هكذا غير بوتين ونصرالله قانون الحرب نقاط على الحروف ناصر قنديل

هكذا غير بوتين ونصرالله قانون الحرب 

نقاط على الحروف

ناصر قنديل

- منذ العام 2000 والعالم يعيش إيقاع صعود حركتين ، حركة يقودها الرئيس فلاديمير بوتين في روسيا ، وحركة يقودها السيد حسن نصرالله في لبنان ، وقد اعتمدت كل منهما منهجا خاصا ومختلفا وجديدا في صناعة التوازن ، وصولا لتحقيق التفوق الاستراتيجي ، ما أتاح لهما التربع على عرش القوة ، وتغيير قانون الحرب .

- انطلق بوتين من روابط الدين والقومية التي تجمع مواطنيه على استعادة أمجاد تاريخ العظمة التي أصيبت في الصميم مع انهيار الإتحاد السوفياتي ، ما أعقبه من إذلال ومهانة للروس بصفتهم ينتمون للدولة الروسية لا غير ، واستثمر بوتين على هذه النهضة ليبني معادلة القوة على توظيف الأصول الثابتة للأمة الروسية ، بوجه معادلات العالم الإفتراضي التي تصنع قوة الغرب ، فاستند إلى الطاقة البشرية لبناء جيش مقاتل يستعد ضباطه وجنوده للموت والتضحية ، مقابل شركات متخصصة للخدمات العسكرية والأمنية واللوجستية وشركات تجنيد المرتزقة  والجامعات الإرهابية الرديفة القابلة للتوظيف مثل تنظيمات داعش والقاعدة وفرق النازيين الجدد ، تحل مكان الجيش الوطني بمفهومه المتوارث من الحربين العالميتين ،  و وظف بوتين موارد روسيا من الأصول الثابتة في المعادن والخامات والقمح والحبوب والنفط والغاز ، لتكوين اقتصاد يخدم بناء فائض القوة الذي تستدعيه الحروب ، مقال اقتصاد المصارف والأسهم والبورصة الذي يستند إليه الغرب ويسيطر عبره على العالم .

- بالتوازي انطلق السيد نصرالله ، من منسوب الكرامة الذي حملته ومثلته المقاومة وعززه انتصارها الأول في تحرير الشريط الحدودي المحتل عام 2000 ، وانتصاره بالصمود والثبات والقدرة على منع جيش الاحتلال من دخول الأرض اللبنانية وتحقيق أهدافه بتدمير المقاومة عام 2006 ، و معادلات الردع التي أنتجتها الانتصارات ، لتشكيل نواة جيش صغير لا ينام وهو يتجهز ويستعد بكل ما تحتاجه منازلة حاسمة مع الكيان الذي يمثل صفوة ونخبة وطليعة جيوش الغرب المقاتلة ، راسما معادلات التسليح والتمكين التقني بمعايير حرب حديثة تستند الى مشاة البر والصواريخ الدقيقة والطائرات المسيرة ، مقابل جيش يملك مئات الطائرات وآلاف الدبابات وقوة نار هائلة ونصف مليون جندي ، ويصنف من أقوى جيوش العالم ، وقد سبق وخاض حربا شاملة على جيوش خمسة دول عربية مجتمعة على ثلاثة جبهات وانتصر فيها بصورة ساحقة خلال ستة أيام ، وقد جاءت وقائع الحرب في أوكرانيا تقول إن الحرب الجديدة باتت حرب مشاة البر والصواريخ والدقيقة والطائرات المسيرة ، بعدما كانت كل الحروب التي سبقت منذ الحرب العالمية الأولى حرب الطائرات والدبابات .

