ليس سواها ما يدعو للأمل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- كلما اصغينا أكثر للكلام السياسي في الشأن الداخلي ، وكلما أمعنا النظر في أحوال الناس والبلاد ، زاد الشعور بالعبث يسيطر على كل شيء ، و الأنا المتضخمة تتغول على حساب المصلحة الوطنية ، والابتعاد عن أولويات الناس لحساب استرضاء صناع الأضواء من قنوات تلفزيونية وسفارات ، فيصير الأبيض أسود والأسود أبيض ، فالتسابق على تسمية الكتلة المسيحية الأكبر ضرورة على طريق السباق الرئاسي ، وبذات الوقت إدارة الظهر لإجماع نواب طائفة على ترشيح رئيس مجلس النواب ، والسيادة شعار يرفع بوجه المقاومة وسلاحها ، وتسقط جدرانها عندما يزف السفير السعودي بشرى النصر في الإنتخابات معلنا أبوته لما أسموه بنصر التغيير ، ونواب التغيير الذين يتحدثون عن اللاطائفية بصفتها نصا دستوريا ينسون أن يقرأوا المادة 95 من الدستور التي رسمت خارطة طريق للإلغاء ، فتكريس التوزيع الطائفي قائم في النص الدستوري ، بخلاف ما يقوله أحد منظري التغيير ، وطريق الخروج منه واضح ، هيئة وطنية لإلغاء الطائفية ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي ومجلس للشيوخ ، ثم إلغاء طائفية وظائف الفئة الأولى ، قبل الوصول للرئاسات ، التي تشكل المداورة فيها حلما صعب التحقق فكيف بإلغائها ، فيصير النقاش بلا جدوى ، حيث نواب لا يقرأون وان قرأوا لا يفهمون ، وان فهموا لا يعرفون ، وان عرفوا لا يعترفون .
- الدولار يقفز سريعا ، فيخرج البطريرك بشارة الراعي يقول أن المسؤول هو الخاسر في الإنتخابات ، والهدف هو الانقلاب على النتائج ، والكلام على طريقة "الخسن والخسين بنات معاوية ولدتا في اسطمبول" ، فمن يفترضه خاسرا لم يخسر ، ومن يظنه منتصرا لم ينتصر ، ومن يقول انه مسؤول ليس مسؤولا ، والمسؤول معلوم وسبق للبطريرك أنه أعلنه خطا أحمر ، ومن قال ان الحل في الإنتخابات ، سواء كان رئيس القوات أو نواب التغيير ، غير معني اليوم بالتفسير، كيف يترجمون نظرية الانتخابات هي الحل ، وقد وضعوا اهدافا لما بعد الإنتخابات لا مكان فيها لأولويات الناس ، التي تتمثل بتسهيل استيلاد حكومة تكون خلال شهور ما قبل الاستحقاق الرئاسي ،هيئة حوار لوضع كل القضايا الخلافية فوق الطاولة ، وتضع ما يمكن اتخاذه من قرارات تنفيذية بسرعة لمعالجة ما يمكن معالجته بأسرع ما يمكن ، وبدلا من ذلك يتواصل خطاب التحدي وهو حق لأصحابه ، لكنه طريق للتعقيد فالتصعيد فقطع الطريق على أي تسويات ، لا حكومة بدونها ، ولا رئاسة بدونها ، وبدونهما أي الحكومة والرئاسة ، لا مؤسسات لدولة يفترض ان بناءها كان شعار التغيير ، ونظرية اسقاط المنظومة طريقها هو الانتخابات ، والانتخابات انتهت ، ويفترض ان ما بعدها عمل وأمل ، لا صراخ وافخاخ وربما فراخ !
- في مثل هذا اليوم قبل اثنين وعشرين عاما خرج لبنان من العتمة الى الضوء ، وكل اصحاب الضجيج لم يكن لهم يد في ذلك ، وحدهم الذين يتلقون في صدورهم اليوم سهام التجريح والاتهام كانوا أصحاب الفضل ، فتحقق النصر وإندحر الإحتلال ، ولولا هذه المقاومة ما كان أمن ولا كانت دولة ، وتبع نصر التحرير نصر الردع ورد العدوان في 2006 ، فتحقق للبنان استقرار ثابت وراسخ بخروجه من دائرة الاستهداف طوال ستة عشر عاما ، وبفضل هذه المقاومة فرض لبنان حضوره في البحر وثروات النفط والغاز ، فاضطر الإسرائيلي لانتظار التفاوض ، واضطر الأميركي لإطلاق الوساطة ، ولولا هذه المقاومة لبدأ الإسرائيلي استخراج ثرواتنا وتصرف بها ، وكل ما بين أيدينا وفقا لوصفات المتربصين بالمقاومة وسلاحها ، الشكوى لمجلس الأمن ، وقد خبرها اللبنانيون اثنين وعشرين سنة ما بين الاجتياح الاسرائيلي الثاني عام 1978 والتحرير عام 2000 ، فلم تسمن ولم تغن عن جوع ، وبفضل هذه المقاومة صار الخيار العسكري لفرض الهيمنة الخارجية والفتنة الداخلية معلقا ، حيث من يريد لا يقدر ومن يقدر لا يريد ، فتحصن السلم الأهلي .
- منسوب الكرامة الذي حققته انتصارات المقاومة كان فوق مستوى قدرة السياسة في لبنان على التحمل ، ولولا هذه المقاومة لما كان هناك ما يدعو للأمل .
- مرة أخرى يبدو أن الحلول لن تأتي من نضج الداخل ، بل من حاجة الخارج لتسويات يجبره على البحث عنها وجود وقوة المقاومة ، فنتحمل تخلف الداخل وتفاهة السياسة فيه وقصر نظر السياسيين وعبثهم ، بقوة صبر وبصيرة هذه المقاومة .
2022-05-25 | عدد القراءات 1409