عروض بايدن : أرباح السعودية وخسائرها ؟ نقاط على الحروف ناصر قنديل

عروض بايدن : أرباح السعودية وخسائرها ؟

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- بعد سنوات من التهميش لمكانة السعودية ومعاملتها من الجانب الأميركي كمحمية مكلفة بضخ النفط في الأسواق وتقديم الأموال لتغطية الحروب الأميركية ، وصولا لابتزازها في حرب اليمن بتوظيف الحرب في إضعاف محور المقاومة ، وتحميل السعودية تبعات استمرارها وما فيها من جرائم وبشاعة إنسانية وجعل كل شحنة ذخيرة وسلاح سببا للإذلال والتمنين ، وانتهاء بإعتبار الإتفاق مع إيران شأنا أميركيا على السعودية تلقي نتائجه فقط ، أعادت الحرب في أوكرانيا وتداعياتها للسعودية المكانة التي فقدتها ، فشعرت واشنطن بخطورة التموضع السعودي الجديد ، سواء عبر رفض السعودية المشاركة في العقوبات على روسيا ، أو في المضي قدما في الهدنة اليمنية ، وفي الحوار السعودي الإيراني ، وصولا لرفض السعودية الإستجابة لدعوات أميركية للقيام بضخ مليون برميل من النفط يوميا منعا لارتفاع الأسعار في ظل الأزمة الناجمة عن العقوبات على روسيا ، فجاءت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المقررة في منتصف الشهر القادم تعبيرا عن هذا الاعتراف الأميركي المستجد بمكانة السعودية .

- ماذا سيعرض بايدن على السعودية وماذا سيطلب منها ، هذا هو السؤال الذي ينتظر العالم معرفة الجواب السعودي عليه ، لما يترتب على الجواب من رسم معادلات إقليمية ودولية جديدة ، وفي الجواب يبدو واضحا أن ثمة شيئ واحد سيقدمه بايدن للسعودية ، وهو الإستعداد لتجاهل ملف إغتيال الصحافي جمال الخاشقجي كعائق أمام الإعتراف بشرعية جلوس ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على العرش ، وبالمقابل سيطلب ثلاثة أشياء ، الأول هو انخراط سعودي كامل بعلاقة تعاون وتحالف مع كيان الإحتلال أمنيا واقتصاديا وسياسيا ، بجعل السعودية قوة الدفع باتجاه التطبيع مع الكيان دون اي حل يعيد أي حقوق للشعب الفلسطيني ، ما يعني وضع السعودية في مواجهة الحقوق الفلسطينية وتحميلها مسؤولية ضياع هذه الحقوق ، وتقديمها مجرد أداة لحماية العدوانية الإسرائيلية على الفلسطينيين ، والثاني تجميد كل الخطوات الحوارية مع إيران وسورية وانتظار مسارات العلاقة الأميركية بكل من إيران وسورية ، وهذا يعني جعل السعودية جائزة الترضية لإسرائيل إذا قررت واشنطن توقيع الإتفاق مع إيران ، وتحويل السعودية الى قاعدة المواجهة مع إيران إذا قررت واشنطن العكس ، والثالث هو أن تقوم السعودية بضخ كل الكميات اللازمة من النفط لضمان تخفيض سعر البرميل إلى ما دون سعر المئة دولار ، للحد من تداعيات الحرب مع روسيا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لدول الغرب ، وهذا يعني جعل السعودية كبش محرقة في الحرب مع روسيا ، ومجرد خزان نفط وكيس مال في حروب اميركا .

- في الحصيلة يعرض بايدن على الرياض أن تقايض استعداده للجلوس مع ولي العهد ، بأن تكون كيس رمل يتلقى الضربات بالنيابة عن واشنطن ، في ثلاثة حروب فاشلة تخوضها إدارة بايدن ، حرب بوجه روسيا ، وحرب بوجه إيران ، وحرب لتعويم "إسرائيل" ، وهذا يعني وعد لولي العهد باعتراف قد  لا يبصر النور ، فخسارة أميركا لهذه الحروب مؤكدة ، وتحويل السعودية الى واجهة فيها سيعني تدفيعها ثمن الخسارة قبل ان تصل التداعيات الى واشنطن ، وجعل خصوم واشنطن والمستهدفون بحروبها يضعون المواجهة مع السعودية في سلم أولوياتهم ، فهل سيمتلك صناع القرار في الرياض شجاعة رفض العروض الأميركية ، أو على الأقل حق التفكير بما يمثل المصلحة السعودية بنصف استجابة مشروطة ، مثل ربط العلاقة بالكيان بشروط المبادرة السعودية ، والتمسك بفصل سوق النفط عن السياسة واخضاعها لمقتضيات السوق ، واعتبار التهدئة والاستقرار في الإقليم مصالح سعودية حيوية ؟ 

- في صيف عام 2012 كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث للسلك الدبلوماسي ، فقال لهم ، لقد اختبرنا أميركا عندما تنكث بوعودها وتستشعر القوة فتتعمد الإذلال ، و استنتجنا أن أميركا الجيدة هي أميركا الضعيفة ، فهل استنتج السعوديون الشيئ نفسه ، وهل سيعلمون بناء عليه ، ولو من موقع الذكاء والحنكة في لحظة دولية اقليمية حرجة لا يضع فيها العقلاء رؤوسهم أمام العاصفة ، ويتدبرون الحيل لشراء الوقت التملص من الالتزامات ؟

2022-06-15 | عدد القراءات 1306