهما ، وكل من الدعوتين تحتاج الى تعديل للدستور ، ليست مناخاته ولا ظروفه هي المناخات التصعيدية القائمة ، كما يعرف الجميع ان النوايا الصافية تسمح بالذهاب للسير بما نص عليه إتفاق الطائف وصار مادة دستورية لا تحتاج الا للتطبيق بقانون عادي يضمن انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي على أساس النظام النسبي ودوائر موسعة كالمحافظات الخمسة ان لم يكن في لبنان دائرة واحدة ، والغريب ان احدا منهم لم يأت على ذكرها .
- الشعبوية الطائفية تقوم أصلا على النفاق والفصام ، لأنها توصف المشاكل والحلول على عكس حقيقتها ، لكن المشكلة باتت اليوم بالجنون ، وليس بالنفاق فقط ، فالعبث السياسي عندما يصير طائفيا يشعل البلد ولا يبدو أن أحدا ينتبه لخطابه ولا لخطواته ، فالتغييريون ظهروا جبناء أمام الصيغة الطائفية مثلهم مثل التقليديين ، ومؤيدو خيار المقاومة ، منهم ومن القوى التقليدية أسير معادلة مزايدة شعبوية ، في موقفه من انتخابات رئاسة مجلس النواب التي سيفتح التصويت الطائفي عليها أبوابا جهنمية على المناخات الطائفية وشد العصبيات واستنهاضها ، بينما كان بيد أصحابها أن يقولوا نعترض على الترشيح لكننا نحترم معادلة العيش المشترك وإجماع احدى الطوائف الكبرى على ترشيح من يشغل منصبا دستوريا محسوبا عليها ، أو أن يقولوا لقد آن الأوان لنخرج من الطائفية ، أو لنذهب الى المداورة بين الطوائف في الرئاسات .
- عندما طرح شعار عزل الكتائب عام 1975 كان لدى الحزب 7 نواب في برلمان 1972 ، وكان التمثيل النيابي صحيحا بحق مكونات النظام وفي طليعتها الكتائب ، وكان حزب الوطنيين الأحرار يتمثل ب 11 نائبا ، بما يشبه كثيرا حال حركة أمل وحزب الله ، ولا يزال يقول البعض حتى اليوم أن شعار عزل الكتائب كان سببا للحرب الأهلية .
2022-05-23 | عدد القراءات 1268