ماذا تعني تسمية نواف سلام ؟
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
- بعيدا عن مدى صدقية القول بأن السفير السابق نواف سلام يتخذ موقفا عدائيا من المقاومة أم لا ، فإن السائد والذي بات متعارفا عليه هو أن ترشيح سلام هو تعبير عن كلمة سر مواجهة مع المقاومة التي يمثلها حزب الله والتي سبق وسجلت تحفظاتها مرارا على تسميته ، ورم من الوقت بعد هذه التحفظات ما يكفي من الوقت ليبادر سلام لتوضيح الصورة ويطبع العلاقة مع المقاومة ، لكنه لم يفعل ، فصارت الرمزية الحتمية لترشيحه هي تحدي المقاومة وحزب الله ، وطرح الإسم في التداول لتكليفه برئاسة الحكومة الجديدة ، يأتي على خلفية الانتقام من نتائج جلسة مجلس النواب التي انتخب فيها رئيس ونائب رئيس وهيئة مكتب مجلس النواب ، وظهر خلالها أن كلا من السفير السعودي ورئيس حزب القوات اللبنانية ، اللذين تحدثا عن نصر في الانتخابات وانتقال الأغلبية إلى ضفتهما ، كان تسرعا وخفة وبعدا عن الواقع ، فيأتي طرح سلام اليوم بعيدا عن قراءة المشهد الحكومي وضروراته ، لتلبية رغبة انتقامية تريد نصرا بأي ثمن ، يرد الإعتبار للسفير السعودي أمام قيادته ، ولا نعلم إذا كانت القوات تحتمل خسارة جديدة لتخوض غمار مغامرة تشبه مغامرة ترشيح زياد حواط وحصاده أصواتا دون الثلث المعطل ؟
- عمليا لا تعني تسمية سلام ، اذا تفوقت أرقامه على ارقام الرئيس نجيب ميقاتي ، ردا للاعتبار للذين يسمونه طالما أنهم لم يحققوا رقم ال65 نائبا ، الذي تحقق في جلسة الإنتخاب الشهيرة لمجلس النواب ثلاثة مرات بطرق مختلفة لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ، ونائبه الياس ابو صعب وأمين السر آلان عون ، خصوصا ان تسمية سلام في حال تحققها ستتم في ظل عدم تصويت الحلفاء الرئيسيين الذين تستهدفهم التسمية ، وهم حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل لمرشح واحد ، خصوصا أن التيار الوطني الحر الذي تتركز عليه الحملات ويراد تظهيره خاسرا ، لن يكون بين الذين قاموا بتسمية ميقاتي ، بينما يكون من يقف بالمقابل قد حشد كل ما يستطيعه للفوز بتسمية سلام ، هذا ما لم يقم التيار بالمشاركة بتسمية سلام أيضا ، فتصير التسمية مدينة له بالفوز وتضيع النشوة السياسية المفترضة في تحقيق نصر ، وبالمقابل لن يشعر ثنائي حركة أمل وحزب الله بالهزيمة فميقاتي لا ينتمي إلى معسكرهما ، وتكون رسالتهما وصلت إلى الطائفة السنية التي خسرت زعامتها باعتزال الرئيس سعد الحريري بأن الثنائي إحترم مكانة رئاسة الحكومة ومرجعيتها بالنسبة للطائفة بالتصويت لصالح أبرز رموزها ، وأكثرهم تأييدا من نواب الطائفة .
- إذا تمت تسمية سلام دون مشاركة أي نائب شيعي بتسميته ، سيكون التكليف أبتر ، بمعزل عن مسألة الميثاقية ، فليس أمرا بسيطا امتناع كل نواب طائفة من الطوائف الثلاثة الكبرى عن تسمية الرئيس الذي تم تكليفه ، وسيكون رئيسا مكلفا يمثل طائفة اسلامية كبرى فاز بأصوات غالبيتها من النواب المسيحيين ، وعند التأليف سيكون على سلام أن يواجه مشكلة مشاركة على هذا الصعيد ، وصولا لمشكلة نيل الثقة دون أي صوت شيعي اذا تم التأليف ، والمشكلة الأهم ستكون في صعوبة الحصول على توقيع رئيس الجمهورية على تشكيلة حكومية تتخذ صفة التحدي عمليا بوجه مكون طائفي رئيسي ، وفقا للمسؤولية الدستورية لرئيس الجمهورية في التحقق من توازن تمثيل الطوائف في الحكومة ، والأرجح في هذه الحالة أن يحصل سلام على التكليف ويفشل في التأليف ، ويسقط التكليف حكما مع نهاية ولاية رئيس الجمهورية ، وتبقى حكومة ميقاتي تصرف الأعمال ، ويخسر سلام وتكون محرقة له ، جرى استخدامه خلالها لمجرد الاحتفال لأيام معدودة بنصر وهمي .
- السؤال لسلام عن سر قبوله بهذا التوظيف لاسمه وهو يعلم عمر الحكومة المقبلة ومشاكل التأليف وحدود القدرة على التحرك ، والسؤال أيضا للحزب التقدمي الاشتراكي ، عن سر مشاركته في هذه اللعبة العبثية وهو الذي يفترض أن يقيم الحسابات الأكثر دقة لأسباب يكررها رئيسه ، والسؤال للتيار الوطني الحر الذي قيل انه يدرس الإنضمام لتسمية سلام ، وهل تكون المفاجأة بأن القوات اللبنانية حسبتها أفضل من الآخرين وقررت وضع ورقة بيضاء ، بعدما تم ضبط عشرة نواب من النواب الـ 13 قالوا إن احدا لا يستطيع التأثير على قرارهم ، فثبت أنهم كما صوتوا وفق التعليمة في انتخابات نائب الرئيس سيفعلون في تسمية الرئيس المكلف .
- كل هذا لا يعني أن حظوظ سلام مرتفعة ، لكنه نقاش ضروري من موقع السجال الافتراضي .
2022-06-22 | عدد القراءات 1283