الدرس الأول في السياسة :
أما وقد أصبحتم نوابا فابحثوا عن المشتركات
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- قبل الإنتخابات غير ما بعدها ، وفي بلد ينهار كل العيون تشخص الى ام السلطات التي تنبثق من مجلس النواب ، فما قبل الإنتخابات شعارات ومواجهات وحملات ، وهذا طبيعي ومفهوم ، لكن ماذا عن ما بعدها ، وقد صار النواب مسؤولين عن رسم مصير البلاد ، ووضع سقوف معاركهم الخاصة بما يتحمله سقف البلد ، وبناء أرضية للتشريع لما يرفع سقف البلد ويريح ناسه ، وإطار للرقابة والنقد يعبر عن الخصوصيات والاختلافات التي تغني الحياة السياسية وتصوب مساراتها ، فالمجلس النيابي المكون وفقا لنظام نسبي ، مصمم ليعبر عن أوسع تعدد وتنوع في ألوان الطيف ، يحققه سعي كل لون للتأكيد على تمايزه عن الغير ، ورفع الصوت بوجه هذا الغير ، ليجذب أوسع شرائح من الناس الى خطابه وطروحاته ، فينال أوسع تمثيل ممكن ، لكن ماذا عندما تنتهي الإنتخابات ؟
- حفاظ الكتل على مصداقيتها وتعبيرها عن ما حملته من وعود للناخبين ، يشكل شرطا ضروريا لاستقامة الحياة النيابية وتطورها ، لكن مجال هذا التعبير يقع في الدرجة الثانية من المسؤولية التي يتحملها ويحملها النائب ، ويظهر في الموقف من المشاركة في الحكومة ، ومن برامجها ، وفي جلسات مناقشة بيانها الوزاري ومنحها الثقة أو حجبها ، وفي الرقابة التي تتجسد بأسئلة النواب واستجواباتهم للحكومة ، ودعواتهم للجان تحقيق برلمانية ، وسعيهم لطرح مقترحات تتناسب مع تمازيزاتهم حتى لو لم تلق القبول من الآخرين ، من باب الترويج لها ووضعها في التداول ، والإصرار على رفع التمايزات لتشكل بوصلة الحركة في المجلس يعني تحويل الحياة النيابية إلى منصة للإستعراض ، والعبث ، والمشاغبة الطفولية ، والمراهقة السياسية ، لا تنسجم مع حجم المسؤولية التي وضعها الناس على النواب ، ولا مع حجم الانهيار الذي يعيشه البلد ، والذي يبحث عن منقذ ، لا عن من يقول كنا نريد لكننا لم نستطع ، او "ما خلونا " .
- البوصلة الأولى في الحياة النيابية هي البحث عن المشتركات لرسم الأولويات ، والأولويات لا يجوز أن تكون أولويات نابعة من التمايزات والخصوصيات ، بل يجب أن تنبع من أولويات الناس ، وما هو واضح ونحتاجه بقوة في هذا المجلس النيابي ، أن ينزل النواب كل عن شجرته ، ويتقبلوا حقيقتين ، الأولى أن كل كلام عن الفساد لا يترجم تشريعيا ورقابيا وبالتالي قضائيا هو تسلية سياسية ، وسعي للتنابذ بلا أسباب موجبة ، والثانية أن كل صراخ حول سلاح المقاومة خارج طاولة حوار تتناول الاستراتيجية الوطنية للدفاع وفي مقدمتها رصد الامكانات لتسليح الجيش ، وتحديد السياسة الخارجية على أساس بوصلة من يقبل بتسليح الجيش باسلحة الردع النوعية ومن يرفض ، وبناء منظومة شعب مقاوم تترجم كون حق المقاومة ليس لفئة او طائفة او منطقة ، بالبدء بالخدمة الإلزامية لثلاث سنوات تنتهي بتوزيع المجندين المدربين على سرايا مقاومة تحت امرة قيادة الجيش تشارك في مواجهة كل عدوان ، فيكون الكلام عن أنه اذا وقع العدوان سنكون كلنا مقاومة ، ليس نفاقا سياسيا لذر الرماد في العيون ، حيث الانخراط في عمل المواجهة للعدوان يحتاج خطة واطار وسلاح وتنظيم ، وهي شروط لا يمكن تحقيقها تحت عنوان تعزيز مكانة الجيش الا من بوابة العودة للخدمة الالزامية ، ولثلاث سنوات ، وبنقل هذا الملف الى الحوار والعمل ، ننظر بعد ثلاث سنوات ، أين اصبحنا في التسيليح والتنظيم ، لنعيد ترتيب العلاقة بين الجيش والمقاومة بما يتناسب مع هذا التقدم ، وصولا لمرحلة نستطيع القول معها ان الجيش القادر القوي بات حاضرا وجاهزا لتحمل مسؤولية حماية البلد .
- ان تحييد النزاع حول سلاح المقاومة بنقله الى الحوار الوطني والعمل الجاد لبناء جيش قادر وشعب مقاوم ، من جهة ، وتحييد التراشق بتهم الفساد ، الى القضاء المستقل والقادر والنزيه ، وتفعيل التشريعات المناسبة لذلك وتطويرها ، وتعزيز مؤسسات الرقابة ، من جهة موازية ، يعنيان سحب فتائل يريدها البعض للاستعراض ، ويريدها بعض الخارج لزعزعة الاستقرار ، وهذا يضع السؤال الأهم ، ماذا على النواب أن يفعلوا ، والجواب بسيط ، ما يريده منهم الناس أن يفعلوه ، خطة عملية للكهرباء ، وخطة عملية لإعادة ودائع الناس في المصارف إلى أصحابها ، فلينصرف النواب الى الحوار حول هاتين ، ليتفقوا على الحد الأدنى من المشتركات ، ليبدأوا العمل !
2022-06-03 | عدد القراءات 1224