- جاءت حرب أوكرانيا لتضع وجها لوجه قانون الحرب الأميركي مقابل قانون الحرب الروسية ، وفي مقابل عجز جيوش الغرب عن تحمل نزف الدماء قياسا بالجيش الروسي ، بفعل تباين التكوين والبنية والأهداف ، ولتجنب حرب نووية مدمرة وغير مضمونة النتائج ، مع الفوارق التي راكمها بوتين لصالح التفوق الروسي ، بينما اعتمد بوتين على ضباطه وجنوده وتضحياتهم وثباتهم ومن خلفهم شعبهم ، واعتمد الغرب وعلى رأسه الأميركيون ، على الجيش الأوكراني ، ومنظمات القومية المتطرفة والنازية الجديدة ، وشركات تجنيد المرتزقة ، وشركات الحروب الرديفة والاستخبارية ، وقدموا أسلحة وذخائر بمليارات الدولارات لتأمين أعلى نسبة توازن ممكنة في الميدان ، حتى يتسنى ربح الحرب في ميدان آخر ، حملته حزمات العقوبات القاتلة الأميركية والغربية ، التي تستند بصورة محورية على فعالية أنابيب المال الإفتراضية والى جانبها انابيب الاعلام والمعلومات الافتراضية ايضا ، لإسقاط روسيا بالضربة القاضية ، وبالمقابل حافظ بوتين على برودة إدارته للحرب في الميدان المباشر لضمان تقدم ثابت وتدمير منهجي لمصادر القوة المقابلة ،  وكان محسوما ان يأتي التفوق لصالح روسيا في ميدان الحرب التقليدية للجيوش بفعل فوارق القدرة البشرية ولاتسليحية الهائلة لصالح روسيا ،  ولذلك وضع بوتين مطمئنا ثقله في ميادين الحرب الموازية ، والرئيسية ، حرب صمود الإقتصاد الروسي ، وحرب بدء انهاك اقتصادات الغرب ، ومع مئة يوم من بدء الحرب ظهر أن أنابيب الغاز والموارد الطبيعية اقوى من أنابيب المال  المصارف ، وان الأصول الثابتة تنتصر على الاقتصاد الافتراضي ، و تكرست معادلة قانون حرب جديد ، حيث قوة الأنابيب الإفتراضية تكمن في تدفقها ، بينما قوة أنابيب الأصول الثانية تظهر عند توقفها ، وعندما تتوقف الأنابيب ، يربح من يملك انابيب الصول الثابتة ويفقد صاحب الأنابيب الإفتراضية قدرة التأثير .

- في احتفال حزب الله بأربعين ربيعا على التأسيس  وانطلاق المقاومة ، يحضر كشف حساب التوازن في معادلة المواجهة بين فائض القوة المادي الناتج عن مراكمة المال والسلاح والقوة النارية ، مقابل فائض قوة آت من التأسيس على قيمة مضافة تمثلها القضية والفكرة والمعنويات والروح ، ويثبت أن فائض القوة الناتج عن قيمة مضافة قابل بصورة متكررة للتحول إلى قيمة مضافة جديدة وفائض قوة جديد في عملية مستدامة لا تتوقف ، والحفاظ على التفوق الأخلاقي ، يتيح تكرار العملية وتصاعدها ، بينما فائض القوة الصافي قابل للتآكل ، فيتحول إلى مجرد أكوام من الحديد والمعادن ، أقرب إلى الخردة ، يديرها روبوتات بلا روح ، وحيث تهزم الروح تحسم الحرب لصاحب  الروح المتوثبة بوجه الروح الخامدة ، وتتكرس معادلة انتصار فائض القوة الآتي من قيمة مضافة لقدرته على العودة الى الأصل مجددا كقيمة مضافة ، بينما يبقى فائض القوة الجاف مجرد أرقام في جداول الحساب ، تفقد قيمتها عند إختبار الميدان .

- معادلتا الأصول الثابتة والقوة الافتراضية ، وفائض القوة والقيمة المضافة من جهة موازية ، معادلتان جديدتان نظريا في علم الحرب ، تؤكدان نظرية الاستقطاب التفاعلي لكتابة التاريخ ، حيث الحروب ليست مجرد تقابل بين الجيوش عددا وعدة ، وبين الدول مالا ومقدرات .

2022-06-20 | عدد القراءات 1239